آخر الأخبار

خبير يفكك أسباب تدهور قدرة الأسر المغربية

شارك الخبر
مصدر الصورة

تشير أحدث البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى تراجع ملحوظ في مؤشر ثقة الأسر المغربية خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سنوات، فبعد أن شهد المؤشر ارتفاعًا ملحوظًا في بداية عام 2018، مدفوعًا ببيئة اقتصادية مستقرة، بدأ في الانخفاض تدريجياً مع كل صدمة اقتصادية، ومثلت جائحة كوفيد-19 نقطة تحول حادة، حيث سجلت الثقة انخفاضاً قياسياً، لتستمر في التدهور مع تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المغربي.

وأظهرت بيانات المندوبية تراجعاً ملحوظاً في ثقة الأسر المغربية منذ عام 2018، حيث بلغ المؤشر 46.2% في الربع الثالث من 2024، مقارنة بـ 87.3% سابقاً.

في بداية عام 2018، شهد مؤشر ثقة الأسر مستوى مرتفعاً بلغ 87.3%، مدعوماً ببيئة اقتصادية إيجابية تتميز بنمو اقتصادي بلغ 3% وتضخم معتدل عند 1.6%، ما ساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، بالتزامن مع انخفاض معدل البطالة من 10.5% في الربع الأول إلى 9.3% في الربع الثالث.

ورغم التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته البلاد في عام 2019، حيث انخفض النمو من 3.8% إلى 2.1% وارتفعت البطالة إلى 10.2%، فإن مؤشر ثقة الأسر أظهر استقرارًا نسبيًا، وهو ما يعزى بشكل رئيسي إلى استمرار التضخم عند مستوى منخفض بلغ 0.2% في المتوسط خلال العام.

وشهد مؤشر ثقة الأسر المغربية انخفاضاً حاداً في عام 2020 نتيجة لتداعيات جائحة كوفيد-19. فقد تراجع المؤشر من 75.7% في الربع الأول إلى مستوى قياسي بلغ 60.6% في الربع الثالث، وذلك بالتزامن مع توقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية وتراجع النمو بنسبة 14.9% في الربع الثاني. وارتفع معدل البطالة إلى 12.7%، مما زاد من مخاوف الأسر وعمق من تراجع ثقتهم.

وحسب المعطيات المتوفرة فقد عرف مؤشر ثقة الأسر المغربية تدهوراً متواصلاً خلال عامي 2022 و 2023، بانخفاضه من 53.7% في الربع الأول من عام 2022 إلى 46.6% في نهايته، وهو ما يعزى إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع التضخم إلى 6.6% نتيجة اضطرابات سلاسل التوريد والحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة الذي زاد من الضغوط على الأسر.

عاش المغرب والعالم منذ عام 2018 سلسلة من الأحداث التي أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي على مستوى ثقة الأسر، ووفقًا للمحلل الاقتصادي مهدي لحلو، فإن أولى هذه الأزمات تمثلت في الأزمة الصحية العالمية التي استمرت حتى عام 2021، ما تسبب في تراجع الناتج الداخلي الخام للمغرب بنسبة 8% خلال عام 2020، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.

وأشار لحلو إلى أن الجفاف الذي ضرب المغرب في السنوات الأخيرة كان له تأثير ملحوظ على الاقتصاد، حيث استمر الجفاف بدرجات متفاوتة، سواء بشكل عام أو محدود، إلا أن حدة الجفاف كانت بارزة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية.

وعلى الوطني، تطرق المحلل الاقتصادي إلى زلزال الحوز الذي شهده المغرب سنة 2023 والذي أضاف مزيدًا من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

لفت الخبير الاقتصادي، إلى أن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المغرب ازدادت حدتها خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم التي بدأت منذ أوائل عام 2022، معتبرا أن هذه الأزمة الاقتصادية أسهمت في تآكل ثقة المواطنين في الحكومة الحالية.

وأوضح لحلو أن هناك خيبة أمل كبيرة بين المواطنين الذين كانوا يعتقدون أن قيادة الحكومة من قبل شخص يدير أكبر الشركات في المغرب ستساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الواقع أظهر أن الحكومة لم تتمكن من رفع معدلات النمو الاقتصادي كما كان متوقعًا.

وفيما يتعلق بتداعيات الوضع الاقتصادي الحالي، أشار لحلو إلى أن البطالة في المغرب وصلت إلى مستويات قياسية، حيث بلغت حوالي 14%، مضيفا أن القطاع الزراعي تأثر بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق الداخلية، مشيرا إلى أن المملكة أصبحت مستوردة للبذور، القمح، اللحوم الحمراء، الأعلاف، الزيوت، وحتى أضاحي العيد.

واختتم لحلو تصريحه بالإشارة إلى أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تراجع ثقة الأسر المغربية في الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ما يزيد من تحديات الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا