تنتظر ساكنة مقاطعة عين الشق بمدينة الدار البيضاء بفارغ الصبر تنفيذ الوعود الانتخابية التي قدمها رئيس المجلس، شفيق بن كيران، أثناء تقديم برنامجه الانتخابي خلال الاستحقاقات الأخيرة، والتي تمثلت في تشييد مستشفى إقليمي بالمنطقة.
وحسب المعطيات المتوفرة لدى جريدة “العمق المغربي”، فإن رئيس مقاطعة عين الشق سبق أن وعد الساكنة بتحويل مستشفى مغلق يوجد بشارع برشيد إلى مستشفى إقليمي، بهدف تجويد العرض الصحي بالمنطقة.
وقد تم التداول في هذا الموضوع خلال دورة عادية سنة 2022، غير أنه ظل حبيس رفوف الجلسات، حيث لم يتم إلى حدود الساعة تقديم أي مقترح عملي يروم إعادة تأهيل المستشفى المذكور.
ووفقا لمصادر محلية، فإن ساكنة منطقة عين الشق تعاني من ضعف كبير في الخدمات الصحية، ما يضطر العديد من المواطنين إلى التنقل لمستشفيات خارج المنطقة لتلقي العلاجات الضرورية، وهو أمر يثقل كاهلهم، خاصة في ظل تردي الأوضاع المعيشية.
وإلى جانب هذا الإخلال بالالتزامات، كما وصفته ساكنة عين الشق في تصريحات متفرقة للجريدة، فشل رئيس المقاطعة أيضا في الوفاء بوعد آخر يتعلق بتحويل أرض الخيرية إلى فضاء ترفيهي لفائدة الساكنة، وهو مشروع أثار جدلا واحتقانا داخل المجلس، حيث انقسم الأعضاء بين مؤيد ومعارض.
وأكد رشيد لزرق، المحلل السياسي أن الوعود الانتخابية التي يطلقها المرشحون خلال الحملات الانتخابية ليست مجرد شعارات مرحلية، بل تمثل تعاقدا أخلاقيا وسياسيا بين المنتخبين والمواطنين الذين منحوا ثقتهم عبر صناديق الاقتراع.
وقال لزرق، في تصريح لجريدة “العمق المغربي” إن “أي إخلال بهذا التعاقد، أو تراجع عن تنفيذ الالتزامات المعلنة، يعد جريمة أخلاقية تمس جوهر العلاقة بين الناخب والمنتخب، وتضرب في العمق مصداقية العملية الديمقراطية”.
وشدد لزرق على أن المجالس الترابية، خاصة في المدن الكبرى، تلعب دورا محوريا في التنمية المحلية، لكونها تشكل حلقة وصل حقيقية بين الدولة والمواطن. فهي ليست فقط مجالس تُعنى بتدبير الشأن المحلي، بل أيضًا مؤسسات قادرة على تأطير المواطنين والمساهمة في تشكيل وعيهم المدني، عبر بلورة سياسات قريبة من انتظاراتهم اليومية.
وأوضح أن رؤساء المجالس الترابية يتمتعون بامتيازات كبيرة، سواء من حيث السلطة أو من حيث الإمكانيات المتاحة لهم، لاسيما عندما يكونون مدعومين بأغلبية مريحة تنتمي لنفس اللون السياسي الذي يقود الحكومة.
واعتبر المحلل السياسي أن هذا الانسجام السياسي يفترض أن يُسهّل عملية اتخاذ القرار وتفعيل البرامج، غير أن ما يحدث في الواقع، بحسب تعبيره، “هو غياب التنافس السياسي الحقيقي داخل المجالس، مما يجعل بعض المنتخبين في موقع راحة يغيب فيه الضغط والمساءلة، ويضعف فيه الأداء التمثيلي”.
وأضاف المتحدث أن أزمة الثقة التي باتت تخيم على علاقة المواطنين بالمؤسسات المنتخبة لا تُختزل فقط في مظاهر العزوف عن المشاركة السياسية، بل تتجلى بوضوح في مشاعر الإحباط وخيبة الأمل التي تنتاب المواطنين حين يكتشفون أن من انتخبوهم لم يلتزموا بما وعدوا به، بل في كثير من الأحيان باعوا لهم “أوهامًا” لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.
واعتبر الأكاديمي أن هذا النوع من الممارسات يُضعف الإيمان بالديمقراطية التمثيلية، ويُكرس نظرة سلبية تجاه العمل السياسي.
وختم لزرق حديثه بدعوة الفاعلين السياسيين إلى استعادة الثقة المفقودة، عبر تبني ميثاق أخلاقي واضح، يقوم على الصدق والواقعية في الخطاب، والالتزام الجاد بتنفيذ البرامج والوعود، لأن “الثقة لا تُمنح بالمجان، بل تُكتسب بالفعل والإنجاز”.
وحاولت جريدة “العمق المغربي” التواصل مع شفيق إبن كيران رئيس مقاطعة عين الشق بالدار البيضاء غير أنه تجاهل أسئلة الجريدة.