طالبت المعارضة بمجلس جماعة القصر الكبير، عامل إقليم العرائش، بفتح تحقيق عاجل بشأن ما وصفته بـ”خروقات جسيمة” شابت تنفيذ عدد من مشاريع تهيئة الطرق الجماعية داخل المجال الحضري للمدينة، متهمة رئيس المجلس الجماعي محمد السيمو بارتكاب “اعتداءات مادية” على أملاك مواطنين خارج المساطر القانونية، مما قد يترتب عنه تبديد للمال العام.
وجاء في مراسلة وجهها سبعة أعضاء من المعارضة إلى عامل الإقليم، أن مشروع الطريق الرابط بين “مقهى دعاء” ومنطقة “الكشاشرة” شهد اعتداء ماديا على أملاك خاصة تعود لأزيد من 15 مواطنا، بلغت مساحتها الإجمالية حوالي 31.625 مترا مربعا، دون أي سند قانوني أو إداري، ودون احترام الإجراءات المنصوص عليها في قانون نزع الملكية رقم 7.81.
وأشارت المراسلة إلى أن بعض المتضررين لجؤوا إلى القضاء الإداري، الذي أصدر أحكاما ابتدائية واستئنافية تقضي بتعويضات تتراوح بين 200 و2000 درهم للمتر المربع، وهو ما يُنذر، حسب المراسلة، بتضخم مبالغ التعويضات النهائية وتجاوزها سقف 3 مليارات سنتيم، مما يشكل تهديدا كبيرا لتوازن مالية الجماعة.
واعتبرت المعارضة أن ما حدث يمثل خرقا صريحا للفصل 35 من الدستور، الذي ينص على حماية الملكية الخاصة، ولا يسمح بالحد منها أو نزعها إلا وفق القانون، مؤكدة أن رئيس الجماعة “أقدم على تنفيذ المشروع دون أي تسوية قانونية للعقار”، ما يشكل “نزعا غير مشروع للملكية الخاصة”، وفق تعبيرها.
كما انتقد أعضاء المعارضة إغفال الجماعة لمقتضيات قانونية كان من شأنها تقليص كلفة هذه المشاريع، من بينها الفصل 66 من قانون نزع الملكية الذي يسمح بتقويم العقار المنزوع جزئيا بناء على مبدأ “زائد القيمة”، والمادة 37 من قانون التعمير 12.90 التي تُتيح فرض “المساهمة المجانية” على المالكين المجاورين للمشاريع الطرقية، باعتبارهم من المستفيدين من قيمتها المضافة.
وطالب أعضاء المعارضة في رسالتهم إلى العامل، بـ”فتح تحقيق معمق في هذه الخروقات المتكررة، وتفعيل آليات الرقابة الإدارية على الجماعة، وحماية مالية المؤسسة من الاستنزاف، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه كل من ثبت تورطه في هذه التجاوزات”.
وفي هذا السياق، قال عبد الرحمن العلمي، عضو المعارضة بجماعة القصر الكبير، إن “جميع الطرق التي تم تهيئتها خلال الولايتين الحالية والسابقة تشوبها شبهات اعتداء مادي، دون أي مساطر واضحة للتراضي أو نزع الملكية”، مضيفا: “السؤال الجوهري هو كيف يتم الشروع في إنجاز مشروع فوق أرض لا تتوفر الجماعة على أي صفة قانونية للتصرف فيها؟”.
وأشار العلمي في اتصال لجريدة “العمق”، إلى أن مشروع الطريق المذكور يدخل ضمن عملية ضم الأراضي الفلاحية، وهي خاضعة لقوانين تنظيمية خاصة، متسائلا عن الجهة التي منحت رئيس الجماعة الصلاحية لبدء الأشغال دون تراخيص أو تصاريح، على حد قوله.
وأضاف المتحدث أن “رئيس الجماعة تجاهل كليا الخطب الملكية التي تؤكد على ضرورة التسوية العقارية قبل الانطلاق في أي مشروع، مما يعرض الجماعة لاحقا لأحكام قضائية مكلفة من شأنها إنهاك ميزانيتها”، مشددا على أن “المشكل ليس في طريق واحدة، بل في نهج ممنهج لتجاوز القانون”.
وتأتي هذه المراسلة في سياق متوتر يطبع الوضع القانوني لرئيس جماعة القصر الكبير، محمد السيمو، الذي يمثل أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، في ملفات تتعلق بتبديد المال العام وتضارب المصالح.
ويُتابع السيمو، إلى جانب 12 شخصا آخر، من بينهم مستشارون وموظفون بالجماعة ومقاولون، على خلفية ثلاث قضايا مدمجة تتعلق بصفقة بناء قاعة مغطاة، واقتناء عقار مملوك لعضو بالمجلس، واختلالات في سندات طلب ومنح مالية لجمعيات حديثة التأسيس.
وخلال آخر جلسة، واجه القاضي السيمو بتفاصيل صفقة شراء عقار من شركة يملكها مستشار جماعي، في خرق محتمل للقانون التنظيمي للجماعات، وهو ما نفاه المتهم، مبررا توقيعه على الصفقة بجهله باللغة الفرنسية، حيث انهار باكيا، وهو ما أثار جدلا داخل المحكمة.
ويرتقب أن تُستأنف جلسات المحاكمة في نهاية شهر يونيو الجاري، في انتظار ما ستكشف عنه مرافعات الدفاع وموقف النيابة العامة، وسط متابعة دقيقة من الرأي العام المحلي والوطني.