آخر الأخبار

بوعياش: العدالة الانتقالية قرار طوعي

شارك الخبر

قالت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن “مسار العدالة الانتقالية في المغرب جاء بقرار طوعي ونظرة استشرافية، وهو ما جعل المغرب من بين الدول القليلة التي اختارت فتح صفحة الماضي، مع التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في فترة معينة من تاريخه”.

بوعياش التي كانت تتحدّث في لقاء عُقد بقصر الأمم بجنيف حول “العدالة والإصلاح والذاكرة في مسارات العدالة الانتقالية”، الأربعاء، استعرضت “تجربة المغرب الرائدة في هذا المجال”، التي انطلقت، بحسبها، قبل عشرين عامًا، وذلك تزامنا مع انعقاد الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان، وتخليدا للذكرى العشرينية لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.

وأشارت إلى أن تجربة العدالة الانتقالية في المغرب “لم تقتصر فقط على النظر في الانتهاكات الماضية، بل ارتبطت بشكل وثيق بإصلاحات أعمق تهدف إلى ضمان مستقبل يحترم حقوق الإنسان ويضمن العدالة للجميع”، مشدّدة على أن هذا المسار “ساهم في خلق أسس مشتركة لمجتمع متنوع، يتمتع بمبادئ الكرامة والحرية، مدعومًا بتقاطع إرادة الدولة والمجتمع في تحقيق المصالحة”.

ولفتت بوعياش انتباه الحاضرين إلى عدم وجود نموذج وحيد للعدالة الانتقالية يصلح للجميع، إذ إن لكل بلد سياقه الخاص وديناميته المجتمعية التي تؤثر في كيفية تطبيق هذا المفهوم، مبرزة أن “تجربة المغرب في هذا المجال كانت فريدة، حيث ساعدت في ترسيخ أسس السلام والاستقرار وتعزيز الديمقراطية والمساواة وتكريس دولة الحق والقانون”.

أحد أبرز مكونات مسار العدالة الانتقالية المغربي، وفق بوعياش، كان التحقيق في انتهاكات الماضي ومنع تكرارها، مبرزة أنه “منذ بدء هذا المسار، لم يتم تسجيل أي حالات منهجية لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مثل التعذيب أو الاختفاء القسري”. وأرجعت ذلك إلى “التغييرات الكبيرة في طريقة إدارة الحريات الأساسية في المغرب”، مستشهدةً بأكثر من 20 ألف احتجاج سلمي يُنظم سنويًا في البلاد، دون تسجيل أي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كما كان يحدث في الماضي.

حفظ الذاكرة كان أيضًا محورًا في كلمة بوعياش، إذ أكدت أن الذاكرة الجماعية تمثل “عنصرًا أساسيًا في مسارات العدالة الانتقالية”، مشيرة إلى أن المغرب “حقق تقدمًا كبيرًا في هذا المجال من خلال إعادة تهيئة فضاءات الذاكرة ونشر روايات وشهادات ضحايا الانتهاكات”، موردة أن هذه الجهود “لا تهدف فقط إلى رد الاعتبار للضحايا، بل تساهم في تقوية المجتمع وتعزيز قدرته على الصمود”.

وبشأن الإصلاحات الدستورية التي شهدها المغرب، ذكرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن توصيات العدالة الانتقالية كانت في صلب هذه الإصلاحات، إذ جعل دستور 2011 من حقوق الإنسان “ركيزة أساسية للحكامة في البلاد”، مبرزة أن الميثاق الوطني لحقوق الإنسان المضمن في الدستور “يمثل بوصلة يجب أن توجه كل الفاعلين، سواء كانوا حكوميين أو غير حكوميين، ويربط بين المسؤولية والمساءلة”.

وأوضحت بوعياش أن مسار الإصلاح في المغرب “لا يسير بخط مستقيم، بل هو عملية تتغذى باستمرار، تفعل فيها وتتفاعل معها الديناميات الحقوقية في المجتمع”، مذكّرة بأن تجربة المغرب في مجال العدالة الانتقالية “مهدت الطريق لمزيد من التقدم والتطور”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا