آخر الأخبار

معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات

شارك

نظم المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، مساء الإثنين، ضمن فعاليات الدورة 30 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، حفل تقديم كتاب “بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة: رؤى ونماذج في مجال التنمية والبناء المؤسساتي”، وهو العمل الذي اشتغل عليه المعهد بشراكة مع مكتب نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث، بغرض إجراء “رصد شامل لمقومات العلاقات بين الرباط وأبوظبي”.

شراكة مميزة

محمد توفيق ملين، المدير العام للمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية، قال إن المعهد تجمعه مع المجلس الإماراتي سالف الذكر “علاقات متميزة منذ سنة 2015″، مسجلا أن ذلك “في إطار تحالف مراكز البحث والثقافة العربية”، وتابع: “للتذكير بسياق هذا العمل الجماعي من الواجب الإشارة إلى مساهمة المعهد، من خلال مشاركته في جميع نسخ منتدى الفكر والثقافة العربية، وكذا حرصه على اقتراح توصيات عملية أمام الرهانات والتحديات التي تواجهها الأمة العربية”.

مصدر الصورة

وأضاف ملين أن الكتاب موضوع التقديم جاء مباشرة بعد الزيارة التي أجراها الملك محمد السادس في دجنبر 2023 إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعوة من الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، موردا أن “الزيارة تُوجت بتوقيع إعلان شراكة مبتكرة وراسخة، بالإضافة إلى عدة مذكرات تفاهم في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، والاستثمارية”.

وأفاد المتحدث ذاته بأن الندوة التي نظمها المعهد في يناير 2024، بمدينة الرباط، وكان محورها تقديم كتاب جمال سند السويدي الموسوم بـ”صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية”، شكلت الانطلاقة الحقيقية لمشروع الكتاب، موضحا أن “أول خطوة عملية هي مناقشة فصول ومحاور الكتاب خلال ندوة دولية نظمها المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في أبريل 2024، بشراكة مع الجامعة الأورومتوسطية بفاس، ومكتب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان”.

وذكر المدير العام للمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية أن عنوان الندوة حينها هو “بين المغرب والإمارات.. تجارب ورؤى في مجال التنمية والبناء المؤسساتي”، وهو العنوان الذي تم اختياره للكتاب أيضا، مسجلا أنه “انكبّ على استعراض مختلف تجليات العلاقات التي تجمع قائدي البلدين، ومن خلالهما بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتحليلها وإبراز خصوصياتها، واستشراف السبل الكفيلة بالمساهمة في تحقيق الدينامية والزخم الجديدين”، وزاد: “كما أن المرجعية المشتركة، والمبادئ التي شكّلت أساسًا لبناء علاقات إستراتيجية في الماضي، ستظل تلهم توجهات البلدين مستقبلًا”.

مصدر الصورة

مفاهيم جديدة

عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج وأحد المساهمين في الكتاب، تطرق إلى بعض المفاهيم التي يختبرها في مشاركته البحثية ضمن المؤلف، ومنها مفهوم التسامح، موردا: “إننا في المغرب ربما مدعوون، خاصة المثقفين، الباحثين، المؤرخين، السوسيولوجيين، إلى جانب علماء الدين، إلى نحت مصطلحات جديدة تعبر عن كُنه وماهية وجوهر إمارة المؤمنين”.

وسجل بوصوف أن “مفهوم التسامح ظهر في بيئة تاريخية معينة، في سياق العلاقة بين البروتستانت والكاثوليك؛ فالكاثوليك كانوا ‘يتسامحون’ مع البروتستانت لأنهم ‘ضلوا الطريق’، ريثما يعودون إلى ‘البيت الأم'”، واستردك: “لكن ما هو موجود في المغرب فريد، إنه ‘الجوار الديني’. لدينا الجوار، وما يفرضه من تعامل وحلٍّ للقضايا والإشكالات في الحياة اليومية”، مضيفا: “عندما نجد في مدن كفاس، مثلًا، اليهودي يتجاور مع المسلم في الحياة العملية اليومية فإننا نتحدث عن الجوار، والتساكن، والائتلاف”.

وأفاد الباحث في العلوم الإنسانية بأن “إمارة المؤمنين هي نظام حكم ينبني على عقد البيعة، الذي يتحقق فيه شرط العقد الاجتماعي لجون جاك روسو”، مردفا: “عقد البيعة يختلف عن الملكيات الأخرى. وكل القراءات التي تناولت موضوع الملكية في المغرب وقعت في فخ الإسقاط؛ إسقاط التجربة التاريخية والصيرورة التاريخية للملكيات في الغرب، في حين أنها تختلف عن الملكية المغربية جملة وتفصيلًا”.

مصدر الصورة

واعتبر المتحدث أن “عقد البيعة يتوفر فيه شرط العقد الاجتماعي، كما يتوفر فيه شرط ‘الناخبين الكبار’ في الديمقراطية الأمريكية، باعتبار أن هذه البيعة يقوم بها ‘أهل الحل والعقد'”، متابعا بأن “البيعة نظام سياسي ديمقراطي بامتياز، تتوفر فيه عناصر الديمقراطيات الكبرى في العالم، مثل الديمقراطية الفرنسية (عقد روسو)، والديمقراطية الأمريكية (الناخبون الكبار)”.

كما قال بوصوف إن “هذه البيعة هي الضامنة لحرية المعتقد، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وما يقابلها في النظام العلماني هو الفصل الثاني من قانون 1905، حيث تنص الدولة على أنها الضامنة لحرية الضمير والمعتقد”، مضيفا أن “فرنسا إذا كانت وجدت توازنها المجتمعي في إطار نظام العلمانية فإن نظام إمارة المؤمنين أيضًا يوفر هذا الشرط، ويحقق هذا التوازن المجتمعي بضمانه حرية المعتقد وأداء الشعائر”.

التاريخ الطويل

المساهم في الكتاب والأكاديمي عبد الرحمن طمكول شدد على أن “فلسفة التاريخ تصرّ على أن التاريخ طويل، وأقواسه قصيرة”، موضحا أنه “عبر التاريخ هناك دول وشعوب وأمم اختارت المراهنة على التاريخ الطويل من أجل بناء حضارة قوية تتواشج مع الحضارة الإنسانية، وبالتالي ضمنت لها وتضمن لشعوبها العيش في الأمن والرخاء والاستمرارية، بينما هناك دول لم تنتهج النهج نفسه، واختارت سجن نفسها في أقواس قصيرة”.

مصدر الصورة

وأشار طمكول إلى أن “المغرب والإمارات اختارا المراهنة على التاريخ الطويل، أي مواكبة النماء والتطور في انسجام بين الدولة والشعب”، مبرزا أنه “في ما يخص المملكة المغربية فقد راهنت على بناء هذا التصور والسير بالشعب والأمة إلى أعلى المدارج انطلاقا من بناء اقتصاد المعرفة؛ أي التوجه بالمجتمع نحو بناء مجتمع شبكي، رقمي، مبتكر، مبدع، حتى يتسنى للدولة في تواشج مع المجتمع تخطي التحديات، ومواجهة كل الهزات التي قد تعصف بجهة من جهات العالم”.

وأورد المتحدث ذاته أنه “تبين أنه بحكم هذه السياسة، وهذه الحكامة الجيدة، حقق المغرب أمورا كثيرة، وأخذ له موقع قدم بين الأمم التي تنحو نحو التقدم والتطور”، معتبرا أن ” التصور نفسه ينطبق على الإمارات العربية المتحدة، فهذا التواشج يحقق تقاطعا بين السياستين معا في الرباط وأبوظبي، ونحن نلاحظ أن البلد الخليجي يراهن أيضا على التاريخ الطويل لخدمة للرفاهية والتقدم، عوض المناورة”.

وأفاد الأكاديمي نفسه بأن “البلدين لا يتصفان بالأنانية ويمدان يديهما إلى العالم، كما أنهما يستندان إلى حكامة جيدة، أي الديمقراطية، بحيث ينعم الفرد المواطن في الإمارات وفي المغرب بالحرية وبالاستقرار، إذ يمكنه أن يستثمر وأن يجلب استثمارات في أمان ومأمن من كل هزات، مالية كانت أو جيوسياسية أو غيرها”.

مصدر الصورة

أسمى القوانين

الأكاديمي عبد الحق العزوزي، وهو أحد المساهمين في الكتاب، أفاد بأن “المؤلف ضم بين دفتيه مقالات فكرية، علمية، أكاديمية، تعلو ولا يُعلى عليها”، وزاد: “لأول مرة يخرج وسيخرج هذا الكتاب وهو يجمع كل ما يمكن أن يُعرَف عن العلاقات بين البلدين الشقيقين، وما يجب أن يُعرَف في المجالات المؤسسية، والحضارية، والثقافية، والمجتمعية في الدولتين”، موردا أن “الذاكرة ترجع بنا، طبعًا، إلى مؤسسي هذه العلاقات”، أي الملك الراحل الحسن الثاني والراحل الشيخ زايد.

وقال العزوزي إن الملكين الراحلين “أسّسا لهذه العلاقات المتينة بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة”، معتبرا أنه “سيرا على هذا المنهاج فإن الملك محمدا السادس والشيخ محمدا بن زايد أسّسا لقواعد جديدة في علاقات قائمة أصلًا، وتمت مأسستها حتى بلغت ذروتها في دجنبر 2023، عندما قام ملك المغرب الملك بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات، ووقّع مع أخيه في أبوظبي شراكات متميزة ومبتكرة تهم ميادين شتى، وهي مجالات إستراتيجية: اقتصادية، مالية، حضارية، ثقافية، ورياضية”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الشراكة تنطلق من القواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين”، مسجلا أنهما “يطبقان المذهب المالكي الوسطي المعتدل، وهي سمة من السمات التي تطبعهما؛ زد على ذلك أن الدولتين يمكن اعتبارهما محوريتين في النظام العربي الإقليمي، وفي قواعدهما الخارجية والتجارية يطبّقان مبدأ ‘رابح-رابح’ دون استغناء؛ إذ يعرفان كيف يتموقعان في النظام العالمي، وتجمعهما هذه المشتركات الدائمة”.

أما التجربة الدستورية في البلدين فلفت الأكاديمي نفسه بشأنها إلى “وجود الكثير من القواسم المشتركة، ولاسيما في ما يتعلق بمسألة المساواة، والثقة، وحقوق الإنسان، والحريات العامة”، مردفا بأنه “مع ذلك لا يقابل أي دستور في العالم دستورًا آخر بشكل كلي، فالتجربة المغربية تبقى في محتوياتها، وما فوق حشائشها، وما تحتها، فريدة من حيث المرتكزات الدستورية في مجال الانفتاح السياسي، والانفتاح الليبرالي، والمجال السياسي العام، وسبْقها في هذا الميدان”.

وأورد المعهد المذكور خلال اللقاء أن “المؤلفين المشاركين عن الجانب الإماراتي يغيبون عن المناسبة لأن الطبعة الأولى من الكتاب الجماعي مازالت طور الطباعة، ما حال دون القيام بتقديم مشترك”، متابعا بأنه ارتأى، بما أن إمارة الشارقة ضيف شرف الدورة الثلاثين من المعرض، “تقاسم البحث مع الطلبة والباحثين والمؤلفين في هذه المناسبة الثقافية؛ على أن يضمن حفل رسمي تقديم الكتاب بعد صدوره بحضور كافة المؤلفين عن الجانبين المغربي والإماراتي”.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا