آخر الأخبار

مكاسب الشغيلة في 2024 تصطدم بقوانين اجتماعية تثير غضب النقابات

شارك الخبر

يودع الملايين من الموظفين والمستخدمين المغاربة السنة الجارية ليكونوا مع بداية الساعات الأولى التي تليها مع بدء التنزيل الفعلي لأحد مكاسبها: زيادة 5 في المائة من الحد الأدنى للأجور، المتمخضة عن اتفاق جولة الحوار الاجتماعي لأبريل الماضي، الذي تقول نقابات إن الحكومة أبت إلا أن تردف ما اتخذته فيه من خطوات “متقدّمة” بأخرى “تراجعية” تركزت أساساً في “تغييب جولة شتنبر”، وتمرير “قوانين المالية والإضراب وصناديق التقاعد بلا توافق”.

وشكّل اتفاق 30 أبريل الفائت، بالنسبة للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلة، تتويجاَ “مرضيا نسبياً” لسلسلة مفاوضات “عسيرة” مع الحكومة، إذ تضمّن إقرار زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام قدرها 1000 درهم صافية، وزعت على قسطين، الأول كان في يوليوز الماضي، والثاني سيكون في الشهر نفسه من العام المقبل.

وقضى الاتفاق عينه بالرفع من الحد الأدنى للأجور SMIG بنسبة 10 بالمائة، سيدخل نصفها حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، والثاني مطلع يناير 2026، مع الرفع من الحد الأدنى للأجور SMAG بالنسبة ذاتها ابتداءً من أبريل المقبل، والشهر ذاته من 2026.

وبين ثنايا قانون المالية للسنة المقبلة حرصت الحكومة، مُواصلةً تنزيل مقتضيات الاتفاق الذكر، على إخضاع الأجور الشهرية للأجراء النشيطين وموظفي القطاعات العمومية لتخفيضات ضريبية مهمة، سيكون لها أثر شهري يصل إلى 400 درهم بالنسبة للفئات متوسطة الدخل.

غير أن التوافق الذي حصل بين النقابات والحكومة حول هذه المكاسب خلال أبريل الماضي ما لبث أن بدده بدء مناقشة القانون رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، في لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، في يوليوز الفائت، بعدما أصرّت النقابات على أنه “تكبيلي تعجيزي يقوّض حقا دستوريا ومنصوصا عليه في كافة المواثيق الدولية ذات الصلة”.

وارتفع غضب النقابات من هذا “القانون” بعدما قررت الحكومة إعادته إلى البرلمان، والشروع في مناقشته باللجنة سالفة الذكر، دون “مروره بمؤسسة الحوار الاجتماعي”، مما شكّل “إخلالا” منها بالتوافق المبدئي مع النقابات في هذا الشأن. ومع مصادقة النواب رسميا على المشروع في مجلس النواب، تؤكد النقابات أن السنة المقبلة ستحفل “بالأشكال الاحتجاجية المطالبة بسحبه”.

ولم يكن قانون الإضراب وحده ما أثار غضب النقابات، مما جعل علاقة الحكومة بالشركاء الاجتماعيين تتوتّر، فقد استنكر عليها هؤلاء، ولا يزالون، “تأجيل جولة الحوار الاجتماعي لشتنبر، مما مكّنها من تمرير هذا القانون وقانون المالية ونصوص اجتماعية أخرى دون توافق ضداً على مخرجات اتفاق 30 أبريل 2022”.

“مكتسبات مُتواضعة”

بالنسبة للميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، فإن “المكتسبات التي تحققّت للطبقة العاملة خلال سنة 2024 مُتواضعة إلى جد متواضعة”، مُسجّلاً أنها “تشمل زيادة 1000 درهم في أجور موظفي الإدارات العمومية والجماعات المحلية، وزيادة 10 بالمائة في الحد الأدنى للأجور تبدأ من فاتح يناير المقبل. وهاتان الزيادتان انتزعتهما الحركة النقابية بعد مفاوضات عسيرة مع الحكومة”.

وذكر مخاريق، في تصريح لهسبريس، أنه “بعد جهد كبير كذلك تمكنت النقابات من انتزاع تخفيض الضرائب على الأجور”، مؤكدا أن “كل هاته النتائج لا ترقى إلى طموح الشغيلة المغربية، بل مباشرةً بعد بدء أجرأة هذه النتائج (انطلاق صرف القسط الأول من زيادة الأجور في يوليوز الماضي) بدأت الارتفاعات الصاروخية في الأسعار، مما جعل هذه الزيادات تتآكل وتصير بلا قيمة”.

وأشار الفاعل النقابي، وهو يرصد “التراجعات” التي شهدتها السنة الاجتماعية الجارية، إلى “إخلال الحكومة بالتزامها المكتوب في الاتفاق الثلاثي، القاضي بعقد دورة شتنبر للحوار الاجتماعي قبل صياغة قانون مالية 2025، لأسباب تجهلها النقابات”، مردفا أنه “كان مرتقبا أن تعزز هذه الجولة ما تحقق من مكتسبات”.

ولم يستبعد أن “يكون تملص الحكومة من هذه الجولة راجعا إلى علمها بأن النقابات كانت ستطرح نقطة تآكل الزيادة الممنوحة، وتطالب بسنّ زيادة عامة أخرى في أجور موظفي القطاعين العام والخاص”.

كما استحضر الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل تميّز سنة 2024 بمصادقة الحكومة على “قانون إضرابٍ تكبيلي تراجعي مشؤومٍ، وتمريره بأغلبيتها العددية في مجلس النواب”، مؤكدا أن ذلك “سيكبّل الطبقة العاملة، رغم أن الوزراء أنفسهم يقرون بأن كثرة الإضرابات مردها خرق قانون الشغل، وعدم احترام ساعات العمل، وضعف التصريح بالأجراء لدى الضمان الاجتماعي”.

وأضاف أن “قانون الإضراب عند دخوله الأسبوع المقبل مجلس المستشارين، الذي توجد به الحركة النقابية بقوة، سيواجه نضالاَ مستمرا وشرساً منها، خدمةَ للطبقة العاملة وللبلاد، لأن هذا القانون سيُصنف المغرب في خانة الدول التي لا تحترم حق الاحتجاج، الذي هو حق إنساني أساسي”.

وأكد أنه “مهما سنّت الحكومة من قوانين تكبيلية تراجعية لن تدفع الأجراء والمنظمات النقابية إلى السكوت عن الظلم وانعدام الحوار الاجتماعي”، مشيرا إلى أن “الاتحاد ينظر بتفاؤل إلى سنة 2025، ففيها سيستمر النضال ويرتفع، خصوصا أمام تواصل خرق الحقوق واستغلال الأجراء في مجموعة من القطاعات بعدم تطبيق الحد الأدنى للأجر”.

“سنة التراجعات”

عبد القادر العامري، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “السنة المشرفة على نهايتها تضّمنت تحقيق مكتسبات إيجابية للشغيلة مثل الزيادة في أجور الموظفين، لكن قابلتها تراجعات خطيرة”، متمسكاً بضرورة استحضار “ما تحقق في اتفاق أبريل 2022 من تحول من منطق تشاور الحكومة إلى منطق تفاوضها مع النقابات، ومأسسة الحوار الاجتماعي، بل وضع أفق إحداث قانون إطار ليصبح منتظما في إطار جولتين: شتنبر وأبريل”.

وأوضح العامري، في تصريح لهسبريس، أن “الاتفاق كان يقضي أيضا بالزيادة العامة في الأجور والرفع من حدها الأدنى”، مبرزاً أنه “خلال السنة الجارية تكرّست على أرض الواقع عدة مقتضيات من هذا الاتفاق، إلا أن أخرى عديدة لم تتفعل، وها هي الحركة النقابية تعيش على وقع الخلاف مع الحكومة”. وأضاف أن “جولة شتنبر للحوار الاجتماعي لم تنعقد، وأحيل قانون المالية على البرلمان دون أن تدلي الحركة النقابية برأيها فيه”.

وأكد أن “اتفاق الحكومة والنقابات كان يقضي بعدم إحالة مجموعة من القوانين على مسطرة المصادقة إلا بعد مرورها بمؤسسة الحوار الاجتماعي، والتوصل إلى توافق فيما بينهما بشأنها”، مشيرا في هذا الإطار إلى “مشروع القانون المتعلق بتنظيم الإضراب، الذي استقوت الحكومة بأغلبيتها العددية للمصادقة عليه في مجلس النواب، ومشروع قانون دمج صندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي عرضته الحكومة، وتخطط ليلاقي نفس مآل القانون الأول”.

واستنكر العامري “مرور قوانين اجتماعية مثل هذه، بما لها من حمولة وأبعاد اجتماعية، دون حوار أو توافق اجتماعي”، لافتاً إلى أن “قانون الإضراب، أساسا، يَضرب الحريات النقابية بتكبيلهِ حقّ الإضراب، وهو بذلك مخالف للدستور الذي يمنح هذا الحق، وكذا للمواثيق الدولية ذات الصلة التي تقره”.

وأضاف أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل “الآن في معركة النضال لأن الحكومة أغلقت أمام الحركة النقابية باب الحوار”، مردفا أنها “تناضل على جبهتين: منفردة وداخل الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد. وستبقى مستمرة في ذلك إلى أن تعود الحكومة إلى رشدها، فتطبق ما يتعيّن عليها تطبيقه تنفيذا لما تمّ الاتفاق عليه في 30 أبريل 2022”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


إقرأ أيضا