بمطالب تجويد الخدمات والاهتمام بمقاربة مبنية على تحقيق النتائج بدَل “كثرة البرامج والإستراتيجيات” واجهت نائبات برلمانيات من فرق نيابية متعددة الوزيرة الوصية على قطاع التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة ابن يحيى، خلال جلسة عامة للأسئلة الشفهية بالغرفة الأولى للبرلمان.
جاء ذلك في سياق أسئلة شفهية طرحها، مساء الإثنين، كل من الفريق الحركي والفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، فضلا عن فريق الأصالة والمعاصرة، همّت -على التوالي- “استفحال ظاهرة الأطفال المشرَّدين”، و”وضعية مؤسسات الرعاية الاجتماعية”، ثم “تعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة وحمايتها من العنف”، الذي أثيرَتْ خلال تعقيب بشأنه حادثة قتل الأستاذة هاجر على يد أحد تلامذتها بعدما شدت أنظار المغاربة.
ولم يُقنع الجواب “المستفيض”، الذي تقدمت به ابن يحيى عن سؤال “تشرد الأطفال واستفحاله”، إحدى النائبات الحركيات التي أثارت “وجوب فهم جذور استفحال ظاهرة الأطفال المشرَّدين”، معددة في السياق “الفقر والعوَز، التفكك الأسري والعنف المنزلي، الهدر المدرسي والإدمان وغياب الرعاية من الأسرة والدولة…”، ومعتبرة أن عمل الوزارة يجب أن يشمل بالتكامل ثلاثة مستويات: “الأسَري والمؤسساتي والمجتمعي”.
النائبة الحركية فاطمة الكشوتي أوصت، ضمن تعقيبها، وزيرة التضامن بالعمل على “التوعية والوساطة الأسرييْن، وإحداث مراكز إيواء متخصصة للأطفال”، مع “إعادة الإدماج المدرسي وتوفير الرعاية الصحية والنفسية”، معيدةً إلى الواجهة مطالب متجددة بـ”سَنّ قانون حماية الطفل”، فضلا عن “برامج تطوعية من الجمعيات وأنشطة رياضية مدمِجة للأطفال”، وقالت:
“ندعوكم إلى انتهاج الوقاية قبل وصول الطفل إلى الشارع ووضعية التشرد(…) برعاية نفسية وتربوية واجتماعية، وهدف نهائي هو الرجوع الطفل إلى حضنه بشكل يحميه من الرجوع للشارع”.
من جهتها انتقدت قلوب فيطح، عن الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، سياسة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في مجال التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء، وطالبت الوزيرةَ بـ”تقديم تقييم حقيقي وجريء لمجموعة من البرامج والإستراتيجيات التي قامت الحكومة بتنزيلها للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للنساء، وإسهاماتها في النهوض بأوضاع النساء اقتصاديا واجتماعيًا بالقرى والجبال والمناطق النائية”.
النائبة فيطح استدلت في مداخلتها خلال جلسة الأسئلة الشفوية ذاتها بأن واقع الحال يُثبته ما توصلت له دراسة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إذ “تراجَعنا بنقطتين ونصف النقطة في مستويات التمكين الاقتصادي للنساء، بحيث كنا حققنا سنة 2019 نسبة 21,5 في المائة مقابل 19 في المائة في 2023؛ وهو ما سينعكس سلباً على المساواة والمناصفة والعدالة الاجتماعية ومستويات التمكين عمومًا”، موردة في نبرة حادة: “لديْنا تُخمة على مستوى البرامج وفقرٌ على مستوى النتائج”.
وتفاعلا مع البرامج الوزارية لمحاربة العنف ردّت النائبة “البامية”: “مازلنا نَجني ثمار العنف الذي طبّعنا معه على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث انتقل العنف اليوم من سب وشتم إلى قتل وجنايات…”، مستحضرةً حادثة “ضحية أرفود” (الأستاذة هاجر) التي “عايشنا جميعا الواقعة الأليمة التي ألمّت بها”، بتعبيرها.
وشكّل “تدهور أوضاع مؤسسات الرعاية الاجتماعية” بالمغرب رغم دورها المحوري في التكفل بالفئات الاجتماعية الهشة، من الأطفال المهملين والمسنين والمعاقين والنساء في وضعية صعبة، مثارَ انتقادات قوية كالتْها النائبة البرلمانية عتيقة جبرو، عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، إلى وزيرة التضامن والإدماج االجتماعي والأسرة.
ورغم أن الوزارة الوصية وضعت إستراتيجية “جسر” للفترة 2022-2025 بهدف “تحسين ظروف هذه الفئات وضمان الرعاية الكاملة لها”، إلّا أن الواقع، بحسب النائبة جبرو، “يكشف استمرار اختلالات خطيرة في تدبير مؤسسات الرعاية، نتيجة تعدد المتدخلين وغياب التنسيق والمتابعة الفعّالة”، مُعددة مصفوفة إشكالياتٍ أهمها “نقص برامج التأهيل والتكوين وغياب التجهيزات الأساسية، والعجز الكبير في الموارد البشرية، خصوصاً الأطر التربوية والنفسية، ما ينعكس بالسلب على جودة الخدمات المقدمة للنزلاء”.
ولفتت النائبة انتباه ابن يحيى إلى “تدني المستوى الدراسي لنزلاء هذه المؤسسات وارتفاع نسب الفشل والهدر المدرسي”، مع “رصد حالات العنف المتكرر والاعتداءات داخل بعض المراكز، حيث الهشاشة الاجتماعية للنزلاء غالباً ما تمنعهم من التبليغ والكشف عن هذه الانتهاكات”.
وغير بعيدٍ عما سلف نادت النائبة البرلمانية فاطمة خير، عن فريق “الأحرار”، بـ”ضرورة تسريع وتيرة تنزيل هذه السياسات العمومية الأسرية المندمجة”، خاصة باستحضار سياق “إقبال المغرب على إدخال تعديلات جوهرية على مدونة الأسرة، ما يستوجب إطلاق سياسة عمومية شاملة تعيد التوازن داخل النسيج الأسري، وتضمن حماية فئات المجتمع الأكثر هشاشة، ولاسيما النساء والأطفال”.