في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
حصيلة ثقيلة خلّفتها “فاجعة عمارة فاس” بعدما تسبب حادث انهيار العمارة السكنية بالحي الحسني في مقاطعة المرينيين بمدينة فاس، الذي وقع ليلة الخميس- الجمعة، في 10 وفيات و6 مصابين (3 أطفال و3 بالغين) ما زالوا قيد المراقبة الطبية داخل “مستشفى الغساني”، وفق ما صرح به مدير الأخير.
“فاجعة فاس” الأليمة أعادت إلى الأذهان حوادث انهيار مشابهة لدور آيلة للسقوط أو “متصدّعة” طالما تلقى قاطنوها أوامر وتحذيرات بإخلائها بعد أن تكون موضوع “قرار إداري بالإفراغ” منذ سنوات؛ غير أن بعض الأسَر تأبى أن تغادرها إلا محمولة على النعوش.
رسميا، أوضحت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن البناية السكنية المكونة من طوابق عديدة “صنفتها السلطات المحلية في خانة البنايات الآيلة للسقوط ذات الخطورة العالية سنة 2018″، كاشفة لهسبريس أن “السلطات في تلك الفترة (قبل سبع سنوات)، باشرت إجراءات الإخلاء في حق ساكنة البناية، وقبلت ثماني أُسر القرار؛ لكن خمس أسر أخرى رفضت ذلك”.
وأضافت: “أشعر كما جميع المغاربة بحزن كبير جراء هذا الحادث”، مقدمة “تعازيها العميقة والحارة لأسر الضحايا”.
حيثيات الحادث، الذي أفجع المغاربة مع أولى ساعات يوم الجمعة، جدّد مصفوفة من التساؤلات حول تصنيف البينات آيلة للسقوط ذات صنف الخطورة العالية وقرارات الإخلاء التي تعقُب “معطيات تقنية وعلمية دقيقة، وليس محض إرادة أية جهة”، وفق إفادة المسؤولة الحكومية الوصية على الإسكان.
أوضح علي لقصب، مستشار جماعي فاعل مدني رئيس “جمعية مواطن الشارع”، أن “فاجعة انهيار عمارة الحي الحسني أعادت النقاش حول وضعية الدور الآيلة للسقوط إلى الواجهة”؛ مشددا على كونها “تجعلُنا مرة أخرى نسائل مختلف المتدخلين في تدبير هذا الملف حول نجاعة المقاربة المعتمدة في تسوية وضعية هذه البنايات”.
وأضاف لقصب، متحدثا ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذه الأسئلة تتجدد خاصة مع رفض الساكنة المعنية لمبالغ التعويض المقررة من لدن السلطات المعنية على اعتبار هزالتها وعدم قدرتها على توفير سكن بديل، وأحيانا أخرى رفض إخلاء المنازل المهددة نظرا لغياب الاعتمادات المالية لتعويض المعنيين بالإفراغ”.
واسترسل شارحا أن هذا “يستلزم إعادة النظر في هذه التدخلات وإقرار برنامج مستعجل بطابع اجتماعي تساهم فيه الجماعات الترابية والسلطات المحلية والمصالح الحكومية المعنية من أجل إعادة إسكان قاطني المنازل المهددة بالانهيار بمدينة فاس؛ على غرار برنامج ‘إسكان قاطني دور الصفيح’، الذي أثبت نجاعته وفعاليته”، وفق تقدير المتحدث.
وختم بتوصية “ضرورة إطلاق برنامج تحسيسي وتوعوي بمشاركة المجتمع المدني من أجل تعريف وتحسيس عموم المواطنين والمواطنات بخطورة هذه المنازل والمساطر المعتمدة لإشعار السلطات بالمنازل المهددة أو الآيلة للسقوط”.
أكد أحمد مزهار، عضو ائتلاف مبادرات المجتمع المدني ورئيس شبكة القرويين للتنمية والحكامة، “الأصل أن يتم الإخلاء من لدن السلطات العمومية بطريقة قوية حتى تتمكن من حل جذري وفعلي لهذا الإشكال المتجدد الذي يؤرق نوم ساكنة المدن العتيقة أو ذات الطابع التاريخي لبناياتها مثل فاس”.
وفي حديثه لجريدة هسبريس، لفت مزهار الانتباه إلى أن “المقاربة لاستئصال هذا النوع من السكن عالي الخطورة على الأرواح، يجب أن يستحضر محاربة البناء العشوائي”؛ وقال “مثلا هذا ما تجسد في حالة الحي الحسني المعروف بالبناء في ظروف غير قانونية وأنه شيّد في الظلام”، بتوصيفه.
وزاد طارحا “تساؤلات حول دور السلطات المحلية عند بناء هذه المنازل بشكل غير قانوني أو لا يحترم المعايير المتوافق بشأنها لضمان سلامة البنايات”، قبل أن يشير إلى أن “السكان رفضوا الإخلاء سابقا واحتجوا عند ممثل السلطة المحلية “قائد”؛ غير أن السلطات لم تبالِ بمطالب السكان، مما يثير تساؤلات حول مسؤوليتها”، حسب مزهار.
ولم يتوان رئيس شبكة القرويين للتنمية والحكامة في توجيه “الدعوة إلى اتخاذ إجراءات حازمة لتجنب تكرار الكارثة”، ضاربا مثالا على “حل مشابه في منطقة مفتوحة تم فيه التعامل مع القضية”.
كما شدد مزهار على “دور حاسم يمكن للمجتمع المدني أن يلعبه إيجابا في إقناع السكان الرافضين للإخلاء بأن ذلك لِصالحهم”، معتبرا أن “أكبر عائق هو ترحيل السكان إلى خارج مدينة فاس”، وخاتما بأن “من مسؤولية الدولة تقديمُ حلول مرضية للسكان ومحاولة الإخلاء بالقوة (أحيانا) لدرء المخاطر قبل حدوثها”.