آخر الأخبار

المعارضة تهاجم الحكومة: إصلاح التعليم فشل.. ومدارس الريادة تكرس الفوارق وتضرب الهوية - العمق المغربي

شارك

شنت فرق ومجموعات المعارضة البرلمانية بمجلس النواب، هجوما حادا على الحكومة، متهمة إياها بتقديم صورة غير واقعية عن وضع المنظومة التعليمية، وبفشلها في تفعيل القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية، معتبرة أن مشروع “مدارس الريادة” يعمّق الفوارق داخل المدرسة العمومية، ويُدار وفق مقاربة تجزيئية تفتقر إلى الشمولية والنجاعة، وفق تعبيرها.

وانتقدت الفرق والمجموعات خلال جلسة المساءلة الشهرية المخصصة لموضوع إصلاح التعليم، اليوم الاثنين، تغييب الكفاءات الوطنية في تقييم البرامج التعليمية، والتسرع في إقرار المراسيم المتعلقة بلغة التدريس والتوجيه المدرسي، وارتباك التنزيل والضرر المباشر بمبدأ التناوب اللغوي، خصوصا مع فرض الفرنسية بالسلك الإعدادي.

كما نبهت إلى معطيات مقلقة بشأن ضعف تحكم التلاميذ في المقررات الدراسية، وارتفاع نسب الانقطاع، وتنامي مظاهر الهدر الأخلاقي داخل بعض الأنشطة التربوية، مؤكدة أن الحكومة، بدل معالجة هذه الأعطاب، اختارت الاستمرار في تهميش المرجعيات الوطنية وتجاهل تقارير المؤسسات الدستورية.

صورة وردية

في تعقيبه باسم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، قال النائب محمود عبا إن الحكومة تقدم صورة وردية معزولة عن الواقع، وتتجاهل الاختلالات التي تعاني منها المنظومة، رغم تقارير المؤسسات العمومية والدستورية، ومخرجات القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية، مسجلا ضعف نجاعة المدرسة العمومية، وغياب تكافؤ الفرص، ومحدودية تأثير الإصلاحات، وضعف القيادة، وتراجع الثقة، وضعف اندماج التعليم في محيطه الاقتصادي والاجتماعي.

وأشار إلى أن التعليم الأولي يُدار بمنطق المناولة، حيث 90% منه تشرف عليه ثلاث جمعيات، في حين تتولى 240 جمعية جهوية النسبة المتبقية، مضيفا أن خمسين ألف مربية، بينها عشرون ألفا في العالم القروي، يعملن في غياب ضمانات قانونية، داخل عقود إذعان.

وانتقد الفريق تجربة “مدارس الريادة”، معتبرا أن عدد المستفيدين محدود، والوتيرة بطيئة، والكلفة مرتفعة، حيث يُستنزف الجزء الأكبر من التمويل في المعدات والبنيات. كما سجل لجوء الحكومة إلى مؤسسات أجنبية للتقييم، واعتبر ذلك مكلفا، متجاهلا للكفاءات الوطنية، وخارجا عن السياق الثقافي المغربي.

واعتبر أن الحكومة تعمّق الفوارق داخل المدرسة العمومية، وتعطل قدرات المدرّس عبر إغراقه بالمذكرات والتعليمات، وتقييد اجتهاده، مشيرا إلى أن الإصلاح في صيغته الحالية غير مكتمل، وأن الحكومة لم تفعّل القانون الإطار، وانحرفت عن الرؤية الاستراتيجية التي كانت ثمرة توافق وطني.

وسجل الفريق استمرار تدني جودة التعليم، وتعثر ورش تحسين أوضاع المدرّسين، واتساع الفوارق المجالية، وغياب الربط بين التعليم وسوق الشغل، وتأخر رقمنة التعليم، وضعف الحكامة وتعدد المتدخلين.

وصف الفريق مشروع مدارس الريادة بأنه تجربة دعائية تستند إلى أرقام مختبر (MEL)، ولا تصمد أمام واقع التنزيل، معتبرا أن المشروع جزء من سياسة تفكيك وتسليع المدرسة العمومية، وخضوعها لمنطق السوق، عبر تقليص الإنفاق العمومي، وتهميش الأطر الوطنية، واستقدام فاعلين أجانب تحت مسميات الشراكة في الأنشطة المدرسية والدعم التربوي.

لوبيات المال

من جانبه، اعتبر النائب حسن أومريبط، عن فريق التقدم والاشتراكيةـ أن الحكومة تعاملت مع البرلمان كغرفة تسجيل، متجاهلة البعد الدستوري لمساءلة رئيس الحكومة، ومؤكدا أن “الدولة الاجتماعية” تحوّلت إلى شعار بلا مضمون، مشيرا أن الحكومة وجدت أمامها وثائق جاهزة، بينها وثيقة النموذج التنموي، والرؤية الاستراتيجية، والقانون الإطار، لكنها اختارت خارطة طريق موازية، وغيّرت الوزير، ليستمر مسلسل “إصلاح الإصلاح”.

وأضاف أن الحكومة فشلت في التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي، منها تصنيف المغرب ضمن أفضل 60 بلدا تعليميا، ومراجعة البرامج والمناهج، وتعميم اللغة الأمازيغية، وزيادة أجور نساء ورجال التعليم بـ2500 درهم، مشيرا إلى أن الاستجابة جاءت جزئية، بعد أشهر من الاحتجاجات.

ودعا إلى التنفيذ الكامل لمخرجات الاتفاق الاجتماعي القطاعي، وتطبيق النظام الأساسي الجديد في أقرب الآجال، موجها التحية إلى نساء ورجال التعليم، وخاصة العاملين في المناطق النائية، مشيرا إلى استمرار الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات والعالم القروي، حيث يغادر 295 ألف تلميذ الدراسة سنويا، ما يعمّق أزمة فئة “النيت”، التي تضم أكثر من أربعة ملايين شاب.

واعتبر أن الحكومة تخلّت عن إحداث مركّبات جامعية، مسجل ارتفاع نسبة الهدر الجامعي إلى 50%، وضعف التأطير الجامعي، وارتفاع بطالة الخريجين إلى نحو 30%، ووجود 1400 طالب باحث فقط لكل مليون نسمة، مع ضعف ميزانية البحث العلمي التي لا تتجاوز 0.75% من الناتج الداخلي الخام.

وأشار الفريق إلى تردي خدمات المدرسة العمومية رغم اعتماد “مدارس الريادة”، واستمرار اختلالات في الكتاب المدرسي، وصعوبة مراقبة التعليم الخصوصي، وفرض رسوم وكتب غير معتمدة، مع ارتفاع كلفة مستلزمات الدراسة، وحذف برنامج “مليون محفظة”، وتعويضه بمساعدات مالية محدودة.

واعتبر أن الفجوة الرقمية، والاكتظاظ، وغياب النقل والمدارس الجماعاتية، وتهالك البنية التحتية، كلها عوامل تفسّر عمق أزمة التعليم في المغرب، معتبرا الحكومة “استنفدت زمنها السياسي”، واهتمت بلوبيات المال أكثر من أسرة التعليم، مذكّرا بالدعم العمومي الموجه لمستوردي المواشي ومهنيي النقل، مقابل ضعف التمويل المخصص لإصلاح منظومة التعليم.

الهوية الوطنية

من جانبها وجهت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية انتقادات حادة للحكومة خلال الجلسة الشهرية، متهمة إياها بتجاهل الأزمات الحقيقية التي تعاني منها المنظومة التعليمية، معتبرة أن اختيار موضوع “مدرسة الريادة وجامعة التميز” جاء لتحويل الأنظار عن الإخفاقات الكبيرة في القطاع، بينما تتراكم المشاكل التي تؤثر مباشرة على جودة التعليم ومستقبل الأجيال.

ونقلت المجموعة النيابية ما اعتبرتها أرقاما صادمة تعكس فشل مشروع مدرسة الريادة، حيث أظهرت التقارير أن الغالبية العظمى من التلاميذ لا يتمكنون من استيعاب المقررات الدراسية بشكل كامل، إضافة إلى حالات انقطاع جماعي عن الدراسة في المؤسسات التجريبية، فيما وصفته المجموعة بـ”النموذج الفاشل” الذي يكرس الفوارق بين المؤسسات التعليمية.

وأكدت المجموعة النيابية أن الحكومة “تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الإطار للتربية والتكوين، خاصة فيما يتعلق بالسياسة اللغوية حيث تم فرض اللغة الفرنسية إجباريا في التعليم الإعدادي”، مستنكرة بشدة الممارسات داخل المؤسسات التعليمية التي تمس بالقيم المغربية الأصيلة، داعية إلى احترام الهوية الوطنية في المناهج والأنشطة المدرسية.

كما أثارت المجموعة ما وصفته بـ”عرض مشاهد لأفلام خليعة وخادشة للحياء” في بعض الأنشطة الموازية الموجهة لتلاميذ إعداديات الريادة، معتبرة أن هذا التوجه يمثل اختزالا مخلا للحياة المدرسية، ومثيرا لاستنكار واسع في صفوف الفاعلين التربويين وجمعيات أولياء التلاميذ.

وانتقدت المجموعة تغييب الهيئة الوطنية للتقييم من عملية تقييم المشروع، وتكليف جهات خارج منظومة التدريس بعملية المتابعة والتقييم، ما أدى إلى تناقض في المرجعيات المعتمدة بين المرجعيات التربوية الوطنية ومرجعيات مقاولاتية وتدبيرية لا تنتمي إلى حقل التربية والتعليم.

انتقادات المجموعة النيابية، شملت ملف التعليم العالي، منتقدة صمت الحكومة عن واقعة كلية الحقوق بجامعة ابن زهر، مشيرة أن نسب الهدر الجامعي تصل إلى 50%، مع إلغاء عشرات المؤسسات الجامعية دون مبررات مقنعة، إضافة إلى المعاناة اليومية للطلبة بسبب نقص المنح والسكن الجامعي، مما يحرم آلاف الطلبة من حقهم في التعليم العالي.

ودعت المجموعة النيابية إلى لإصلاح المنظومة التعليمية بشكل جذري، مع التركيز على معالجة الاختلالات الهيكلية وضمان تكافؤ الفرص لجميع التلاميذ، مطالبة بإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وتوفير الدعم الكافي للطلبة، مع احترام التوصيات الدستورية والقانونية التي تضمن جودة التعليم للجميع.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا