آخر الأخبار

احتدام الصراع بالشرق الأوسط يسائل مستقبل الاقتصاد العالمي.. وخبير: المغرب ليس بمعزل عن التأثيرات

شارك الخبر
مصدر الصورة

غليان تشهده منطقة الشرق الأوسط التي باتت على مقربة من دخول حرب شاملة، فبعد الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ولا يزال بدولة فلسطين، أعلن دخوله في حرب مع لبنان بدعوى حماية أمنه وشعبه، من حزب الله بجنوبي لبنان.

ومنذ 23 شتنبر الماضي، تشن إسرائيل أعنف وأوسع هجوم على لبنان منذ بدء المواجهات مع حزب الله قبل نحو عام، حيث أعلنت السلطات اللبنانية، ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى ما لا يقل عن ألفين، بالإضافة إلى أزيد من 9 آلاف و290 جريحاً منذ 8 أكتوبر 2023.

وأعلنت وحدة إدارة الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية أنه خلال الأيام القليلة الماضية، تم رصد حوالي 134 غارة جوية وهجوم مدفعي إسرائيلي استهدفت مناطق مختلفة في لبنان، تركزت بشكل أساسي في الجنوب وضاحية بيروت.

وضع جعل إيران ترد على مجموعة من الهجمات التي قامت بها إسرائيل ضد حزب الله، حيث أطلت الأخيرة ما لا يقل عن 200 صاروخ باتجاه المحتل الإسرائيلي، وهو هجوم جاء كرد فعل على اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران أواخر يوليو الماضي، إلى جانب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، والقيادي في الحرس الثوري الإيراني، عباس نيلفروشان، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت بتاريخ 27 سبتمبر.

توثر الأوضاع بالشرق الأوسط تجعلنا أمام تساؤلات ملحة، حول مستقبل المنطقة وتأثير الصراع على المنطقة والعالم خاصة من الجانب الاقتصادي، فالمنطقة تعد من أكبر المصدرين للمواد الطاقية عبر العالم، وبالتالي أي تصعيد قد يؤثر على التجارة والملاحة الدولية.

بؤرة للصراعات

في هذا السياق أكد المحلل السياسي، عباس الوردي، أن التصعيد العسكري غير المسبوق الذي يشهدف الشرق الأوسط، يحمل في طياته تداعيات خطيرة على دول الجوار والدول التي تربطها علاقات استراتيجية مع المنطقة، حتى وإن كانت خارج الإطار الجيوسياسي المباشر.

واعتبر المتحدث أن هذه المنطقة، التي تعد بؤرة للصراعات متجددة، تؤثر بشكل مباشر على البنى الاقتصادية والاجتماعية العالمية، مما يبرز بوضوح وجود إشكالات سياسية وأمنية معقدة.

وأوضح الخبير السياسي، أن استمرار هذا الوضع المتأزم سيكون له تأثيرات كارثية، سواء من الناحية الإنسانية أو الاقتصادية، خاصة وأن المنطقة، التي تزخر بموارد طبيعية هائلة، تشكل جزءًا مهمًا من الاقتصاد العالمي، ومع تصاعد المواجهات العسكرية، تتعقد الأوضاع الاقتصادية، إذ ستتأثر سلاسل التوريد العالمية والتبادلات التجارية، خاصة على المستويات الإقليمية والدولية.

وتابع قائلا: “نحن أمام وضع قد يفتح الباب على مصراعيه نحو المجهول، حيث إن غياب احترام الشرعية الدولية يهدد الاستقرار العالمي”.

وأشار إلى أن الوضع الحالي يعيد إلى الأذهان مشاهد من الحروب الكبرى، مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، بالإضافة إلى الحرب الباردة، مضيفا أن التحالفات السياسية والعسكرية التي تتشكل في هذه المرحلة تسعى لخدمة أجندات معينة خاصة فيما يتعلق بإسرائيل، التي تجاهلت تمامًا القانون الدولي.

وحذر الوردي من أن هذا التصعيد قد يؤدي إلى مزيد من التوترات والتحالفات التي تهدد النظام الدولي القائم، خصوصًا في ظل غياب مبادرات سياسية قوية لحل الأزمة.

تأثر التجارة

وحسب المتحدث فإن المغرب وعلى الرغم من علاقاته الجيوسياسية والاقتصادية التي تربطه مع دول الشرق الأوسط، فإن الوردي يشير إلى أن الرباط تسعى إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية على مستويات متعددة، ما قد يقلل من حجم التأثير السلبي المباشر للصراع على اقتصاد البلاد.

واستدرك بالقول: ومع ذلك، لا يمكن للمغرب أن يكون بمنأى عن تأثيرات التصعيد إذا استمر لفترة طويلة، مؤكدا أن المغرب يدير علاقاته مع دول الشرق الأوسط ضمن إطار بنيوي يستند إلى خلق فرص اقتصادية مشتركة، لكنه لا يغفل عن أهمية التعاون المشترك في تحقيق الاستقرار الإقليمي.

التصعيد العسكري قد يؤثر على بعض المبادلات التجارية بين المغرب ودول الشرق الأوسط، سواء فيما يخص الصادرات أو الواردات، لكن الوردي يعتقد أن هذا التأثير لن يدوم طويلاً نظرًا لأهمية دول مجلس التعاون الخليجي في المنظومة الدولية، خاصة وأنها تعتبر جزءًا أساسيًا من التكتلات الجغرافية والسياسية.

وأردف المتحدث بأن المغرب لن يتوانى عن الدعوة للسلام ووقف التصعيد، خاصة وأن المملكة معروفة بسعيها نحو الوساطة وحث الأطراف المتنازعة على اللجوء إلى الشرعية الدولية كحل وحيد للأزمة.

وخلص المحلل السياسي عباس الوردي، بالتأكيد على أن الحلول السياسية، القائمة على احترام القانون الدولي، هي السبيل الوحيد لإيقاف هذا التصعيد، الذي لن يخدم أيًا من الأطراف المتورطة، سواء كانت إسرائيل أو فلسطين أو إيران أو حزب الله.

انفجار أزمة اقتصادية

من جانبه أشار المحلل الاقتصادي رشيد ساري، إلى أن الوضع قد يؤدي إلى تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي، فعلى الرغم من أن الأحداث الحالية لم تؤثر بشكل ملحوظ حتى الآن، إلا أن هناك سيناريوهات تنذر بانفجار أزمة اقتصادية حقيقية.

وأكد ساري أن موقع مضيق المندب في اليمن يعتبر استراتيجياً للغاية، حيث تمر منه مجموعة من السفن المحملة بالمواد الطاقية، ومن المحتمل أن تؤدي الأوضاع المتوترة في المنطقة إلى تأثيرات غير مباشرة على كافة الدول، خاصة تلك التي تعتمد على الممرات المائية للتجارة.

وأوضح ساري أن المغرب لن يكون بمنأى عن هذه التداعيات، خاصة في حال ارتفاع أثمنة الواد الطاقية مما سيؤثر على تكلفة المعيشة والأسعار بشكل عام، معتبرا أن استمرار احتدام الصراع، قد يرتفع سعر برميل النفط إلى 150 دولاراً، مما سيشكل ضغوطاً إضافية على اقتصاد دول العالم.

ارتفاع التضخم

وحسب ساري فإن تفاقم الوضع قد يؤدي إلى ارتفاع التأمين على الناقلات، مما سيؤدي إلى موجة من التضخم على المستوى العالمي، وهو ما سيزيد من تكاليف المواد الأساسية، متوقعا أن يتأثر المغرب بشكل خاص بسبب اعتماده على استيراد العديد من المواد الاستراتيجية، بما في ذلك الطاقة.

وزاد قائلا أن ميناء طنجة المتوسط سيكون من بين المتضررين من هذه الأزمات، حيث أن أي اضطراب في التجارة العالمية سيؤثر بشكل مباشر على أداء هذا الميناء الحيوي.

وأكد المحلل الاقتصادي أن الأزمات الحالية قد تعيد تشكيل الخريطة الاقتصادية، حيث يمكن أن يتجه التوجه نحو دول إفريقية كبديل، محذرا من أن هذه التحولات قد تستغرق وقتاً طويلاً.

وختاما شدد المحلل الاقتصادي، شدد رشيد ساري على أهمية الاستعداد لمواجهة التحديات القادمة، مشيراً إلى أن تفاقم الأزمات سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية، بما في ذلك الحبوب، مما قد يؤدي إلى وضع اقتصادي أكثر صعوبة مما شهدته المغرب في السنوات السابقة.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا