آخر الأخبار

موسم أصيلة.. أكاديميون يحذرون من استعمار جديد يهدد القارة الإفريقية (صور)

شارك الخبر

حذر أكاديميون أفارقة وعرب من مخاطر استعمار جديد يهدد استقلالية القارة الإفريقية، مؤكدين أن الأزمات الراهنة التي تعاني منها الدول الإفريقية، خصوصًا أزمة الحدود، هي امتداد لإرث الاستعمار القديم الذي ما زال يعرقل تطور القارة وتكاملها.

جاء ذلك خلال الجلسة الأولى من ندوة بعنوان “أزمة الحدود في إفريقيا؛ المسارات الشائكة”، المخصصة لـ”الجغرافيا السياسية الكولونيالية والقضايا الاستراتيجية الراهنة”، والتي نظمت ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الخريفية الخامسة والأربعين الذي انطلقت فعاليته أمس الاثنين.

واتفق المشاركون على أن التكامل الاقتصادي والسياسي في إفريقيا يمثل السبيل الأمثل لتجاوز الإرث الاستعماري.

وأكدوا على ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية لتشكيل تكتلات اقتصادية قوية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

مصدر الصورة

وأجمع الأكاديميون المشاركون في الندوة على أن القارة الإفريقية تواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالإرث الاستعماري، إلا أن تجاوز هذه التحديات يتطلب مقاربة شاملة تستند إلى الإبداع الفكري والتكامل الاقتصادي.

وأكدوا أن الاستعمار الجديد يتخذ أشكالًا متعددة، لكن بالوحدة والتعاون يمكن لإفريقيا أن تستعيد مكانتها وتحقق استقلاليتها الحقيقية.

انتفاضة فكرية ابستمولوجية

في مداخلته، أكد زكرياء أبو الذهب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني من آثار الاستعمار، حيث تشهد “تشرذمًا وتمزقًا وبلقنة”، وهو ما يعد انعكاسًا للإرث الاستعماري.

وأوضح المتحدث أن الاستعمار ترك وراءه منظومة قانونية غير منصفة، مشيرًا إلى أن هذه المنظومة تستند إلى مرجعيات غربية لا تأخذ في الاعتبار خصوصيات الشعوب الإفريقية.

وأضاف: “القانون الذي لا ينصفنا يحمل في جوهره مفاهيم استعمارية، وهو ما يستوجب إعادة النظر في مجموعة من القوانين والتشريعات التي تعتمد على تلك المرجعيات”.

واعتبر أبو الذهب أن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية الذي نص على الاحتفاظ بالحدود الموروثة من الاستعمار، شكل تحديًا كبيرًا لدول مثل المغرب، الذي تقدم بتحفظات على تلك المبادئ منذ تأسيس المنظمة.

وأشار إلى أن المغرب ما زال يدفع ثمن هذا الإرث الاستعماري، مستشهدًا بمشكلة الحدود مع الجزائر والاستعمار الإسباني السابق للصحراء المغربية.

وفي السياق ذاته، شدد المتحدث على أهمية “إعادة بناء المفاهيم” لمواجهة الاستعمار الجديد الذي يسعى إلى تقويض استقلالية إفريقيا.

ولفت إلى الحاجة إلى انتفاضة فكرية لإعادة قراءة التراث القانوني والسياسي للقارة، مقترحًا تبني “إبداع مفاهيمي وأبستمولوجي” للتصدي لهذه التحديات.

واستشهد بالفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري، الذي فكك العقل السياسي العربي،  والمفكر المصري حسن حنفي، مؤكداً أن إفريقيا تحتاج إلى انتفاضة مشابهة لتجاوز القيود الفكرية والقانونية التي خلفها الاستعمار.

وأشار أستاذ العلاقات الدولية، إلى أهمية مشروع إقامة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مؤكداً أن هذا المشروع يمكن أن يشكل نقطة انطلاق نحو تكامل اقتصادي حقيقي.

إقرأ أيضاً: في افتتاح موسم أصيلة.. بنعيسى: أزمة الحدود بإفريقيا تستغلها دول لأغراض توسعية

وأضاف أن تجاوز الحدود الجغرافية الضيقة والبحث عن فضاءات اقتصادية جديدة سيساهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز من مكانة إفريقيا على الساحة الدولية.

ولفت إلى أن “هناك مجهود ينبغي أن نبذله في ما يتعلق بالإبداع المفاهيمي والأبستمولوجي للتصدي لما اسميه حملة جديدة تريد أن تنال من استقلاليتنا بصفة عامة وينبغي أن نكون مستعدين لمواجهتها”.

قوة الفكرة

من جانبه، أشار مصطفى حجازي، خبير الاستراتيجية السياسية المصري، إلى أن غياب “قوة الفكرة” قد يؤدي إلى تحول الأوضاع في إفريقيا إلى صراع اقتصادي جديد يهدف إلى استغلال ثروات القارة دون تحقيق أي مكاسب حقيقية لشعوبها.

واعتبر حجازي أن الحديث عن تجاوز البعد الاستعماري يتطلب بحثًا عميقًا عن الهوية الإفريقية وشخصيتها المتكاملة.

وأشار إلى مؤتمر برلين عام 1884، الذي كان بمثابة تقسيم استعماري قانوني للقارة الإفريقية، مشددًا على أن الاستعمار لم يكن فقط عملية نهب، بل جاء مصحوبًا بفلسفة استعمارية تهدف إلى تقديم المستعمر كمنقذ للقارة.

وأوضح أن الاستعمار الأوروبي كان يقوم على ما أسماه “حمض الرجل الأبيض”، وهو مفهوم يرتكز على استغلال الثروات الإفريقية تحت مبررات حضارية.

وحذر من القبول بالمتاح في القضايا الإفريقية، مشددًا على ضرورة السعي لتحقيق المطلوب والواجب. وأكد أن الاستعمار القديم قام على “العقلية السعرية” التي تقيم كل شيء بناءً على قيمته المادية.

وأشار إلى أن الأوطان والمستقبل لا يجب أن يكون لهما سعر، بل قيمة. ودعا إلى تبني مقاربة مبدئية ترتكز على العدالة والثقافة والشراكة في تحقيق السعادة المستدامة لشعوب القارة.

وأوضح أنه “إذا غابت قوة الفكرة  عما يأتي في حديثنا عن مستقبل إفريقا سينقلب الامر إلى تكالب مرة أخرى من باب البرغماتية الاقتصادية أو التناطح الاقتصادي وينتهي الأمر إلى صراعات لا نهائية لن تستفيد منها إفريقيا بل سيستفيد منها من أوصلوها إلى ما نحن عليه اليوم  وبالتالي استدعاء قوة الفكرة اصبح أمر واجب ولا مناص عنه”.

تجاوز النفوذ

بدوره، استعرض الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في عمان، الواقع الاستعماري والجغرافي الذي تعيشه إفريقيا اليوم.

وأوضح أن الحدود التي رسمها الاستعمار لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا للقارة، حيث عمدت القوى الاستعمارية إلى رسم تلك الحدود وفقًا لمصالحها، مما أضاف تعقيدات جديدة للوضع السياسي والاجتماعي في إفريقيا.

وأكد الفقيه أن الاستعمار لم يقتصر على رسم الحدود بين الدول فقط، بل تجاوز ذلك إلى رسم حدود داخلية داخل الدول نفسها، بهدف تطبيق سياسة “فرق تسد” ومنع استقرار الأوضاع.

وأوضح أن هذه الحدود الداخلية أسهمت في تفاقم التوترات الاجتماعية والسياسية داخل الدول الإفريقية، وأن الاستعمار عمد إلى تجميد القضايا المتعلقة باللغات والثقافات والاقتصادات السياسية في القارة.

وأضاف الفقيه أن القارة الإفريقية لا تزال تتحدث بلسان المستعمر وتتحرك في حدود رسمها المستعمر، مما يعقد جهود الوحدة والتكامل.

وأشار إلى أن القوى الاستعمارية لا تزال تملك نفوذًا كبيرًا داخل الدول الإفريقية، مشددًا على ضرورة تجاوز هذا النفوذ لتحقيق الاستقلال الحقيقي للقارة.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا