يرى أخصائيون في الحمية والتغذية أن عيد الأضحى هذا العام، في ظل غياب ذبح الأضاحي، يشكّل فرصة سانحة لإعادة التفكير في علاقتنا بالغذاء، خاصة في ما يتعلق باستهلاك اللحوم الحمراء التي ترتبط تقليديًا بهذه المناسبة، مؤكّدين أن الابتعاد عن الطقوس المعتادة يمنح مساحة للتأمل في أثر سلوكنا الغذائي على الصحة، ويدعو إلى تبني نمط تغذية أكثر توازنًا ووعيًا.
هيام اليوسفي، أخصائية في الحمية والتغذية، قالت إن “عيد الأضحى لهذا العام يُعد فرصة مناسبة لمراجعة العادات الغذائية، خاصة لدى الأشخاص المصابين بالسكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والدهون الثلاثية، بالإضافة إلى من يعانون من النقرس”، مشددة على أن “توازن الوجبات في هذه المناسبة يمكن أن يحمي من مضاعفات صحية خطيرة”.
وأوضحت اليوسفي، في تصريح لهسبريس، أن “وجبة الفطور يجب أن تكون متوازنة، وتضم نشويات كاملة مثل خبز الشعير أو الشوفان، مع بروتينات خفيفة كبيض الدجاج البلدي أو الجبن، مرفقة بالقليل من زيت الزيتون”، مضيفة أن “تناول قهوة أو شاي بدون سكر يساعد على تحقيق توازن في بداية اليوم”.
وأشارت الأخصائية ذاتها إلى ضرورة “بدء وجبة الغذاء بطبق من السلطة”، معتبرة أن “الخضر النيئة تُسهّل الهضم وتُقلل من امتصاص الدهون”، ودعت إلى “اختيار لحوم بيضاء مثل الدجاج أو السمك، مع نشويات معتدلة، كالأرز أو البطاطس أو القطاني”.
ودعت الأخصائية في الحمية والتغذية إلى “تقليص استهلاك اللحوم الحمراء خلال العيد، وتعويضها بالأسماك الغنية بالدهون الصحية، مثل السردين والسلمون”، مبرزة أن “هذه الأسماك تُساعد على خفض الكوليسترول وتُقلل من التهابات الجسم، كما تقي من أمراض القلب والشرايين”، مشيرة إلى أن “هذه المناسبة فرصة ذهبية للتصالح مع التغذية الصحية”.
لفتت اليوسفي إلى أن “تناول اللحم الأحمر يجب أن يظل في حدود المعقول، ولاسيما لدى من يعانون من أمراض مزمنة”، مضيفة: “لا بأس بتناول قطعة مشوية من لحم البقر أو اللحم المفروم مرة واحدة في الأسبوع، شريطة إزالة الدهون الزائدة، وبدء الوجبة بطبق من الخضر لتقليل امتصاص الدهون”.
وأوصت الأخصائية في الحمية والتغذية بـ”اعتماد وصفات مغربية صحية كبدائل للدهون المشبعة، مثل الدجاج المحمّر مع ‘الدغميرة’، أو ‘البسطيلة’ المحضّرة بالدجاج أو السمك”، مشددة على “أهمية إرفاق هذه الأطباق بالسلطة وخبز القمح الكامل”.
وبالنسبة للعشاء نصحت هيام اليوسفي بـ”تناول أطباق خفيفة، مثل الحريرة المغربية أو السلطة مع بروتين خفيف، كالدجاج أو السمك المشوي”، مؤكدة أن “وجبة العشاء يجب أن تكون سهلة الهضم، خالية من الدهون الثقيلة، للحفاظ على راحة الجهاز الهضمي بعد يوم مليء بالأطعمة”.
الدكتورة أسماء زريول، أخصائية في التغذية والحمية العلاجية، قالت إن “إلغاء ذبح الأضاحي هذه السنة لا يشكل تأثيرًا كبيرًا على الصحة”، موضحة أن “عدم تناول لحم العيد لا يضر بالجسم، ما دام التوازن الغذائي يُفترض أن يكون سلوكًا دائمًا طوال السنة”.
وأوضحت زريول، في تصريح لهسبريس، أن “التوصيات الصحية الأخيرة تنصح بتناول اللحوم الحمراء مرة واحدة في الأسبوع على الأكثر بالنسبة للأشخاص الأصحاء، وهو ما يجعل عدم استهلاكها خلال فترة العيد أمرًا لا يتطلب تعبئة أو مجهودًا خاصًا”.
ودعت الأخصائية في التغذية والحمية العلاجية إلى “استبدال بعض العادات الغذائية المغربية في يوم العيد، من خلال إعداد أطباق لا تعتمد على لحم الأضحية، واللجوء إلى أطباق احتفالية تقليدية بمكونات مختلفة”، معتبرة أن “المناسبة فرصة أيضًا لتقليص التركيز على وجبة الغداء وإعادة الاعتبار للأبعاد الاجتماعية والدينية للعيد، كصلة الرحم والاحتفاء الجماعي”.
وبخصوص المقترحات الغذائية البديلة أوصت الدكتورة أسماء زريول بـ”إعداد أطباق متوازنة بالخضر الموسمية، وتحضير وصفات مغربية ذات طابع احتفالي، مثل اللحم بالبرقوق لمن يتوفر على لحم البقر العادي، أو الكسكس، أو أطباق ترتكز على الخضر، مع تقديم مقبلات مغربية تقليدية كـ’الزعلوك’ و’التكتوكة’، لما تضفيه من أجواء احتفالية على المائدة”.
وفي ما يتعلق بالإقبال الذي سُجّل قبل أيام العيد على “الدوّارة” نبهت الأخصائية إلى أن “أحشاء المواشي لا تُجمّد، وشراؤها بهدف تجميدها وشيِّها لاحقًا أمر غير صحي، لأنها من المواد سريعة التلف، ولا يُنصح أبدًا بتجميد مكوناتها، سواء الكبد أو الرئة أو باقي الأجزاء”، مشيرة إلى أنه “يمكن لمن يرغب في الشواء اللجوء إلى بدائل متوفرة، كلحم الدجاج والسمك…”.