دافع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، عن أهمية مشروع “مدارس الريادة”، مبرزا التحديات التي تواجه النظام التعليمي المغربي. وأوضح أن ثلثي تلاميذ التعليم الابتدائي ينهون السلك دون التمكن من القراءة أو الحساب، وهم نفس التلاميذ الذين يُطلب منهم في المرحلة الإعدادية إتقان مواد معقدة مثل الرياضيات والفيزياء وعلوم الحياة والأرض باللغة الفرنسية، مما يجعل مواكبة الدروس أمرا صعبا.
وأشار برادة إلى أن هذا الوضع يتسبب في ظاهرة الهدر المدرسي، خاصة في مرحلة الإعدادي، حيث يغادر حوالي 160 ألف تلميذ المدارس بسبب عدم قدرتهم على التكيف مع متطلبات الدروس. واعتبر أن هذه الفجوة التكوينية هي ما دفع الوزارة إلى تبني حلول مبتكرة مثل مشروع “مدارس الريادة” لتجاوز هذه التحديات.
وأكد الوزير خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أن مشروع “مدارس الريادة” استهدف الموسم الماضي 300 ألف تلميذ في 600 مؤسسة تعليمية، واستفاد 8% من تلاميذ التعليم الابتدائي من البرنامج، بفضل تخصيص 10 آلاف أستاذ و157 مفتشا. وأوضح أن هذا البرنامج سيستفيد منه هذا الموسم مليون و300 ألف تلميذ، بمواكبة 44 ألف أستاذ و560 مفتشا.
وأضاف أن الوزارة قامت بتقييم نتائج المشروع وأظهرت النتائج “الجد إيجابية” مقارنة مع الأقسام التقليدية، بفضل المفتشين وإدخال الحواسيب والعروض التقديمية (الباوربوينت)، التي ساعدت في تحسين تعلم التلاميذ. كما كشف عن إعداد 300 ألف شريحة تعليمية السنة الماضية، مع استمرارية إعداد 2000 شريحة يوميا.
كما أشار الوزير إلى صعوبة تطبيق برنامج “مدارس الريادة” في المرحلة الإعدادية، نظرًا للتغيرات التي يمر بها الطفل في مرحلة المراهقة، بالإضافة إلى تفاوت عدد الأساتذة مقارنة بالمرحلة الابتدائية.
وفي وقت سابق، أقر وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الأسبق، شكيب بنموسى، بتكريس مشروع “مؤسسات الريادة” لعدم تكافؤ الفرص بين تلاميذ المدرسة العمومية، وعدّد مجموعة من التحديات التي تواجه منظومة التربية والتعليم.
وأشار بنموسى، في كلمة خلال المنتدى الوطني للمدرس ، إلى أن مشروع مؤسسات الريادة لا يشمل حاليًا إلا عددًا قليلًا من المؤسسات في المستويين الابتدائي والإعدادي.
واعتبر الوزير أن توسيع هذا المشروع ليشمل جميع المؤسسات والأسلاك التعليمية يشكل تحديًا أمام الوزارة، قائلًا إن الأمر بات ملحًا للرفع من إيقاع الإصلاح ليشمل جميع المؤسسات، لتحقيق تكافؤ الفرص.
ولفت الوزير إلى أن الوزارة أطلقت مشروع مؤسسات، بداية هذا الموسم، ليشمل السلك الإعدادي، و”حتى نوفر الظروف، سنعمل على مواكبة المدرسين لتطوير ممارساتهم البيداغوجية، وتشجيع مبادراتهم التجديدية”.
وتحدث بنموسى آنذاك عن مجموعة من التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية في المغرب، وعلى رأسها تحدي الذكاء الاصطناعي وما يرتبط به من فرص ومخاطر وتأثيرات على العملية التعليمية.
ومن هذه التحديات أيضًا، يقول بنموسى، التحدي المرتبط بمدى قدرة المنظومة على إدماج التكنولوجيات الرقمية والانخراط في التحول الرقمي، و”بنفس الحدة يُطرح سؤال مدى انعكاس التحولات المجتمعية على وظائف المدرسة”.
وأقر بنموسى خلال المنتدى الذي نظم نهاية شتنبر الماضي بالرباط باستمرار أزمة الثقة في المدرسة العمومية، مشيرًا إلى أن تخطي أزمة الثقة هذه ورد الاعتبار للمدرسات والمدرسين ليُساهموا بشكل فعال في تكوين التلاميذ، يشكل تحديًا أيضًا.
وأشار إلى اعتماد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لخارطة الطريق 2022-2026، التي حددت أولويات الإصلاح بناءً على عدد من المرجعيات، أبرزها القانون الإطار وتقرير النموذج التنموي والبرنامج الحكومي.
وأضاف بنموسى أن الوزارة تولي عناية خاصة لتحسين ظروف اشتغال الأساتذة وتزويدهم بالتجهيزات والأدوات البيداغوجية، وتوسيع هامش المبادرة لديهم والاعتراف بنجاحاتهم، قائلًا إن مشروع مؤسسات الريادة أظهر أن المدرس هو الفاعل الجوهري في تحول المدرسة العمومية.