في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- تطلعت بريتوريا لجعل أول قمة لمجموعة الـ20 تعقد على الأراضي الأفريقية لحظة كبيرة ل جنوب أفريقيا التي تحاول أن تجمع بين دورها كعضو بمجموعة بريكس ، مع بقائها شريكا تجاريا ذا قيمة للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة .
وكان يُنتظر أن تأتي القمة التي ستُعقد في جوهانسبرغ يومي غد السبت وبعد غد، احتفالا بتتويج جنوب أفريقيا في رئاسة مجموعة الـ20 تحت شعار "التضامن والمساواة والاستدامة".
ولكن قبل أيام فقط من انطلاقها، تحوّلت الأجواء الاحتفالية إلى ترقب وقلق، بعد أن ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بظلال ثقيلة على الحدث بإعلانه مقاطعة كاملة للقمة.
وبعدما كان مقررا أن يُمثّل جيه دي فانس نائب الرئيس بلاده، فاجأ ترامب الجميع وقال إن أميركا ستقاطع القمة تماما، مضيفا "عار أن تعقد مجموعة الـ20 بجنوب أفريقيا" وأشار إلى مزاعم كاذبة بأن البيض في هذا البلد يقتلون بأعداد كبيرة. ليرد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بالقول "أنتم الخاسرون".
منذ وصول ترامب للحكم في يناير/كانون الثاني الماضي، شهدت علاقات الدولتين سيلا لا يتوقف من التوترات امتدت من منح تأشيرات لجوء وهجرة لمواطني جنوب أفريقيا البيض، إلى طرد السفراء، وفرض رسوم جمركية وحرب تجارية، وسيتوج ذلك بغياب ترامب عن حضور قمة الـ20 في جوهانسبرغ.
وتراجعت العلاقات بصورة أكبر في فبراير/شباط الماضي، عندما أصدرت إدارة ترامب أمرا تنفيذيا يجمد تقريبا كل المساعدات الأميركية لجنوب أفريقيا المقدرة بأكثر من 350 مليون دولار سنويا تحت ذريعة "التمييز العنصري ضد الأفريكانر البيض" على خلفية قانون مصادرة الأراضي الجديد، بالإضافة إلى رفع بريتوريا قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية .
وفي 14 مارس/آذار 2025، أعلنت أميركا أن سفير جنوب أفريقيا لدى واشنطن إبراهيم رسول شخص غير مرغوب فيه ومنحته 4 أيام للمغادرة على خلفية اتهامات غير موثّقة بوصفه حركة " ماغا " الداعمة لترامب بالعنصرية.
ورغم التوتر، ضغط رئيس جنوب أفريقيا من أجل مصالح بلاده بزيارة للبيت الأبيض في مايو/أيار 2025، وهدف الاجتماع لإعادة ضبط العلاقات، لكن الأمر تدهور بسرعة عندما نصب ترامب كمينا لضيفه بمقاطع فيديو يدعي فيه دعم نظام جنوب أفريقيا لما وصفته بـ"إبادة جماعية" ضد المزارعين البيض.
وبحلول يوليو/تموز، تصاعدت الضغوط الاقتصادية، إذ أعلنت واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على جميع صادرات جنوب أفريقيا.
وفي الشهر نفسه، قدمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي مشروع القانون "إتش آر 2633" لمراجعة العلاقات الثنائية بين واشنطن وبريتوريا. ويطالب القانون من الإدارة أن تصادق سنويا على ما إذا كانت أفعال جنوب أفريقيا "تُقوّض الأمن القومي الأميركي أو مصالح السياسة الخارجية".
ومع لعب جنوب أفريقيا دورا رئيسيا في مجموعة "البريكس" الاقتصادية التي تهدف لتحدي الهيمنة الأميركية على اقتصاديات العالم من خلال الدولار، حذّر ترامب من أن أية دولة تتحالف مع هذه المجموعة "تعلن حربا اقتصادية على أميركا" وهدّد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على صادراتها.
عاجل | ترمب: لن أحضر قمة العشرين في جنوب إفريقيا لأنني أرفض سياساتها
— الجزيرة مباشر الآن (@ajmurgent) November 18, 2025
وشهدت الأسابيع الأخيرة دخول العلاقات بين أميركا وجنوب أفريقيا في حلقة جدية من التوتر. ففي البداية، تم الكشف عن وجود فنيين صينيين في قاعدة عسكرية جنوب أفريقية، مما زاد من مخاوف واشنطن بشأن وجود موطئ قدم عسكري لبكين في جنوب أفريقيا.
ومن ناحية أخرى، يُمثّل موقف ترامب العدائي ضربة لمشاركة بلاده في مشروع للأتربة والمعادن النادرة يقع بمنطقة فالابوروا (شمال شرق جنوب أفريقيا) ويراه عدد من المعلقين حاسما لآمال أميركا بتحقيق تقدم في السباق لإنتاج الإلكترونيات المختلفة والسيارات والأسلحة مع الصين .
وتحتكر الصين بصورة كبيرة توريد وتكرير بعض المعادن الحيوية، وخاصة الأتربة النادرة، وهي مجموعة من 17 معدنا تستخدم لبناء منتجات تدعم الاقتصاد الحديث. ويساعد مشروع جنوب أفريقيا -حسب الخبراء – على مواجهة التحدي المتمثل في تطوير مصادر المعادن التي لا تسيطر عليها بكين.
ومن ناحية مادية بحتة، يحاول "لوبي المعادن النادرة" العمل مع جنوب أفريقيا في مواجهة هيمنة الصين الكبيرة عليها، عبر زيادة حصة الشركات الأميركية في معادن جنوب أفريقيا النادرة.
ومن هنا يُعرّض الخلاف بين إدارة ترامب وجنوب أفريقيا مصالح واشنطن الاقتصادية للخطر، في وقت يشير فيه مراقبون إلى رغبة ترامب بأن تمنح جنوب أفريقيا المزيد من حقوق التنقيب واستخراج المعادن والأتربة النفيسة للشركات الأميركية.
ويعد غياب واشنطن التام عن قمة الـ20 رسالة تعكس عمق أزمة إدارة ترامب مع بريتوريا من ناحية، ومن ناحية أخرى يعد ذلك ضربة رمزية، حيث ستكون أول مرة في تاريخ مجموعة الـ20 تستضيف فيها دولة عضو اجتماعا دون أي وجود أميركي.
كما يُمثّل الغياب تحولا حادا بعيدا عن المنتديات الدولية التي أصبحت فيها بكين وموسكو أكثر تأثيرا خلال الأعوام الماضية.
ويعكس غياب ترامب وبلاده عن قمة مجموعة الـ20، رغم استضافته لها العام المقبل، رؤية ترامبية تركز على الصفقات الثنائية مع إهمال المسار الدولي المتعدد الأطراف. وظهر ذلك بوضوح في تعامله مع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ومع الأمم المتحدة وانسحابه من منظمة الصحة العالمية و اليونسكو ، واتفاقية باريس للمناخ وتجاهل قمة المناخ التي عقدت الأسبوع الماضي في البرازيل.
وتحدثت مسؤولة دولية سابقة للجزيرة نت، وقالت إن غياب ترامب "لا يتعلق فقط برغبته تشويه شرعية جنوب أفريقيا، ومكانتها القيادية، وانتمائها إلى المستويات العليا من هياكل القوة العالمية، بل أيضا انعكاس لاحتقاره للعلاقات الدولية متعددة الأطراف".
وأضافت المسؤولة التي لم تفصح عن اسمها بانه تعبير عن تفضيل ترامب التعامل الثنائي المباشر كما يحدث بلا توقف سواء بإدارته للأزمات الدولية ك الحرب الروسية الأوكرانية ، أو العلاقات الاقتصادية وفرضه تعريفات جمركية يحددها هو شخصيا على كل دولة في حالات منفصلة عن بعضها البعض.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة