كشفت قيادات نقابات عمالية كبرى لجريدة هسبريس عن بداية تداول الأشكال التصعيدية الجديدة التي ستلي الإضراب العام المزمع خوضه يومي الأربعاء والخميس المقبلين، مشددة على أن خروج النقاش الاجتماعي من مؤسسة الحوار المركزي سيشهد “المزيد من التصعيد حتى تقتنع الحكومة بأن الحوار الاجتماعي المغشوش مجرّد خدعة”.
القيادات التي تحدثت لهسبريس أجمعت على أن “البلد كان في غنى عن مشاحنات من هذا النوع بين الطبقة العاملة والجهاز الحكومي”، مؤكدة أن “التنظيمات النقابية لن تستسلم وستواصل التصعيد بمختلف الأشكال”، وقالت: “نحن الآن في مرحلة حاسمة، وكلما كان الصمت جوابا حكوميّا، أفرز عملية نضالية فورية للتصدي لأي مساس بمكتسبات الطبقة الشغيلة”.
الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال: “قررنا خوض يومين من الإضراب، لكون هذه الحكومة لا يكفي التصدي لها بيوم واحد”، مشددا على أن “الفعل النضالي لن يتوقّف عند هذا الحد”، معلنا أن “القيادة الوطنية ستجتمع نهاية الأسبوع وتخطط لنضالات مستقبلية، ولكنني أؤكد وجود إضرابات مبرمجة ستكون أكثر تصعيدا وحدة وسترافقها مختلف الأشكال الاجتماعية؛ لأن الأجراء ظُلموا كثيراً خلال المحطات الأخيرة والكثير من التعهدات اختُرقت على مرأى ومسمع من الحكومة”.
واستشهد المخارق بالآية القرآنية (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ)، معتبرا أن “ما تخوضه الحركة النقابية المستقلّة هو قتال بعدما قامت وزارة التشغيل بحوار مغشوش مع النقابات وباشرت مناورات وخدع تتجلى في تهريب مشروع قانون الإضراب نحو المسطرة التشريعية دون استكمال التوافق بشأنه داخل مؤسسة الحوار الاجتماعي”، وزاد: “الحكومة اختارت الزج بعالم الشغل في إضرابات المغرب في غنى عنها في هذه الظرفية”.
وأفاد المصرح لهسبريس بأن “قانون الإضراب جزء مما تعانيه الطبقة العاملة؛ فمقدمة الأمور هي الغلاء الفاحش الذي قصم ظهور الأجراء والطبقة المتوسطة والطبقات الدنيا داخل المجتمع وفي عالم الشغل”، مسجلا أن “مراسلات كثيرة بعثت بها قيادات الاتحاد المغربي للشغل إلى الحكومة ولا أحد يجيب، والفريق البرلمان يطرح أسئلة حارقة ولا جواب، وكل هذا يأتي في ظل تجميد الحوار الاجتماعي لدورتين بدون إشعار أو تبرير رغم التزام رئيس الحكومة المكتوب في ما يسمى ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي”.
خالد العلمي لهوير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، شدد على أن “المبادرات التصعيدية مستمرّة، لكون مشروع قانون الإضراب بمثابة نصّ يهمّ المجتمع وليس مكانه الحصري هو المؤسسة التشريعية. لذلك، نحن نعتبر أن الأمر مصادرة للحقوق الأساسية، فضلاً عن القوانين الأخرى التي ستتمّ مناقشتها بالموازاة مع النص التنظيمي للإضراب”، وزاد: “هذا تجريد للقوى النقابية المناضلة من حقها في التفاوض، وهذا يحتاج المواجهة والتصعيد وليس شيئا آخر”.
وقال لهوير لهسبريس: “ما أعلناه مجرد إضراب إنذاري ضمن مسيرة لن تتوقف”، مبرزا أن “أشكال الاحتجاج المقبلة حاضرة وسينظر فيها المجلس الوطني بما أن القضايا المتداولة تهمّ الحركة النقابية بالدرجة الأولى”، مشيرا إلى أن “الحكومة لا يمكن أن تحكم لوحدها أو تعتمد على أدواتها وأغلبيتها البرلمانية”، مؤكدا: “لا بد من الاستماع إلى مكونات المجتمع والمؤسسات التي لديها شرعية. ولهذا، فمواصلة النضال حاجة أساسية في السياق الحالي”.
وشدد نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل على أنه “لا يمكن الصمت أمام تجريد النقابيين والطبقة العاملة من أهم أداة وأقوى ركيزة للعمل النقابي: الإضراب”، معتبرا أن “الحكومة ماضية في شؤونها وتريد إغلاق مرحلة تاريخيّة كاملة في دفتر بلادنا، فمختلف المحطات التي مرت بها البلاد كانت لحظة للتغيير والمطالبة بالإصلاحات”، وقال خاتما: “نبهنا الجهاز الحكومي مراراً وحتى داخل منظمة العمل الدولية، وحركتنا اليوم ليست وليدة اللحظة وإنما تأتي وفقاً لتراكم نضالي بدأ منذ سنوات؛ سنواجه على جميع الواجهات وسنستمر في التصعيد”.