آخر الأخبار

الداخلية الفرنسية تحاكم آراء الغزوي .. حقوقيون: ازدواجية معايير ضد فلسطين

شارك الخبر
مصدر الصورة

بعدما عرفت بمواقف قوية فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الضمير، ومواقف مثيرة للجدل خاصة في المنطقة المغاربية وفي صفوف المسلمين بغرب أوروبا وبالخصوص فرنسا، تتابع الصحافية المغربية الفرنسية زينب الغزوي، التي تعرفها بعض الصحافة الفرنسية بـ”الناشطة المناهضة للإسلاميين”، بشبهة “التحريض على الإرهاب” بسبب رفضها إدانة “طوفان الأقصى” ووصفها في تصريحات إعلامية بمنابر فرنسية حركة حماس بـ”المقاومة” وإسرائيل بكونها “دولة إرهابية” و”داعش ناجحة”، فضلا عن ذكرها أن الإسرائيليين مجتمع ليس فيه مدنيون، لأن مواطنيه “مستوطنون، يخضعون للتجنيد الإجباري” على أراض فلسطينية.

سياق المتابعة

سحبت في سنة 2023 من زينب الغزوي “جائزة الجمهورية الفرنسية سيمون فايل” التي يمنحها الرئيس الفرنسي، بعدما توجت بها سنة 2019 نظرا لـ”معركتها ضد الإسلاموية” ولكونها نموذجا حيا لـ”إرث سيمون فيل”، قبل تشبيهها الممارسات الإسرائيلية على غزة بالممارسات النازية “الهولوكوست”، وهو ما اعتبرته الجائزة الفرنسية الرسمية، على لسان فاليري بيكريس، رئيسة منطقة إيل دو فرانس، “صادما” ضد “من عاشوا بربرية المحرقة”، و”لا يتلاءم مع رسالة السلام التي أخذتها على عاتقها طيلة حياتها سيمون فايل”.

وردت الغزوي على هذا الموقف بالقول: “منذ 4 سنوات، كان لي شرف استلام جائزة سيمون فايل، وهي جائزة من الجمهور الذي صوت بأغلبية ساحقة لصالح منحها لي. بالنسبة لي، فإن تعاليم سيمون فايل تجعل للإنسانية الأسبقية دائما على العشيرة أو السياسة (…) إذا كانت جائزة سيمون فايل ستظل صامتة في وجه الأعمال الإجرامية المدانة دوليا لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، سأكون سعيدة جدا بإعادتها. ومن ناحية أخرى، إذا كانت جائزة سيمون فايل تعني، كما أعتقد، الدفاع عن البشر ضد الجريمة الجماعية التي يرتكبها أي نظام متعصب، فإنني أدعوكم إلى ضم صوتكم إلى صوتي للدفاع عن حق الفلسطينيين في العيش بسلام. خالية من أي احتلال أو استعمار أو طغيان”.

الصحافية السابقة بمجلة “شارلي إبدو” الساخرة، متابعة في شهر أكتوبر الجاري بناء على شكاية لوزير الداخلية الفرنسي بتهمة “مساندة الإرهاب”، بعد مداخلات عديدة على وسائل إعلام متلفزة، ورقمية، وورقية، فرنسية وأجنبية وعربية، قبل حوار مع مجلة تركية، أعلنت بعده الداخلية الفرنسية، في صفحة وزيرها برونو ريتايو على “إكس”، وضع شكاية لدى المدعية العامة بباريس ضد تصريحات الغزوي الصحافية.

وعلقت الصحافية زينب الغزوي على هذا بالقول: “في دولة من المفروض أنها عظمى، وزير داخلية لا يجد إلا أن يدون ضد كاتبة وصحافية ومواطنة، بسبب آراء صحافية لجريدة أجنبية غير فرنسية، بناء على ما أملاه علي ضميري حول حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، في محاولة بائسة لستر عورة إسرائيل، والتغطية على الانهيار الأخلاقي الكبير الذي يشهده العالم، والذي يجر معه كل من يساند الكيان الصهيوني في جرائمه”.

وأضافت الغزوي: “فرنسا التي لطالما ادعت أنها قبلة الحرية في العالم، من المساندين لهذه المحرقة البشعة للكيان الصهيوني (…) يوجد بها فتك بمساندي القضية الفلسطينية، عبر اعتقالات ومتابعات ومضايقات على كل من يدافعون عن قضايا الشعب الفلسطيني”، وهو ما يظهر “مدى النفاق والكيل بمكيالين لدول الغرب”.

وتابعت: “أقول هذا وقد آمنت سابقا بخدعة وكذبة كبرى هي المساواة بين الأديان والمساواة في الوطنية، وهذا ليس صحيحا بالمرة، والعلمانية في فرنسا توجد تجاه دين واحد بدرجة أولى هو الإسلام، وحتى الدين المسيحي. وكل من يشير إلى المشروع الديني المتطرف لـ”داعش الناجحة” (إسرائيل)، نجد (…) علمانيين يساندون بعنصرية” هذا “المشروع الإرهابي الصهيوني”.

“شجاعة الموقف”

في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال الحقوقي الطيب مضماض: “أعرف زينب الغزوي منذ زمن، وهي من المدافعات الشرسات على مواقفها ورأيها، وكانت من المناضلات الأوائل اللائي أخرجن بمبادرات جريئة نقاش الحريات الشخصية، واضطرتها ظروف العيش وإمكانياتها للعيش في فرنسا لأن أمها فرنسية، واشتغلت صحافية في شارلي إيبدو حين تعرضت للعملية الإرهابية، وكانت لها مواقف، بالنسبة لي شخصيا، اندفعت نحو العقلية الاستعمارية الفرنسية، بما فيها موقفها من الانتخابات الأخيرة في فرنسا”.

ثم استدرك مضماض قائلا: “لكنها تبقى إنسانة حرة في تفكيرها، ولها قناعتها حول الدفاع عن الديمقراطية والحرية وكانت ترى فرنسا بلد الحريات، كما كنا نرى جميعا كيساريين الديمقراطيات الغربية”، ووقفت على “استغلال القيم النبيلة بأشكال خبيثة من قبل الامبرياليات الغربية والفرنسية بالخصوص”.

وتابع الفاعل الحقوقي: “أنا جد مرتاح لما وصلت إليه زينب الغزوي في هذه الصيرورة، لما فهمت أن مكانها وسط مواطنيها ومواطناتها المغاربة الواعين بدورهم في مجتمعاتهم لمواجهة الإمبريالية والصهيونية، وتصريحاتها اليوم وسط الماكرونية (نسبة إلى الرئيس ماكرون) في سياق الدولة الفرنسية جريئة وستدفع ثمنها، وهي واعية بذلك. وهي شجاعة أيضا في النقد الذاتي لمسارها النضالي والفكري. حقوقيا، لا يمكن إلا أن أكون إلى جانبها، وإلى جانب كل من يتعرضون لانتهاك آرائهم في الحرية الفكرية”.

“ازدواجية المعايير”

في تصريح لهسبريس، قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان: “نعتبر أن متابعة زينب الغزوي وتحريك المتابعة من طرف وزارة الداخلية الفرنسية، أمر يؤكد مسألة سياسية أشرنا إليها في مناسبات متعددة، هي ازدواجية المعايير لدى المجتمع الأوروبي، وخاصة المسؤولين، وسياسة الكيل بمكيالين”.

وزاد شارحا: “عندما يتعلق الأمر بقضايا تخدم مصالحهم وتوجههم، تصنف قضايا حرية رأي وتعبير، أما القضايا التي تعاكس توجههم ولها ارتباط بقضايا إنسانية حقيقية مثل القضية الفلسطينية، فيستعملون السلطة المخولة لهم في المتابعة والتضييق وقمع الأصوات التي تنادي بالحرية للفلسطينيات والفلسطينيين، ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة”.

ثم استرسل قائلا: “لقد تكرر هذا الأمر مع زينب الغزوي، ومجموعة من النشطاء على مستوى الجمهورية الفرنسية ودول أوروبية أخرى. ففي ألمانيا مثلا، نشهد بشكل يومي قمع الاحتجاجات أو الوقفات والمسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، إلى درجة أن البوليس الألماني يلاحق طفلا لارتدائه كوفية أو حمله علما فلسطينيا”.

بالتالي، يقدر عادل تشيكيطو أن “الشعارات التي صدعت أسماعنا بها بعض النخب الأوروبية مزيفة، والمتحكم هو الكيان الصهيوني الضاغط على المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، ومن حسنات القضية الفلسطينية فضح زيف الشعارات التي رفعها البعض”.

“القيم الإنسانية”

الحقوقي فؤاد عبد المومني صرح من جهته لهسبريس بأنه “لا يسع المرء إلا أن يتضامن مع زينب الغزوي، وكافة الناس الذي تعرضوا للقمع، بسبب تعبيرهم على آراء مشروعة، ولو أنها لا تساير الخط السياسي الذي عليه قيادة البلدان الذين هم موجودون فيها”.

ثم أردف قائلا: “من المفيد للناس الذين كانوا يكفرون أمس زينب الغزوي لمواقف وتحليلات في وقت العمليات الإرهابية بباريس، والتي كانت من ضحاياها غير المباشرين، أن يستحضروا أنه يمكن أن نختلف في قضايا أساسية، ولا يعني هذا أن الآخر قد فقد إنسانيته، وأن علينا محاكمة نواياه وتخوينه لأننا اختلفنا معه في الرأي”.

وتابع عبد المومني: “أظن أن من أخطر النتائج للسياسة التي تنهجها عدد كبير من القوى في الغرب حاليا تجاه ما يقع من جرائم في حق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، هو أنها تعطي المناسبة لتيارات مجتمعية كثيرة لتحاول أن ترجعنا إلى صراع الحضارات، وشعارات نحن والغرب، وأن الغرب دائما همجي وكله كذلك، وأن القيم التي هيمنت، وكان لما يسمى الغرب موقع مركزي فيها، مثل: الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والسلم… مجرد فقاعات، وادعاء أن الحقيقة أن هذه مواجهة إما نكون نحن أو يكون الآخر، ولا بد من محق بعضنا البعض”.

وأكد الحقوقي ذاته أنه “رغم هول ما يقع الآن، ينبغي أن نبقى واعين بأن قيم الإنسانية ليست لما نسميه الغرب، بل هي قيم أفرزتها الإنسانية جميعا، وما يسمى الغرب حامل لتناقضات، مثلنا، وفيه الصالح والطالح، والشيطان والملاك”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا