استعرض وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الأربعاء أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب،أبرز مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية. وأوضح أن المراجعة شملت أغلب مواد القانون، حيث طالت أكثر من 420 مادة، توزعت بين تغيير وتتميم 286 مادة، إضافة 106 مواد جديدة، نسخ وتعويض 27 مادة، وحذف 5 مواد.
وأكد وهبي خلال تقديم مشروع قانون المسطرة الجنائية، أن المستجدات شملت مراجعة الضوابط الناظمة لتدبير الحراسة النظرية وترشيد اللجوء إليها والتضييق من حالات الأخذ بها إلا وفق ضوابط حددها المشروع بدقة، مع إحداث آلية التسجيل السمعي البصري التي يتم تفعيلها أثناء قراءة تصريحات المشتبه فيه المضمنة في المحضر ولحظة توقيعه أو إبصامه عليها أو رفضه، وإعمالها في الجنايات والجنح المعاقب عليها بأكثر من 5 سنوات.
وتحدث وزير العدل، عن سعي المشروع الحكومي الجديد، إلى صون كرامة وحرمة الأشخاص الموقوفين، إضافة إلى مجموعة من المستجدات الهامة التي تروم ترشيد الاعتقال الاحتياطي بوصفه تدبيرا استثنائيا، وذلك من خلال وضع ضوابط قانونية له، والقيام به وفقًا لمعايير أكثر دقة، وتقليص مدده وتعليل قراراته.
وأوضح المسؤول الحكومي، أن الصيغة الجديدة من المسطرة الجنائية عززت حقوق الدفاع باعتباره من الحقوق الأساسية في المحاكمة العادلة، من خلال منح حق الاتصال بالمحامي ابتداءً من الساعة الأولى لإيقاف المشتبه فيه، مع التنصيص على إمكانية حضوره عند الاستماع للحدث أو المصابين بإحدى العاهات المشار إليها في المادة 316 من قانون المسطرة الجنائية من طرف ضباط الشرطة القضائية بعد ترخيص النيابة العامة المختصة، وكذا تعزيز حضوره في مسطرة الصلح.
وأشار وهبي إلى أن التعديلات همت كذلك توسيع وعاء الجرائم القابلة للصلح، والتنصيص على الوساطة الجنائية وتنظيم الشكاية المباشرة بنوع من الدقة من حيث تحديد الجرائم القابلة لسلوك هذا الإجراء وباقي الشكليات المرتبطة بها، وكذا التنصيص على مقتضيات جديدة تروم تخويل النيابة العامة إمكانية القيام بالتحريات الأولية قصد التأكد من جدية الشكاية أو الوشاية مجهولة المصدر، وذلك قبل مباشرة الأبحاث بشأنها.
علاوة على ذلك، كشف وزير العدل، عن إحداث آلية لتجهيز الملفات في الجنايات “المستشار المجهز” تتيح لأحد قضاة الحكم، متى تعلق الأمر بجناية، مهمة تجهيز الملفات قبل مباشرة إجراءات المحاكمة، وهو ما من شأنه تسريع إجراءات التقاضي وإصدار الأحكام في أجل معقول، إضافة إلى اعتماد تقنيات الاتصال عن بعد في إجراءات البحث أو التحقيق أو المحاكمة.
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن مشروع القانون الجديد نص صراحة على إلزام الشرطة القضائية والنيابة العامة بإجراء فحص طبي على المشتبه فيه إذا لوحظ عليه مرض أو علامات أو آثار تستدعي هذا الإجراء، كما ألزم الوكيل العام للملك أو أحد نوابه بزيارة أماكن الإيداع إذا بلغ باعتقال تعسفي أو عمل تحكمي، إضافة إلى التنصيص على عدم الموافقة على التسليم إذا وجدت أسباب جدية تفيد أن طلب التسليم قدم بقصد تعريض شخص للتعذيب.
وبحسب وهبي، فإن الصيغة الجديدة للمسطرة الجنائية مكنت النيابة العامة وقاضي التحقيق في الجنايات والجنح التي تدر عائدات مالية من إجراء بحث مالي موازي لتحديد متحصلات الجريمة، وكذلك الأمر بحجز أو عقل أو تجميد الأموال والممتلكات التي يشتبه في كونها متحصلة من الجريمة وتنظيم اختراق العصابات والشبكات الإجرامية.
كما نصت، بحسب وزير العدل، على تكوين فرق مشتركة للبحث وتنظيم مسطرة الأمر الدولي بإلقاء القبض من خلال تحديد شكلياته ومسطرة إحالته وتعديله وإلغائه وتنظيم مسطرة التحقق من الهوية بنوع من الدقة وفي ظل احترام تام لحقوق الأفراد.
فيما يخص العناية بالضحايا وحمايتهم في سائر مراحل الدعوى العمومية، أكد وهبي أن المشروع أقر مجموعة من المستجدات الحمائية المعززة لمركز الضحية في سائر مراحل الدعوى العمومية من خلال التنصيص على إشعار الضحية أو المشتكي بمآل الإجراءات وتمتيع الضحايا وذوي العاهات والضحايا الأحداث من مساعدة محام، إضافة إلى تعزيز دور مكتب المساعدة الاجتماعية في الاهتمام بالضحايا من النساء والأطفال.
وأوضح الوزير أن المشروع الجديد يعرف السياسة الجنائية وفق المعايير الدولية، كجزء من السياسات العمومية لمكافحة الجريمة والوقاية منها، محددًا صورتين لها: تشريعية ينفذها رئيس النيابة العامة تلقائيًا وفق النصوص القانونية، وأخرى مرتبطة بسياسات عمومية تضعها الحكومة. كما نص المشروع على اختصاصات المرصد الوطني للإجرام، المحدث لدى وزارة العدل.
وأشار وهبي إلى أن المشروع الجديد عزز حماية الأحداث بما يتماشى مع الدستور والاتفاقيات الدولية، مؤكدًا أن محاكمتهم لا تحمل طابعًا عقابيًا، مع مراعاة المصلحة الفضلى للحدث في تقدير التدابير المناسبة. كما نص على حضور المحامي أثناء استماع الشرطة القضائية للحدث بإذن النيابة العامة، ومنع إيداع من هم دون 14 عامًا في الجنايات و16 عامًا في الجنح، مهما كانت الجريمة.
وضمت التعديلات أيضًا، بحسب ما أورده وزير العدل في كلمته أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، مستجدات أخرى تروم تبسيط الإجراءات والمساطر الجنائية وتقوية الوسائل الإلكترونية في مجال مكافحة الجريمة، ووضع آليات تحفيزية في مجال التنفيذ الزجري خاصة ما يرتبط بالغرامات المالية وتبسيط مساطر رد الاعتبار وإعادة التأهيل مع إيجاد بدائل للدعوى العمومية من خلال مساطر مبسطة وتصالحية.