شَكَّلَ الاتفاق الذي تم توقيعه في 26 دجنبر 2023 بين الحكومة والنقابات التعليمية، محطةً بارزةً في مسار الحراك الذي خاضته الشغيلة التعليمية على مدار السنوات الماضية، وخاصةً الموسم الماضي الذي شهد احتجاجات دامت لأزيد من 12 أسبوعًا.
وقد حمل هذا الاتفاق وعودًا بتغييرات جذرية في النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية. إلا أنه بعد مرور أزيد من عام على هذا الاتفاق، يظل السؤال قائمًا حول مدى تنفيذ بنوده وآثاره على واقع الشغيلة التعليمية، حيث ما يزال هناك العديد من الملفات العالقة التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ الكامل.
في هذا السياق، أكد عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، كبير قاشا، على أن أهم ما تحقق من محضر 26 دجنبر هو نظام أساسي جديد قطع مع ما وصفها بـ”المآسي” التي حضر أشغالها الرباعي النقابي بمعية مدير الموارد البشرية الذي تم إسقاطه مع نظامه ومُروِّجي الوهم للشغيلة وشُرَّاحِه.
وأوضح قاشا ضمن تصريح لجريدة “العمق” أن مطلب “الموظف العمومي” الذي تحقق في النظام الجديد هو الذي جعلته أطر الصحة ضمن أولوياتها في حراكها، وتمت الاستجابة له مؤقتًا، بحسب قانون المالية لسنة 2024 (تصحيح الخطأ، حيث النص يشير إلى قانون مالية 2025، و هذا خطأ منطقي، لأننا في بداية سنة 2025، و بالتالي الحديث عن اتفاق سنة 2023 يجعله مرتبطا بقانون مالية 2024) الذي نص بطريقة صريحة على أن هذه الصفة سيحتفظ بها أطر الصحة لنهاية السنة فقط، مستغربًا من إحجام الشغيلة التعليمية عن الانخراط الوازن في معركة إسقاط قانون تجريم الإضراب، والتي تتوهم بأن ما تم تضمينه في المحضر السابق لا يمكن التراجع عنه حين تتوفر شروط غير مُكلِفة للدولة.
وأشار في السياق ذاته إلى تصريحات مسؤول حكومي أكد فيها أن تمرير قانون الإضراب سيكون مقدمةً للمطالبة بتعديل قانون الوظيفة العمومية، وهو ما قد يهدد المكاسب التي تحققت في محضر 26 دجنبر. وأكد أن بعض الشغيلة التعليمية توهمت بأن ما تحقق في هذا المحضر لا يمكن التراجع عنه، وهو ما يشير إلى ضرورة الاستعداد لمعارك قانونية ونضالية قادمة، وفق تعبيره.
وفيما يخص الملفات العالقة، أكد قاشا أن هناك تباطؤًا في تنفيذ بعض البنود الرئيسية للاتفاق، وخاصةً المتعلقة بالتعويضات والحقوق المشروعة للمجموعة التعليمية، مثل تعميم التعويض التكميلي على أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والمختصين، إضافةً إلى التعويضات الخاصة بالمناطق القروية واسترجاع الاقتطاعات عن أيام الإضراب. وأشار إلى أن النقابة قد بعثت برسالة إلى رئيس الحكومة لتحميله المسؤولية الكاملة في تنفيذ هذه البنود وتفعيلها على أرض الواقع.
وأضاف قاشا أن النقابة عازمة على تكثيف جهودها النضالية لمواجهة ما وصفه بـ”محاولات تفكيك” المكاسب، خاصةً في ضوء التهديدات المرتبطة بقانون تجريم الإضراب. ودعا إلى بناء جبهة اجتماعية قوية تضم مختلف الفئات التعليمية لتفادي أي تراجع في الحقوق المكتسبة، مع التأكيد على ضرورة استثمار تجربة الماضي لتجنب الأخطاء السابقة.
كما شدد على ضرورة الاهتمام بشريحة واسعة من العاملين في التعليم الأولي، الذين يعملون في ظروف صعبة ويعانون من تهميش مزدوج، سواء في علاقتهم بالجمعيات أو في سياق الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، مؤكدًا على أن النقابة لن تترك أي ملف عالق دون متابعة، وستظل في حالة تأهب دائم، مستعدةً لخوض معركة النضال من أجل ضمان حقوق الشغيلة التعليمية والصحية وحمايتها من أي محاولات للتقليص منها.