آخر الأخبار

“نداء طاطا”: دعم الفيضانات غير كاف والكوارث تعري “جغرافية المغرب الهامشية”

شارك الخبر

أجمع فاعلون حقوقيون على وجود ما وصفوه بالفرغات والبياضات  في التشريعات القانونية المتعلقة بحماية ضحايا الكوارث، إضافة إلى عدم كفايتها والانتقائية في تطبيقها بما في ذلك القانون 110.14، الذي يحمي ” شركات التأمين أكثر من الضحايا”، معلنين رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة، بسبب عدم  تصنيف فيضانات طاطا كـ”واقعة كارثية” من أجل تفعيل صندوق التضامن ضد الكوارث.

جاء ذلك، في ندوة صحفية عقدتها لجنة “نداء طاطا” بمقر النقابة الوطنية للصحافة بالرباط، لتناول آخر تطورات الأوضاع في إقليم طاطا عقب كارثة الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، وتقييم القرارات الحكومية المتعلقة بالموضوع، بالإضافة إلى استعراض الخطوات التي تعتزم اللجنة اتخاذها لمواجهة التحديات التي تواجه سكان الإقليم.

رشيد البلغيتي، منسق لجنة “نداء طاطا”، طالب بتوسيع دائرة التشاور مع المواطنين بعد الكوارث الطبيعية، وذلك لتعزيز التعافي المجتمعي، مسجلا في السياق ذاته، أهمية مشاركة المواطنين في رسم السياسات وليس مجرد موضوع لها.

معالجة آثار الفيضانات

وقال البلغيتي، في كلمة له ” إن نداء طاطا هو مبادرة حقوقية لإعطاء الأجوبة للأسئلة التي تطرح اليوم، وهو دينامية وممارسة وتمرين ديمقراطي، يؤكد على ضرورة مشاركة المواطن والمساهمة وفي رسم السياسات وليس فقط مجرد موضوع لها، وذلك عن طريق توسيع المشاورات والتشاور”.

هذا، وقررت الحكومة تقديم مساعدة مالية مباشرة لإعادة تأهيل 1.121 منزلا، جراء تضررها من فيضانات الجنوب الشرقي، 269 منها انهارت بشكل كلي و852 انهارت بشكل جزئي.وستبلغ قيمة المساعدات 80 ألف درهم بالنسبة للمساكن التي انهارت بشكل جزئي، و140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل كلي.

وأشار إلى أن الاعتمادات المالية التي خصصتها الحكومة لمعالجة آثار الفيضانات غير كافية، لكونها لا تجيب عن حاجيات الإقليم حتى في  حالته العادية ولا تناسب حجمه، مشككا في الأرقام المعلن عنه بخصوص الخسائر، وتساءل:  “كيف تحصي الناس دون الناس والخسائر دون الخسائر، وما هي المعايير المعتمدة في ذلك، في الوقت الذي يقول الناس أن لا أحد قابلهم يتم الإعلان عن حجم الخسائر التي تعرضوا لها في  بلاغ رسمي حكومي”.

وانتقد البلغيتي، إهمال مجلس جهة أكادير خلال دورة أكتوبر، إقليم طاطا الذي يمثل وفق تعبيره نصف الجهة وموردها الاجتماعي بغناه الحضاري والطبيعي، مشيرا إلى أن المجلس لم يكلف نفسه الوقوف دقيقة صمت على ضحايا الفيضانات، مضيفا أن “طاطا ظلت مجرد إقليم ملحق في كل الجهات، وأنه تحول إلى أفقر الأقاليم بفعل السياسات المتبعة، و أن الدولة غير قادرة  لوحدها على مواجهة الكوارث، بل يجب أن يكون هناك تعاون وتشارك وتشاور موسع مع المواطنين لضمان تعافي المنطقة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

مصدر الصورة

الحبيب بن الشيخ، محام وعضو لجنة “نداء طاطا”، أكد أن ما وقع في طاطا ينطبق عليه تعريف الكارثة الوارد في القانون 110.14 المتعلق بنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، مضيفا أن “الفيضانات تعد من الوقائع الكارثية التي يجب أن تشملها تغطية الصندوق التضامني، الذي يتطلب قراراً إدارياً من رئيس الحكومة لإعلانه، وهو ما لم يتم حتى الآن”.

وأشار بن الشيخ إلى أن الجمعية تبنت مقاربة “التقاضي الاستراتيجي” التي تهدف من خلالها إلى التأثير في السياسة العمومية وتغيير القوانين لصالح المواطنين، على أن تقوم في أقرب الآجال برفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة، من قبل أكثر من 100 محامٍ، لإلزامه بإصدار القرار الذي سيمكن الضحايا من الاستفادة من صندوق التضامن الذي يضم أموالاً ضخمة.

فراغ تشريعي

من جانبه، ركز أحمد الدحماني، عضو لجنة “نداء طاطا”، على قراءة قانون تغطية عواقب الوقائع الكارثية وضعف استجابة الحكومة خلال وقوع الكوارث. وأشار إلى أن ما أسماها “جغرافية المغرب الهامشية”، لا تبرز إلا أثناء “النكبات”، منتقدًا التفاوت الكبير في التنمية بين المناطق الساحلية والمناطق العميقة كإقليم طاطا.

واعتبر الدحماني، أن هناك فراغًا تشريعيًا في التعامل مع الكوارث الطبيعية في المغرب، حيث تكتفي الدولة بالتدخل عبر جهاز الوقاية المدنية دون وجود استراتيجية شاملة لإدارة الكوارث. وأضاف أن القانون 110.14 يحمي شركات التأمين أكثر من حماية المواطنين، مما يعكس غياب إرادة حقيقية لدعم الفئات الهشة التي لا تستطيع حتى الاستفادة من التأمين.

وتابع الدحماني قائلاً: إن المغرب بحاجة إلى نظام إنذار مبكر لإدارة المخاطر المتعددة، وهو ما لا يتوفر حالياً. كما تساءل عن مدى وجود استراتيجية حكومية لإنعاش منطقة طاطا وتخصيص اعتمادات مالية ضمن قانون المالية المقبل لتحسين وضع المنطقة التي تعاني من إهمال مزمن.

دعم الضحايا

خديجة صرمي، عضو آخر في اللجنة، ركزت في مداخلتها على كيفية دعم وتضامن الضحايا المتضررين من الفيضانات. وأشارت إلى أن القانون ينص على إعلان الكارثة في غضون ثلاثة أشهر، مما يترك الضحايا في حالة انتظار طويلة. وأكدت أن اللجنة قامت بتوثيق حاجات السكان وتلعب دور الوسيط مع الجمعيات المحلية لتقديم المساعدات الضرورية.

صرمي أشارت أيضًا إلى أن اللجنة أولت اهتمامًا خاصًا لعودة التلاميذ إلى المدارس في ظروف طبيعية، حيث تم اقتراح تقديم أدوات مدرسية وملابس لهم، مسجلة  أهمية توفير حاجيات النساء الضرورية مثل المناديل الصحية والملابس الداخلية، التي يتم تجاهلها عادة في مثل هذه الظروف.

ويهدف صندوق التضامن ضد الكوارث المحدث بموجب القانون 110.14، المتعلق بنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، الصادر في غشت 2016، إلى تعويض ضحايا هذه الوقائع الذين لا يتوفرون على تغطية في مجال التأمين.

وتنص المادة 15 من القانون المذكور على أنه، يحدث تحت تسمية “صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية” شخص اعتباري خاضع للقانون العام يتمتع بالاستقلال المالي، ويعتبر القانون المذكور يعتبر الواقعة الكارثية كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب ويرجع السبب الحاسم فيه إلى قوة الفعل غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان.

ولتفعيل الاستفادة من الصندوق ينبغي أن يتم الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية، بموجب قرار إداري يتخذ، بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية، وينشر في الجريدة الرسمية.

ويترتب على نشر القرار الإداري المشار إليه، بصفة حصرية، انطلاق عملية تقييد الضحايا في سجل للتعداد، ثم عملية منح التعويضات من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية المحدث بموجب المادة 15 من هذا القانون..

وفي إطار تفعيل الحكومة لبرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة الذي كان موضوع تعليمات ملكية، ترأس رئيس الحكومة  عزيز أخنوش، الأسبوع الفارط، الاجتماع الأول للجنة البين-وزارية المكلفة ببرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة.

وخصص الاجتماع، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة، لتدارس أهم محاور هذا البرنامج والمشاريع التي يتضمنها وكذا آليات وسبل تنزيلها بشكل سريع وفعال، وبرمجة الاعتمادات المالية اللازمة لتنزيل هذا البرنامج والتي تم تحديدها في 2.5 مليار درهم، حيث سيتم تجميعها في الصندوق الوطني لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية.

كما يتضمن البرنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة، إعادة تأهيل البنية التحتية الطرقية، وشبكات الاتصال والكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير. إضافة إلى دعم الأنشطة الفلاحية، لاسيما عبر استصلاح الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الدعم للكسّابة لإعادة تشكيل الثروة الحيوانية في المناطق المتضررة. وكذا إعادة بناء وتأهيل المباني والممتلكات العمومية المتضررة.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا