آخر الأخبار

أكاديميون يثمنون تمتيع خلفاء قواد بالصفة الضبطية في المسطرة الجنائية

شارك

أكد أكاديميون وجامعيون على ما أسموه “جدية” في التعاطي مع “مؤسسة عون السلطة” من خلال السعي إلى تمتيع “خلفاء القواد بمختلف درجاتهم ومهامهم” بالصفة الضبطية، معتبرين أن المادة العشرين من مشروع المسطرة الجنائية “خطوة تحلّ مجموعة من الإشكالات، خصوصا إذا وقع فعل جرمي في فضاء بعيد يتطلب وجود ممثل للسلطة ليضمن عدم تغيير الوقائع ويحافظ على سلامة الوضع قبل أن تصل السلطات الأمنية المختصة إلى عين المكان”.

وعلى الرغم من “النقد الحاد والرفض اللذين يطالان فئة أعوان السلطة بسبب ممارسات عديدة منافية للقانون بيّنتها شكايات مواطنين ومتابعات قضائيّة”، فإن أحد الباحثين الجامعيين الذين ناقشوا الموضوع مع هسبريس اعتبر أن “منح هذه الفئة الصفة الضبطية حاجة؛ لكن مع إضافة مقتضيات حاسمة لتطبيق قوانين زجرية ضد كل من ثبت في حقه الإخلال بمهامه أو التلاعب بمضمون المحاضر، وفق المقاربة نفسها التي يخضع لها كل موظفي الدولة”.

كما دعا الأكاديميون إلى “تخطي التمثلات السلبية التي راكمها المجتمع تجاه هذه الفئة والمرتبطة بفترة تاريخية كانت لها سياقاتها الخاصة، ما زالت تفرض اليوم على كثيرين اتخاذ مواقف معادية”، موضحين أن “الأمور تغيّرت، حيثُ أصبح لدينا أعوان سلطة بالعشرات يتابعون دراستهم العليا في عدد من الكليات ولاسيما المتعلقة بالدراسات القانونية، كما أن العديد منهم ينتمي إلى الفئات الشابة التي لا يقلّ مستواها الدراسي عن البكالوريا في أغلب الحالات”.

إضفاء صبغة

صالح النشاط، أكاديمي جامعي أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، اعتبر أن “إضافة وزارة العدل خلفاء القواد بمختلف درجاتهم ومهامهم إلى لائحة ضباط الشرطة القضائية المنصوص عليها في المادة العشرين من مشروع المسطرة الجنائيّة أثار تساؤلات بدعوى أن خلفاء القواد لا يتوفرون على الأهلية والكفاءة لممارسة هذه الصفة الضبطية”، مسجلا أن “الحاجة إلى تمتيع الخليفة بهذه الصفة الضبطية يأتي في إطار سد الخصاص وضعف تغطية تراب العديد من القرى والبوادي من خدمات القائد”.

كما وضّح النشاط، ضمن تصريحه لهسبريس، أن المستجدّ “يبتغي تقريب هذه الخدمة الضبطية إلى المرتفقين الساكنين في العالم القروي، والذين يجدون صعوبة في الولوج إلى خدمات مرفق الدرك الملكي وخدمات القيادة”، مضيفا أن “إضافة الخلفاء إلى لائحة ضباط الشرطة القضائية هو مطلب يجد أساسه مع طبيعة أدوار هيئة رجال السلطة المحدثة بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.08.67 بتاريخ 31/7/2008، والذي حدد رجال السلطة في أربعة أصناف، وهم: العمال، والباشوات، والقواد، وخلفاء القواد”.

وتابع شارحا: “مشروع المسطرة الجنائية المعروض على البرلمان حاليا أراد استكمال هذه الحلقة من خلال إضافة خليفة القائد إلى جانب القائد والباشا والعامل ضمن ضباط الشرطة القضائية كما هو معمول به حاليا”، معتبرا أن “التخوف الذي أبداه العديد من البرلمانيين داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب من خلال مدى أهلية خلفاء القواد للقيام بهذه المهمة يمكن استدراكه من خلال إخضاع هؤلاء الخلفاء لفترة تكوينية مناسبة، وتمكينهم من أدبيات الصفة الضبطية”.

وقال أيضا: “المادة الحادية والعشرون من المسطرة الجنائية تحدد وظيفة ضباط الشرطة القضائية في تلقي الشكايات والوشايات وإجراء الأبحاث التمهيدية، كما يتعين تدبير هذه المهمة الجديدة بتحفظ أكبر، وخصوصا في المرحلة الأولى لتنزيل المسطرة الجنائية؛ وذلك من خلال انتقاء لائحة أولية للخلفاء، وتأهيليهم وتدريبهم تحت رقابة القواد، في أفق تعميم ذلك على جميع من يحمل صفة إطار الخليفة”. وزاد: “كما يتيعن التنصيص على أن تواجد القائد مع الخليفة يمنح الأفضلية والأسبقية للقائد في ممارسته للصفة الضبطية”.

“دور أساسي”

رشيد لبكر، رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق بالجديدة، أورد أن “معارضة تمكين الخليفة، الذين كان في الأصل عون سلطة، من الصفة الضبطية بالاستناد إلى افتقادهم إلى المستوى التعليمي الذي يمكنهم من تحرير المحاضر بكفاءة غير مقنع”.

وأبرز لبكر، في حديثه إلى جريدة هسبريس، أن “الواقع يؤكد أن خلفاء القياد، بمن فيهم باقي أعوان السلطة، يقومون بأدوار مهمّة، لا سيما في المناطق القروية وفي الفجاج الصعبة وحتى في المدن”. وزاد: “هم أول من يحضر عند حدوث الكوارث والجرائم وحوادث السير ويقومون بالتبليغ عنها”.

وفي هذا الصدد، أشار الأكاديمي ذاته إلى أنه “كثيرا ما يلعبون دور رجال الإسعاف والمطافئ قبل حضور هؤلاء إلى مسرح الأحداث”.

وتابع المتحدث ذاته: “إذا ارتكزنا على عامل المستوى التعليمي فقط، فالمنطق سيؤدي بنا إلى المطالبة بإلغاء وجودهم أصلا؛ لأن عدم الكفاءة التعليمية ليست وقفا على الصفة الضبطية فقط وبالتالي غير ذات أثر على غيرها من مهام”، واصفا هذه النظرة بكونها “غير منطقية ولا ترتكز على أساس معقول”، مؤكدا أن “هذه الفئة تلعب دورا طلائعيا لفائدة الدولة في شخص وزارة الداخلية”.

وسجل لبكر أن “سلطة الإدارة يبدو أنها غير مستعدة تماما كي تتخلّى عن عون السلطة ولا عن ‘الوظائف’ التي يؤديها حتى لفائدة قطاعات حكوميّة أخرى؛ كالصحة والأوقاف والتعليم والسكنى ولاسيما في قطاع التعمير”، لافتا إلى أن “منحها الخليفة الذي كان عون سلطة الصفة يضفي الصبغة القانونية على عدد من تدخلاتها، ويكسبها الحجية القانونية في مواجهة الأطراف؛ وبالتالي يحميها من التعسفات التي كثيرا ما تتعرض لها عند مباشرة تدخلاتها”.

وتطرّق الأكاديمي عينه إلى “قابلية إخضاع هذه الفئة للتكوين المستمر ولكل أشكال التأهيل المهني الذي يخول لهم القيام بمهامهم في ظروف جيدة والتغلب على مشكل التكوين”، مذكرا بأن “العديد من الجرائم الخطيرة وحتى تلك المتعلقة بالإرهاب مثلا كان لأعوان السلطة اليد في الكشف عنها. وعليه، فما داموا يقدمون خدمات مهمة للدولة فالأحرى تمتيعهم بهذه الصفة؛ لأن المحاضر التي ينجزونها ستكون ذات موضوعية وعاكسة أكثر للحقيقة بحكم حضورهم الدائم في الميدان”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا