تابعت من مدينة فاس شمال المغرب القمة الموريتانية المغربية بالدار البيضاء مساء الجمعة.
اللافت أن الملك محمد السادس، الذي أجرى عملية جراحية قبل أسبوعين فقط، ويستمر تثبيت كتفه الأيسر، استقبل بشكل رسمي وبحفاوة بالغة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، رغم الطابع الخاص لزيارته بما أنه جاء في زيارة غير رسمية لعيادة حرمه الدكتورة مريم بنت الداه.
للعلم، مريم تتماثل للشفاء، وهي في نقاهة طبية بعد عملية جراحية، وحالتها الصحية غير خطيرة، حسب مصادر عائلية، عكس ما يروج له بعض الناشطين في المهجر.
كمراسل معتمد في المغرب ومقيم به منذ 2015 ويتابع تطورات المملكة الشريفة بما فيها الأنشطة الملكية؛ هذا الاستقبال يترجم أولا الاحترام الكبير والثقة التي يحظى بها رئيس الجمهورية الموريتانية في بلد شقيق وجار ينظر إليه كقوة إقليمية صاعدة، فضلا عن كونه شريكا استراتيجيا وتجاريا رئيسيا لبلادنا .
كما يعكس أيضا “الاستثناء” في التدبير الملكي الحكيم للعلاقات الاستراتيجية والتاريخية مع بلادنا، والتمسك دوما بسياسة حسن الجوار .
لقد غطيت خلال السنوات الأخيرة زيارات أداها للمغرب- الوجهة الدائمة لكبار صناع القرار السياسي والاقتصادي والمالي العالمي- رؤساء دول وحكومات ومسؤولون كبار من قوى عظمى وإقليمية، وانتهت دون اجتماع مع الملك (عندما يكون في إجازة طبية أو عادية)، من بينهم رئيس وزراء إسبانيا ووزير الخارجية الأمريكي والبريطاني والفرنسي .
الجدير بالذكر أن الظروف الخاصة والصعبة التي عقدت فيها هذه القمة- الوعكة الصحية للسيدة الموريتانية الأولى واستمرار إعادة التأهيل الوظيفي للكتف الأيسر لجلالة الملك- لم تمنع قائدي البلدين من تعميق محادثاتهما، حيث تم التطرق إلى قضايا استراتيجية ستغير وجه المنطقة في غضون سنوات قليلة لمصلحة موريتانيا والمغرب، مع الاستغلال الأمثل والناجع للفرص التي ستتيحها لهما، بالنظر لموقعهما الجيواستراتيجي والحيوي، المبادرات الملكية بإفريقيا، وأنبوب الغاز الإفريقي- الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل الحبيسة إلى المحيط الأطلسي .
مصدر مغربي رفيع المستوى قال لي عندما تواصلت معه عبر تطبيق “الواتساب” الليلة إن “صاحب الجلالة يبعث برسالة قوية لهؤلاء الذين يصفون العلاقات المغربية الموريتانية بأنها متردية”.
وأضاف “فخامة الرئيس ضيف سيدنا ويقيم بقصر الضيافة الملكي”.
وخلال نقاش قصير وسريع، قلت لصديق في فندق “ماريوت” إن الرئيس كان موفقا وراقيا أيضا عندما عبر فور وصوله عن رغبته في القيام بزيارة سلام وعيادة للملك محمد السادس، وتعبيره عن امتنانه للعناية الملكية السامية بعلاج حرمه في المصحة الملكية الخاصة، وكرم الضيافة وحسن الاستقبال.
وبغض النظر عن محاولات التشويش والمشاعر البغيضة لبعض المحسوبين على جماعات خبيثة ولوبيات لا تريد الخير للبلدين، عكس التداول الواسع لصور اللقاء وتصدرها للنقاش العام ارتياح الموريتانيين لنجاح دبلوماسية الرئيس في بناء علاقات متوازنة مع المغرب والجزائر، وقدرته، رغم تعقيدات ومتغيرات المنطقة والاستقطاب الدولي والإقليمي الحاد والضغوط والمشاكل الأمنية مع تنامي أنشطة الجماعات الإرهابية والانفصالية وفي مقدمتها جبهة البوليساريو، على أن يضفي دينامية جديدة على العلاقات المتجذرة والاستثنائية مع الرباط، ووعيه بأهمية اللحظة التاريخية والتحول الكبير مع توسع الاقتصاد المغربي جنوبا نحو أفريقيا، وإصراره على أن لا تمر هذه الفرصة دون استغلالها لمصلحة بلاده الجوهرية، فهي قد لا تتكرر .