شكلت مكتسبات قضية الصحراء المغربية والروابط الأخوية المتينة التي تجمع المملكة بجمهورية ليبيريا محور المباحثات التي أجراها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، مساء اليوم الجمعة، بمقر ولاية جهة العيون الساقية الحمراء، مع سارة بيسولو نيانتي، وزيرة الشؤون الخارجية الليبيرية.
وأعرب ناصر بوريطة، بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة للجنة المشتركة للتعاون بين المغرب وليبيريا، عن اعتزازه بالعلاقات الأخوية المتينة القائمة بين البلدين، مؤكدا حرص المملكة المغربية على تطوير وتنمية العلاقات مع جمهورية ليبيريا في كل ما من شأنه تحقيق الأهداف والتطلعات المشتركة.
وفي هذا الصدد، قال بوريطة إن “العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وجمهورية ليبيريا شهدت، في السنوات الأخيرة، ديناميكية إيجابية؛ وذلك بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي”، مؤكدا أن “البلديْن قد عملا، في السنوات الماضية، على بناء إطار مستدام للتعاون، يرتكز على أربعة محاور أساسية”.
بخصوص هذه المحاور، فقد أوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “المحور الأول يرتكز على تأسيس الحوار السياسي وتنفيذ الدبلوماسية بين الطرفين؛ من خلال اللقاءات الدورية على مستوى وزارات الخارجية، وكذلك اللقاءات الثنائية على مستوى الوزيرين”.
وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن “المحور الثاني يتعلق بالتعاون التقني بين البلدين، والذي يشمل تبادل التجارب في مجالات مثل الأمن الغذائي، التنمية الاجتماعية، الصحة، قضايا النوع، الصيد البحري والطاقة المتجددة”، منوها بـ”الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة لتعزيز هذا التعاون من خلال ترجمته إلى مشاريع عملية”.
ولفت بوريطة الانتباه إلى أن المحور الثالث يتجسد في التكوين، إذ يقدم المغرب منحا لتكوين الطلبة الليبيريين في الجامعات المغربية؛ وهو ما يجسد “أحد العناصر الأساسية في هذا التعاون”، حسب المسؤول المغربي الذي أكد أن “المحور الرابع يتعلق بالتجارة وتطبيق الاتفاقيات الخاصة بالاستثمار؛ مما يساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وعلى القطاع الخاص بشكل كبير”.
وشدد رئيس الدبلوماسية المغربية على أن “هذه المحاور الأربعة مدعومة بالاتفاقيات القانونية التي تم توقيعها بين المغرب وليبيريا، بحيث سيتم تعزيز هذه المحاور بشكل سريع، ولا سيما في مجال قطاع الغاز الذي يشهد اهتماما خاصا من قبل الطرفين”، موردا أن “المغرب يسعى إلى تشجيع القطاع الخاص على الدخول في شراكات استراتيجية واستغلال فرص التعاون بين البلدين”.
وبخصوص المبادرة الملكية الأطلسية، أوضح وزير الخارجية المغربي أن “المبادرة الملكية المتعلقة بالواجهة الأطلسية ستساهم في تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية، لا سيما مع الشقيقة ليبيريا التي ستلعب دورا أساسيا فيها”.
وأضاف بوريطة أن “جمهورية ليبيريا لها دور بارز في المشروع الملكي “أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”؛ وهو المشروع الاستراتيجي المهيكل، الذي يسعى إلى جذب الاستثمارات المالية وخلق فرص تنمية اقتصادية واجتماعية في القارة الإفريقية”.
كما عرج المتحدث ذاته على دور ليبيريا في رئاسة منظمة “نهر مانو”، مشيرا إلى أنها “تلعب دورا مهما في تعزيز التعاون بين المغرب والدول الإفريقية، بما في ذلك سيراليون وغينيا وكوت ديفوار، مبرزا أن “المغرب يتابع كافة مراحل التطورات التي قطعتها ليبيريا في إطار الاستقرار والتنمية من خلال الخطط والبرامج التي أطلقها فخامة الرئيس جوزيف بواكاي”.
وفي إطار الدعم الدولي، أكد بوريطة أن “جمهورية ليبيريا مرشحة لتولي مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي ابتداء من يناير 2026، نتيجة للانتخابات التي ستجري في شهر يوليوز المقبل؛ وهي الخطوة التي تعكس الاعتراف الدولي والإقليمي بالحكمة التي تتبناها الدبلوماسية الليبيرية”.
وفي ختام تصريحه، أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أهمية اجتماع اللجنة المشتركة الذي ينعقد في مدينة العيون، موضحا أن “هذا الاجتماع يعد إشارة قوية على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى المواقف الثابتة لليبيريا في دعم مغربية الصحراء، سواء من خلال مواقفها المعلنة أو من خلال فتح القنصلية الليبيرية في الصحراء المغربية”، لافتا إلى أن “قرار إرسال قنصل إلى مدينة الداخلة منذ شهرين يمثل دعما مستمرا لمغربية الصحراء من قبل جميع الدول الإفريقية، وخاصة ليبيريا”.
من جانبها، جددت سارة بيسولو نيانتي، وزيرة الشؤون الخارجية الليبيرية، اليوم الجمعة بالعيون، موقف بلادها الثابت الداعم للوحدة الترابية ولسيادة المملكة المغربية على مجموع ترابها؛ بما في ذلك منطقة الصحراء المغربية.
وأعربت رئيسة الدبلوماسية الليبيرية، خلال لقاء صحافي، عقب مباحثات أجرتها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عن دعم بلادها لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية، والذي يمثل الحل الوحيد ذا المصداقية والواقعي لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، مثنية على “الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة كإطار حصري للتوصل إلى حل واقعي وعملي ومستدام للنزاع حول الصحراء”.
وفي السياق ذاته، عبرت نيانتي عن تقديرها الكبير للمغرب على دعمه المستمر في مجالات التعليم والتدريب المهني، مؤكدة أن “هذا الدعم يسهم بشكل حيوي في بناء المهارات التقنية لشباب ليبيريا، بما يساعدهم في الاستفادة من موارد البلاد الطبيعية في مجالات مثل التعدين والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي”.
كما أكدت وزيرة خارجية ليبيريا التزام بلادها الراسخ في تعزيز التعاون مع المغرب في جميع القطاعات، مشيرة إلى أن “هذا التعاون يعد محوريا لتطوير القطاع الخاص في ليبيريا وخلق فرص عمل للشباب المحلي”.
وأوضحت الدبلوماسية الليبيرية أن “دعم المغرب لبلادها في مجال حماية المياه البحرية من القرصنة والإرهاب وتعزيز الأمن البحري في منطقة الأطلسي يعد من أولويات العلاقات بين البلدين”، لافتة إلى أن “ليبيريا تدعم المبادرة الأطلسية التي يقودها المغرب وتعتبرها خطوة مهمة نحو تطوير العلاقات الإقليمية والقارية”، معلنة “انخراط ليبيريا التام والتزامها بمواصلة دعم المغرب في هذا المجال”.
وفيما يتعلق بالتعاون في المجال الزراعي، أشارت الوزيرة إلى أهمية البحث والتطوير في إنتاج الأسمدة في ليبيريا، مبرزة أن “هذه المبادرة تعد جزءا من استراتيجية الحكومة لتطوير قطاع الأعمال الزراعية وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال استغلال أنواع التربة المحلية بشكل أكثر فعالية”.
وعبرت الوزيرة، في ختام تصريحها، عن شكرها العميق للمغرب على دعمه المتواصل، سواء على المستوى الثنائي أو في المحافل الدولية، خاصة فيما يتعلق بالتصويت في مجلس الأمن الدولي، مؤكدة “التزام ليبيريا الراسخ بمواصلة العمل المشترك مع المغرب في كافة المجالات”.
وفي ختام أشغال الدورة الثالثة للجنة المشتركة للتعاون بين المغرب وليبيريا، عكف الجانبان على توقيع 15 اتفاقية ومذكرات تفاهم، غطت مجالات الزراعة والصناعة، الماء والنظافة، الطاقة والتعدين، المواصلات وتطوير البنية التحتية، الإسكان والتنمية الحضرية، التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الترويج للسياحة والبرامج السياسية الثقافية.
حري بالذكر أن انعقاد دورات اللجان المشتركة للتعاون بين المغرب وجمهوريتي ليبيريا وكوت ديفوار، الذي احتضنته عاصمة الأقاليم الجنوبية، عرف حضور عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، ومولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس البلدي للعيون، وسيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، وحسن أبو الذهب، والي أمن العيون، وعدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والعسكرية.