دعا نواب في البرلمان الحكومة إلى محاصرة ألعاب القمار عبر الرفع من الضرائب المفروضة على مختلف ألعاب الحظ بما فيها التي تستعمل عبر شبكة الأنترنيت، محذرين في المقابل من استغلال المقتضيات الضريبية المتعلقة بالدخل، في شرعنة ممارسات يمنعها القانون، بما يفتح المجال أمام المتحايلين لـ”تبييض الأموال”.
واقترح مشروع قانون المالية برسم 2025، إحداث إلزامية حجز الضريبة من المنبع بالسعر الإبرائي 30 بالمائة من طرف الأشخاص الذين يدفعون مكاسب ألعاب الحظ السالفة الذكر، وكذا مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها أو أي شخص يتوسط في دفع مكاسب ألعاب الحظ عبر الإنترنت.
وخلال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المالية لسنة 2025، في اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، اليوم الجمعة 01 نونبر 2024، أكد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن القانون يمنع القاصرين من ألعاب الرهان والقمار، ويمنع كذلك تبييض الأموال عن طريق هذه الألعاب، لكن تطبيق الضريبة على الدخول كما جاءت في مشروع القانون المالية، من شأنه أن يحول هذا المنع إلى مدخل للتقنين والشرعنة.
ودعا بووانو الحكومة، عبر وزارة الاقتصاد والمالية، إلى الانتباه لهذا الأمر، من خلال ما لديها من وسائل تمكنها من معرفة هوية أصحاب الدخول المتأتية من القمار والرهان، سواء كانوا أفرادا أو غير ذلك، مشددا على أن مرجعيته في إثارة هذا النقاش، قانونية صرفة، بالرغم من كونه يتعلق بالدين الرسمي للدولة الذي هو الإسلام، وفق ما ينص عليه دستور المملكة، مشيرا إلى أن موضوع الدين وإن كان علاقة بين الفرد والله، فإن القانون لا يمكن أن يسمح بما يخالف تعاليمه.
ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أكد أن التضريب يتعين أن يظل خاضعا لمبدأ العدالة الجبائية وفق ما ينص عليها الدستور، وأن هناك أموالا طائلة يجنيها أصحاب هذه الشركات التي تنشط في ممارسة ألعاب القمار، دون أن يؤدوا أي ضرائب لخزينة الدولة، مشددا على أن” التشريع يقتضي استحضار جملة من المعطيات، لأن التشريع ينبغي أن ينصب على ضرورة تنظيم الأنشطة والتي يتعين أن تكون مؤطرة قانونيا”.
عادل البيطار عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، في معرض تدخل له خلال المناقشة التفصيلية لمشروع مالية 2025، أن التضريب في مجال ألعاب الرهان، ينظمه القانون بعيدا عن الشرعية الدينية، وهو مؤطر بموجب المادة 70 من المدونة العامة للضرائب، لافتا إلى أنه مع التطور التكنولوجي، أصحبت اليناصيب تعلب في مجال الرقمي، وتراكم أرباح خالية دون أن تؤدي ما عليها من ضرائب.
ولفت البرلماني ذاته، الانتباه إلى أن هناك أندية رياضية مغربيىة توظف إشهار اليناصيب في أقمصتها، وأن أي مراجعة لهذا الموضوع بمناسبة مشورع قانون مالية 2025، ينبغي أن تعيد النظر في التساهل مع المستشهرين في مجال كرة القدم، مسجلا في السياق ذاته، أن ألعاب الحظ منظمة بموجب القانون وتُمنع على القاصرين وفي الأماكن غير المرخص بها، وأن التعامل معه ينبغي أن يتم بمنطق العدالة الضريبية التي تفرض أن يؤدي كل ما بذمته لخزينة الدولة بناء على حجم مداخليه.
رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أكد أن النقاش حول المسائل المتعلقة بالقمار يجب أن النظر إليها من زاوية “ألعاب الحظ”، كما وردت في نص القانون ويجب ألا نحمل هذه المادة أكثر مما تحتمل، مضيفا “اليوم نجد أن صاحب محلبة يؤدي الضرائب بشكل منتظم، بينما هناك آخرون يراكمون ملايين الدراهم ونتركهم يتملصون دون وجه حق من أداء الضرائب”.
وشدد حموني ضمن نفس الجلسة البرلمانية، على ضرورة تطبيق المقتضيات المنصوص عليها في المادتين 70 و103 من المدونة العامة للضرائب، مثمنا في المقابل، الإجراء الذي جاءت به الحكومة ضمن مشروع قانون مالية 2025 والمتعلق برفع الضرائب على ألعاب القمار والعمل على حجزها من المنبع وان تذهب إدارة الضرائب إلى ابعد حد لاستخلاص هذه الضرائب. وحذر حموني من الاحتيال على القانون في مجال أنشطة ألعاب القمار، من أجل إخفاء جرائم تبييض الأموال، مؤكدا ضرورة توسيع الوعاء الضريبي من أجل تضييق الخناق على الأشخاص المخالفين.
عبد اللطيف الزعيم عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أكد بدوره أنه يجب الخروج من دائرة النفاق المجتمعي في التعاطي مع موضوع القمار على غرار الخمور والسجائر وغيرها، وأن الذي يلعب القمار، ينبغي أن يؤدي الضرائب لخزينة الدولة شأنه في ذلك شأن الأشخاص الذين يتعاطون الخمور
وسجل الزعيم في نفس السياق، أن الإجراء الضريبي الجديد الذي جاءت به الحكومة ضمن مشروع قانون المالية برسم 2025، سيرفع من تكاليف ممارسة ألعاب القمار، مما سيدفعهم إلى الابتعاد عنها، مردفا “وبالتالي هذه خطوة مهمة تجعل كل واحد يفكر بأن لعب القمار يفرض عليه أداء 30 بالمائة لخزينة الدولة، وهي طريقة غير مباشرة لمنع هذه الألعاب بعيدا عن الخلفية الشرعية”.
وتسعى الحكومة في مشروع مالية 2025 إلى إحداث صنف جديد للدخول الخاضعة للضريبة على الدخل، لإخضاع جميع الدخول والأرباح التي لا تندرج ضمن الأصناف الخمسة للدخول، وذلك تطبيقا للممارسات الدولية الفضلى.
ويهم الأمر الدخول التي تم تقييمها في إطار مسطرة فحص مجموع الوضعية الضريبية للأشخاص الذاتيين والتي لم يُبرر مصدرها، ومكاسب ألعاب الحظ النقدية أو العينية كيفما كانت طبيعتها، والدخول والمكاسب المختلفة المتأتية من العمليات الهادفة إلى تحقيق ربح وغير المدرجة في صنف آخر من أصناف الدخول.
هذا، وبحسب مشروع قانون المالية لسنة 2025، تقترح الحكومة مراجعة الشرائح الأخرى للجدول بهدف توسيعها وتخفيض أسعار الضريبة المطبقة عليها، مما سيترتب عليه تخفيض قد يصل إلى 50 بالمائة من هذه الأسعار، إضافة إلى تخفيض سعر الضريبة الهامشي من 38 بالمائة إلى 37 بالمائة.
في السياق ذاته، اقترحت الحكومة كذلك رفع مبلغ الخصم السنوي من الضريبة على الدخل عن الأعباء العائلية من 360 إلى 500 درهم عن كل شخص يعوله الخاضع للضريبة، وبالتالي سيتم رفع سقف هذا التخفيض من 2160 درهماً إلى 3000 درهم، مع الإبقاء على الاستفادة من هذا التخفيض لفائدة 6 أشخاص يعولهم الخاضع للضريبة.