أكد تقرير نشرته صحيفة “جون أفريك” الفرنسية أن السياسة الخارجية للمغرب تسجل تفوقًا واضحًا في منطقة الساحل مقارنة بالجزائر، مشددًا على الفوارق الجوهرية بين النهجين المتبعين من البلدين في معالجة القضايا الإقليمية والدولية.
وشدد التقرير على أن المغرب يتبع مقاربة تعتمد على القوة الناعمة، والإنسانية، والتنمية الاقتصادية المشتركة، والأعمال التجارية، مضيفًا أن المملكة “لا تثير الانقسام أبدًا، ودائمًا ما تكون متوازنة، وتتجنب الموضوعات الغاضبة، كما تطمح إلى أن تصبح قوة وساطة ودبلوماسية جديدة، ولكن مع نهج عملي وتقدمي يعتمد على المدى الطويل”.
وأكد المصدر ذاته أن الرباط نجحت في بناء شبكة قوية من التحالفات مع الدول الإفريقية من خلال استراتيجيات شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المشتركة، مشيرًا إلى دور المغرب في تقديم مبادرات مبتكرة مثل مشروع خط أنابيب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب، والذي يُعد نموذجًا للتعاون الإقليمي البناء.
في المقابل، اعتبر التقرير أن السياسة الخارجية الجزائرية لا تزال عالقة في نهج تقليدي قائم على المواجهة بدلاً من التعاون، حيث تركز الجزائر بشكل أساسي على دعم الحركات الانفصالية، وهو ما “يؤثر سلبًا على صورتها”، مشيرًا إلى أن الجزائر تعتمد في تعاملها مع القضايا الإقليمية على مقاربة أمنية تفتقر إلى البعد التنموي، ما أدى إلى تراجع نفوذها في القارة الإفريقية.
وأشار التقرير إلى أن غياب رؤية استراتيجية واضحة لدى الجزائر انعكس على سياستها تجاه دول الساحل، حيث تكتفي بتقديم مساعدات محدودة دون تقديم حلول مستدامة للأزمات التي تعاني منها المنطقة، مثل الفقر والتطرف.
وشدد على أن الفارق بين البلدين يظهر بوضوح في التعامل مع ملف دول الساحل. ففي الوقت الذي يعمل فيه المغرب على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة من خلال استثمارات ملموسة، تركز الجزائر على الجانب العسكري والأمني، مما يقلل من قدرتها على كسب ثقة دول المنطقة.
وأكد تقرير الصحيفة الفرنسية أن المغرب يدرك أن الاستقرار في دول الساحل يتطلب نهجًا متكاملاً يشمل التعليم والصحة والبنية التحتية، في حين تعتمد الجزائر على التدخلات العسكرية والدعم السياسي لبعض الفصائل، ما أدى إلى عزلة متزايدة لها في القارة.
وركز المغرب جهوده على ترسيخ حضوره في الساحل عبر مبادرات تنموية وإنسانية متوازنة. فمنذ خطاب الملك محمد السادس في الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، سعى المغرب إلى تعزيز تكامل منطقة الساحل مع المحيط الأطلسي من خلال مبادرة الأطلسي، وهو مشروع استراتيجي يهدف إلى فك العزلة عن هذه المنطقة وتعزيز روابطها الاقتصادية.
في ديسمبر 2023، استضاف المغرب اجتماعًا وزاريًا مع دول الساحل في مراكش لمناقشة مبادرة الأطلسي. وفي هذا الإطار، قام المغرب بتمويل مشاريع إنسانية مثل بناء مستشفيات، كما يدعم تكوين الأئمة والدعاة من دول الساحل لتعزيز الروابط الثقافية والدينية.
ولفت التقرير إلى أن بعض دول الساحل تنتقد المغرب والجزائر بسبب خلافهما التاريخي الذي يمنع أي تكامل اقتصادي للفضاء المغاربي وتعاون أمني فعال خارج نطاقهما، مشيرًا إلى أن “هناك حاجة حقيقية لأن يتوقف المغرب والجزائر عن صياغة قراراتهما من خلال منظور التنافس بينهما”.