كشفت بيانات رسمية حديثة، أصدرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي، عن طفرة في صادرات المغرب من الحمضيات الصغيرة (اليوسفي، الكليمنتنا، الليمون الصغير…) إلى دول هذا الفضاء خلال الأشهر الخمسة الأولى من موسم 2024/2025؛ إذ بلغت أكثر من 95 ألف طن، فيما استوردت الدول الأوروبية الملتئمة ضمن التكتل، في الفترة المذكورة ذاتها، أكثر من 2880 طنا من البرتقال المغربي.
وبينت وثيقة للمديرية العامة للزراعة والتنمية بالمفوضية، تتبعت تطورات أسواق البرتقال والحمضيات الأخرى بالاتحاد الأوروبي خلال الموسم الجاري، أن المملكة المغربية مثّلت أكبر مصدر للحمضيات الصغيرة المذكورة إلى الدول الأوروبية خلال الشهور الخمسة الأولى من الموسم الحالي (من أكتوبر إلى فبراير)، بحجم صادرات بلغ إجمالا 95654 طنا.
وأظهرت البيانات والمعطيات التي وفّرها المصدر نفسه، طالعتها هسبريس، أن صادرات المغرب من الحمضيات غير البرتقال إلى الدول الأوروبية بصمت على مسار تصاعدي هذا الموسم؛ إذ انتقلت من ألفين و55 طنا في أكتوبر 2024 إلى 23 ألفا و68 طنا خلال دجنبر الماضي، فـ27 ألفا و399 طنا في يناير، قبل أن تتراجع نسبيا إلى 25 ألفا و144 طنا في شهر فبراير الفائت.
وفي هذا الإطار، حلّت تركيا في المركز الثاني ضمن قائمة أكبر مزودي الاتحاد الأوروبي بالحمضيات غير البرتقال خلال الفترة المذكورة؛ إذ صدرت إلى دوله 42 ألفا و60 طنا، متبوعة بجنوب إفريقيا بـ33 ألفا و406 أطنان.
وقد بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من الحمضيات ذاتها، وفق مفوضيته، 277 ألفا و140 طنا، ما بين أكتوبر 2024 وفبراير 2025، باصمة خلال هذه الفترة على تصاعد ملحوظ؛ إذ انتقلت من 43 ألفا و341 طنا في الشهر الأول إلى 48 ألفا و578 طنا في الشهر الأخير.
أما بشأن البرتقال، فتُظهر الوثيقة نفسها أن صادرات المغرب إلى الاتحاد الأوروبي بصمت على منحى تصاعدي هذا الموسم؛ فقد انتقلت من 26 طنا عند بدايته، أي في أكتوبر الماضي، إلى 784 طنا في فبراير 2025، بعد أن كانت وصلت إلى ألف و186 طنا في يناير الفائت. بينما بلغ الحجم الإجمالي خلال الأشهر الخمسة (من أكتوبر إلى فبراير الماضيين) 2887 طنا.
وفي هذا الصدد، يشار إلى أن واردات الاتحاد الأوروبي من البرتقال في الأشهر الخمسة الأولى من الموسم الجاري بلغت 269 ألف طن، رغم أنها تراجعت من 166822 طنا في أكتوبر الماضي إلى 45814 طنا. وقد تصدرت جنوب إفريقيا المصدرين بـ155 ألفا و599 طنا، تلتها مصر بـ74 ألفا و333 طنا.
أفاد رياض أوحتيتا، مستشار فلاحي معتمد، بأن “المغرب ظلّ منذ سنوات طويلة أحد المصدرين الرئيسيين للحوامض إلى الاتحاد الأوروبي”، موضحا أن “روسيا كانت تستأثر سابقا بحصة مهمة من صادرات البلاد من هذه المنتجات، لكنها تراجعت بفعل المنافسة المصرية والإيرانية”.
وتابع أوحتيتا، ضمن تصريح لهسبريس، أن “إيران كانت تنافس المملكة على السوق الأوروبية، لكن بفعل بعدها الجغرافي عن الاتحاد الأوروبي استطاعت بالكاد أن تأخذ الحصة الأكبر من سوق روسيا”.
واستحضر المستشار الفلاحي المعتمد أن “المغرب كان يواجه مشاكل في تصدير الحمضيات إلى الاتحاد الأوروبي، بفعل انتشار ذبابة السيراتيت، التي تسببت في إرجاع الأخير الكثير من شحنات للبلاد”، مبينا أنه “مع تطوير المملكة وحدات التلفيف لم تعد تظهر هذه الذبابة؛ فأُزيلت العقبة التي كانت مطروحة في هذا الجانب”.
وبسؤاله إن كان يتوقع استمرار صادرات المغرب من الحمضيات غير البرتقال على المنحى التصاعدي ذاته خلال الأشهر المتبقية من الموسم الجاري، أجاب أوحتيتا بأن “الكميات المصدرة من هذه الفواكه صوب أوروبا خلال الأشهر المقبلة لن تكون كثيرة، ولن تبصم على المنحى نفسه”.
وتابع موضحا: “في فصل الصيف يرتفع الطلب على الحمضيات داخل المغرب، وفيه أيضا يبدأ إنتاج إسبانيا الذي تكون له الأولوية، ما يؤدي إلى تراجع صادرات المملكة”، مبينا أن “ذلك يحدث تحت طائلة تكرر المشاكل ذاتها التي تواجهها صادرات الطماطم المغربية بإسبانيا”.
توقع أنس منصوري، مهندس دولة باحث زراعي، أن “ترتفع وتيرة تصدير المغرب للحمضيات خلال الأشهر القادمة”، موضحا أنه “بحكم شساعة المساحات المزروعة، وحجم التساقطات المطرية الأخيرة، يتوقع أن يرتفع الإنتاج، خصوصا من النافل والمندارين، ما سيرفع بالتالي من الكميات المصدرة”.
وأضاف منصوري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “توقع ارتفاع الصادرات تدعمه كذلك الوفرة الموجودة في الإنتاج؛ إذ فاق الطلب في الأسواق. كما أن أشجار الحمضيات المغربية ترتفع مردوديتها خلال هذه الفترة من السنة”، مشيرا إلى أنه “بالأساس، المنتوج المغربي أقل كلفة من الإسباني والفرنسي”.
واعتبر الباحث الزراعي نفسه أن “الأرقام المذكورة هي نتيجة للجهود المبذولة التي مكنت من الارتقاء بجودة وتنافسية المنتوج المغربي مقارنة بنظيره في دول عدة، بما فيها إسبانيا، خصوصا من ناحية الثمن”، مبرزا أن “تكلفة الإنتاج في أوروبا عموما مرتفعة مقارنة مع المغرب”.
في غضون ذلك، نبه المصرح ذاته إلى أنه “رغم كون هذه الكميات من الصادرات تدر على المغرب العملة الصعبة، إلا أنها في الآن ذاته تضر بالموارد والاقتصاد المغربي من ناحية أخرى”، مبرزا أن “من غير المنطقي أن تصدر المملكة، وهي منطقة جافة، ملايين الأمتار المكعبة من المياه الافتراضية عبر الخضراوات والفواكه”.