آخر الأخبار

خبراء يحمّلون الحدود الموروثة عن الاستعمار مسؤولية تأبيد النزاعات بإفريقيا

شارك الخبر

حفاظا على الخط الذي رسمه موسم أصيلة الثقافي الدولي لنفسه منذ بدايته، من خلال تناول القضايا الحارقة بالنقاش والتحليل، عرض القائمون على المنتدى في الدورة الخامسة والأربعين موضوع “أزمة الحدود في إفريقيا” للنقاش في أولى ندوات جامعة المعتمد ابن عباد، حيث شهدت جلستها الأولى تقديم قراءات متقاطعة حول الموضوع الشائك، حمله أكاديميون من دول مختلفة مسؤولية تأبيد الخلاف والنزاعات في القارة السمراء.

مصطفى حجازي، الخبير المصري في الاستراتيجية السياسية والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية سابقا، اعتبر، في مداخلة بالمناسبة، أن الحديث عن آفاق المستقبل في إفريقيا في ظل أزمة الحدود الموروثة عن الاستعمار يعني “الحديث عن المطلوب والواجب وليس عن المتاح والفتات فقط”، مؤكدا على ضرورة عدم الامتثال لما سماه “المنظور الغربي الاستعماري القائم على التسعير”.

وأضاف حجازي شارحا وجهة نظره للتسعير أي “جعل لكل شيء سعرا حسب الرؤية البراغماتية للغرب”، مطالبا باستبداله بـ”منظور القيمة”، حيث أكد الوطن أو الإنسان أو المستقبل لا يمكن أن يقدر بثمن.

وأشار الخبير المصري إلى أن تجاوز القارة السمراء لمأساتها الحالية والعبور إلى صناعة المستقبل يمر وجوبا عبر مدخل مركب، قوامه الثقافة والكرامة والقيم والعدل ومساحة شاسعة من الحرية، وفق تعبيره.

من جهته، حذر زكريا أبو الذهب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، من “حملة جديدة”، اعتبر أنها تريد “النيل من استقلال البلدان الإفريقية، وينبغي الاستعداد لمواجهتها والتصدي لها”.

وأفاد أبو الذهب بأن الحدود الموروثة عن الحقبة الاستعمارية خلفت “التشرذم والبلقنة كإرث كولونيالي، ما زال يعشش ليس في العقليات فحسب؛ ولكن في مجموعة من التشريعات القانونية”.

وأكد الأكاديمي ذاته أن المغرب عانى الأمرّين من “ميثاق الحفاظ على الحدود كما صاغها الاستعمار، سواء مع الجزائر أو مع إسبانيا إبان احتلالها للأقاليم الجنوبية للمغرب”.

كما اعتبر أبو الذهب أن مبدأ تقرير المصير “يبدو في ظاهره عادلا؛ لكنه من حيث الكنه والجوهر يتضمن ميكانيزمات تفضي إلى اللاعدل”، داعيا إلى ضرورة تخطي مفهوم “الجغرافيا وإحداث أخرى بديلة قائمة على تكتلات اقتصادية وسياسية تكاملية”، مذكرا بنموذج الاتحاد الأوروبي الذي أضحى تكتلا ينافس القوى العظمى.

مصدر الصورة

من جانبه، اعتبر الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي، أن الحدود التي خلفها الاستعمار في إفريقيا أدت إلى بروز واقع مربك في القارة، مبرزا أن الاستعمار رسم الحدود على شكل خطوط مستقيمة وفقا لمصالحها قبل خروجها.

وأشار الفقيه إلى أن هذا الإرث عقّد الأمور كثيرا في وجه منظمة الوحدة الإفريقية التي جمدت الوضع وتركته وفق ما وضعه الاستعمار، لافتا إلى أن هذا الإرث مرتبط بقوى استعمارية “تتحدث بلسان غير لسان أصحاب الأرض وتتحرك في حدود ليس لها شأن في رسمها، وظل لها نفوذ في القارة وإشكاليات مازلنا لن نجد لها حلا حتى اليوم”.

وختم قائلا: “إن عطايا من لا يملك لمن لا يستحق أثمرت خلافات حدية بين دولة وأخرى”، محملا ذلك مسؤولية “الانفصالات المتواصلة”، في إشارة إلى ما عرفه السودان سنة 2012.

أما حاجي أمادوسال، وزير العدل السابق في السنغال، فدعا إلى الإقرار بأن شعوب إفريقيا كلها قاومت الاستعمار وهزمت، مؤكدا أن الهزيمة أدت إلى الاستعمار ومنحت المستعمر القدرة على رسم حدودنا حسب مصالحه.

وسجل أمادوسال بأن الحدود التي رسمها الاستعمار لم تُراعٍ العلاقات الاجتماعية والتاريخية بين شعوب المنطقة، معتبرا أن ما قام به الاستعماران الفرنسي والإنجليزي في إفريقيا “تشريد وتفريق” بين الشعوب المتعايشة والمترابطة فيما بينها في عدد من الأقطار.

وأشار السياسي السنغالي إلى أن الاستعمار جعل إفريقيا أمام خيارين فقط؛ إما التسليم بالواقع والحدود التي رسمها أو خوض الحروب والنزاع على الحدود، مشددا على ضرورة التسليم بأن لنا “قدرا مشتركا وخصوصيات تجمعنا أكثر مما تفرقنا”.

واعتبر أمادوسال أن الأفارقة يجب أن يرفضوا نموذج التنمية المتبع فيها والمفروض من القوى الاستعمارية، مؤكدا الحاجة إلى “عدم القبول بالأمور كما هي ونعزز إرادتنا ووحدتنا بهدف تحقيق الاندماج لنحصل على التكامل المطلوب”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا