آخر الأخبار

بين الهزائم الميدانية والدبلوماسية.. البوليساريو تفقد أوراقها أمام الدعم الدولي للمغرب - العمق المغربي

شارك الخبر

في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها قضية الصحراء المغربية، برزت معطيات مهمة تكشف عن عمق الأزمة التي تواجهها جبهة البوليساريو الانفصالية، حيث ألقى الناشط الصحراوي سعيد زروال، المعروف بمواقفه المعارضة للجبهة، الضوء على جوانب خفية من الوضع الميداني والسياسي للنزاع، مسلطا الضوء على هزائم ميدانية دفعت البوليساريو إلى التراجع 40 كيلومترا داخل المناطق التي تزعم بأنها “محررة”، منذ “عودة المواجهات مع القوات المغربية في نوفمبر 2020”.

تزامنت هذه الاعترافات مع تصريحات مثيرة نقلها زروال عن “ممثل البوليساريو” بالأمم المتحدة، محمد عمار، الذي أقر بصعوبة الوضع الراهن في لقاء مغلق نظمته ما تسمى بـ”وزارة الخارجية الصحراوية”، في سياق يبدو فيه أن الخطاب الانفصالي يعاني من تآكل داخلي، تتكشف المزيد من الحقائق حول الضغوط الدولية التي تواجهها الجبهة، خصوصا في ظل الدعم المتزايد للموقف المغربي على الساحة الدولية، مما يعزز فرضيات انتهاء المشروع الانفصالي.

خبير العلاقات الدولية، محمد شقير، أكد في هذا السياق أن الضغوط التي تواجهها جبهة “البوليساريو” تتزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن أوراق الضغط التي كانت تعتمد عليها الحركة بدأت تتناقص بشكل كبير، خاصة بعد هزيمتها في منطقة “الكركرات”.

وأوضح شقير أن هذه الهزيمة شكلت ضربة قاصمة على الصعيد العسكري لـ”البوليساريو”، التي كانت تأمل من خلال السيطرة على المعبر الحدودي في “الكركرات” تحقيق مكاسب استراتيجية، إذ كانت تطمح إلى استخدام هذا المعبر للضغط على المغرب من جهة، وخلق هالة سياسية تمنحها ورقة تفاوض قوية على المستوى الأممي، إلا أن هذه الخسارة كانت بداية التراجع العسكري، ما أثر بشكل كبير على شعار “حمل السلاح” الذي كانت الحركة تروج له، ودفع باستراتيجيتها نحو الفشل.

وفيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي شنتها “البوليساريو” في مناطق مثل “المحبس” و”السمارة”، أشار شقير إلى أن هذه المحاولات اليائسة لا تعدو أن تكون محاولات للتغطية على التراجع الميداني، معتبرا أن فقدان “البوليساريو” للتموضع المجالي قلل من قدرتها على الدفاع عن أطروحتها الانفصالية أمام المجتمع الدولي، أو إقناع الدول الشريكة بأنها لا تزال قوة فاعلة على الأرض.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الأطروحة المتعلقة بـ”الأراضي المحررة” تعرضت لضربات متتالية، أبرزها الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء ودعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع، لاسيما الاعتراف الأمريكي والدعم الفرنسي الواضح.

وفي السياق ذاته، أكد شقير أن الأزمة لم تقتصر على الجانب الخارجي فقط، بل امتدت إلى الداخل، حيث أثرت هذه التطورات على معنويات النشطاء داخل “البوليساريو”، كون أن الوضع الدبلوماسي المتأزم أفقد الحركة شرعية “الكفاح” التي كانت تتغنى بها، ما ساهم في خلق أزمات داخلية قد تهدد تماسك القيادة.

واختتم شقير تصريحه بالإشارة إلى أن الجزائر، الحاضن الرئيسي لـ”البوليساريو”، تواجه هي الأخرى أزمات داخلية تضاعف من عزلتها الدبلوماسية، مشيرا أن الخيارات المتبقية أمام “البوليساريو” باتت محدودة للغاية، حيث انحصرت في دعم بعض الجمعيات المدنية في دول مثل السويد وإسبانيا، إلا أن الأطروحة الانفصالية في تراجع مستمر، وحذر شقير من احتمال انخراط “البوليساريو” في حركات إرهابية.

ومن جانبه أبرز المحلل السياسي محمد سالم عبد الفتاح، في تصريح لجريدة “العمق”، أن السنوات الأخيرة شهدت تحولا نوعيا في تعاطي المغرب مع ملف الصحراء، على المستويات الميدانية، السياسية، والدبلوماسية.

وأشار إلى أن هذا التحول تعزز منذ عملية تأمين معبر الكركرات سنة 2020، التي شكلت نقطة تحول استراتيجية في تأمين المناطق العازلة، وتوسيع الجدران الدفاعية، إلى جانب تعزيز التأمين الجوي في المنطقة.

وأكد عبد الفتاح أن هذه الإجراءات جعلت من المستحيل على عناصر “البوليساريو” الانفصالية التواجد داخل التراب المغربي، مما ساهم في ترسيخ سيادة المملكة على كامل أراضيها، وأضعف بشكل كبير التحركات الانفصالية.

وأوضح المحلل السياسي أن النجاحات الميدانية ترافقت مع تطورات دبلوماسية هامة، حيث أبدت العديد من الدول مواقف داعمة للمغرب، كان أبرزها الموقف الأمريكي الذي يعزز موقف الرباط في مجلس الأمن، والمواقف الإسبانية والفرنسية التي تعكس عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية مع المملكة.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي شهد تحولا ملحوظا في مواقفه تجاه قضية الصحراء، حيث باتت 20 دولة من أعضائه تدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، وعلى الصعيد الدولي، أكد عبد الفتاح أن أكثر من 113 دولة أعربت عن تأييدها للمبادرة المغربية، مع افتتاح 30 دولة لقنصليات في مدينتي العيون والداخلة، في خطوة تجسد الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على صحرائه.

من جهة أخرى، شدد المتحدث على أن معسكر الانفصال يشهد تراجعا ملحوظا على عدة مستويات، فقد سحبت العديد من الدول اعترافها بـ”البوليساريو”، مثل غانا وبنما والإكوادور، ما يعكس انحسار الدعم الدبلوماسي لهذا الكيان المزعوم.

ويرى المتحدث أن المخيمات التي تديرها “البوليساريو” في تندوف باتت تعيش حالة من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، مع تصاعد التمرد الداخلي وتزايد الاعتصامات والاحتجاجات ضد قيادات الجبهة. ما دفع “البوليساريو” إلى الاستعانة بجماعات متطرفة لتعويض ضعفها المتزايد، مما يهدد استقرار المنطقة.

وفي ختام تصريحه، أشاد عبد الفتاح بالمقاربة الدبلوماسية التي اعتمدها المغرب، والتي تتميز بالحزم والصرامة مع الشركاء الدوليين، مؤكدا أن المملكة نجحت في إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى، مثل أنبوب الغاز النيجيري المغربي، لتعزيز التعاون الإقليمي والتكامل الاقتصادي في إفريقيا الأطلسية، مما أكسبها دعما إضافيا لمواقفها على الصعيد الدولي.

واعتبر عبد الفتاح أن هذه التطورات المتسارعة، إلى جانب تراجع المعسكر الانفصالي، ستؤدي على الأرجح إلى مراجعة عضوية “البوليساريو” داخل الاتحاد الإفريقي، مما يعزز فرص المملكة في إنهاء هذا النزاع المفتعل بشكل نهائي.

جدير بالذكر أن المعطيات التي تم الكشف عنها خلال اللقاء المغلق، وفق ما أورده الناشط الصحراوي سعيد زروال، تتماشى مع ما أظهرته المنابر الرسمية لجبهة البوليساريو، حيث تعكس حالة من “الانهزامية” المتزايدة التي تواجهها الجبهة على المستويين الميداني والدبلوماسي.

واعترفت البوليساريو بالدور الحاسم لكل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية في التأثير على قرارات مجلس الأمن، بما يتعارض مع طموحاتها الانفصالية، ويؤكد دعم باريس وواشنطن للموقف المغربي، كما أقر “ممثل البوليساريو” لدى الأمم المتحدة بأن عملية السلام تشهد “شللا تاما”، مشيرا إلى مسؤولية المغرب والدول الوازنة داخل مجلس الأمن عن هذا الوضع، في إشارة إلى تأثير الدعم الدولي المتنامي لسيادة المغرب على الصحراء.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

الأكثر تداولا اسرائيل مصر حماس حرب غزة

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا