قالت صحيفة ليبراسيون، إن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ، بعد ما يقرب من شهر على بدء وقف إطلاق النار ، تنبئ ببعض التحسن، ولكنّ قيودا تفرضها إسرائيل لا تزال تعرقل الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية -في تقرير بقلم فريديريك أوتران- أن الاحتياجات لا تزال هائلة في القطاع الذي أنهكته حرب دامية استمرت عامين، وأن المساعدات رغم تحسنها، تبقى غير كافية بسبب القيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل.
وقال الأمين العام ل لأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، إن "الأوضاع تحسنت وتكثفت المساعدات الإنسانية كثيرا، لكننا لا نزال بعيدين عن تلبية الاحتياجات الضرورية للقضاء السريع على المجاعة وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة لسكان غزة".
وفعلا تجاوزت المساعدات الغذائية اليومية -وفق الأمم المتحدة- مليون وجبة، كما أعادت منظمات إنسانية مثل برنامج الأغذية العالمي و المطبخ المركزي العالمي تشغيل شبكات توزيع الطعام، مما رفع عدد الوجبات المقدمة يوميا إلى نحو مليون و200 ألف، ولكن 10% من أطفال غزة لا يزالون يعانون من سوء تغذية حاد، ولا تزال المواد الطازجة نادرة في الأسواق.
وتصف الأمم المتحدة الوضع بأنه "سباق مع الزمن"، مع اقتراب فصل الشتاء واستمرار القيود الإسرائيلية على حركة الشاحنات والمساعدات، ويؤكد برنامج الأغذية العالمي، أن الجوع لا يزال مستمرا وأن الاستجابة الحالية "بعيدة عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية".
في الجانب الصحي، لا تزال الأزمة كارثية مع أكثر من 16 ألف مريض بحاجة إلى علاج عاجل لا يمكن توفيره داخل القطاع، في ظل دمار واسع للمستشفيات ونقص حاد في الأدوية، إلا أنه تم إجلاء عدد محدود من المرضى إلى الخارج، كما أعادت منظمة الصحة العالمية فتح بعض المراكز الصحية تدريجيا، منها مركز لغسيل الكلى في خان يونس .
ولمواجهة المخاطر الصحية -كما تقول الصحيفة- أطلقت الأمم المتحدة و يونيسيف حملة تطعيم ضخمة تشمل 44 ألف طفل ضد أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال والسعال الديكي، معتبرة أن هذه الحملة "واجب أخلاقي" لإنقاذ جيل من الأطفال الذين نجوا من الحرب.
أما في مجال التعليم، فقد بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( أونروا ) بإعادة فتح المدارس تدريجيا عبر 301 مساحة تعليم مؤقتة، استقبلت، حتى الآن، 154 ألف طالب، أي ربع عدد الأطفال في سن الدراسة، إلا أن التحديات هائلة، مع تدمير وتضرر 92% من المدارس ومقتل نحو 800 معلم، إضافة إلى منع إسرائيل دخول المستلزمات المدرسية بحجة أنها "ليست ضرورية"، كما تقول الوكالة.
وفي ملف المأوى، تظل الأوضاع مقلقة رغم الهدنة، إذ لم يدخل القطاع سوى 5420 خيمة من أصل 190 ألفا تعتبرها الأمم المتحدة ضرورية لإيواء النازحين، وتحذر منظمات الإغاثة من أن التأخير في إدخال مواد البناء والمعدات الأساسية قد يؤدي إلى كارثة إنسانية مع اقتراب البرد والأمطار.
أعداد شاحنات المساعدات التي تسمح إسرائيل بدخولها لا تتجاوز ثلث ما تم الاتفاق عليه، ومعظم القوافل تمر عبر ممرات محدودة وخطرة، مما يبطئ عمليات التوزيع ويقيد وصول المساعدات إلى شمال القطاع
أما عن الالتزامات الإسرائيلية، فتشير البيانات إلى أن أعداد شاحنات المساعدات التي يسمح بدخولها لا يتجاوز ثلث ما تم الاتفاق عليه، وتؤكد الأمم المتحدة أن معظم القوافل تمر عبر ممرات محدودة وخطرة مثل طريق الرشيد الساحلي، مما يبطئ عمليات التوزيع ويقيد وصول المساعدات إلى شمال القطاع.
وفي خلفية المشهد، تتزايد الشكوك في محاولات إسرائيل والولايات المتحدة إعادة هيكلة منظومة المساعدات في غزة بمنح الأفضلية لمنظمات أميركية قريبة من البيت الأبيض، مثل "ساماريتانز بيرس"، في خطوة تعتبر مؤشرا على رغبة واشنطن في تعزيز نفوذها داخل القطاع الإنساني.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تحذر الأمم المتحدة من أن غزة تقف على حافة أزمة إنسانية جديدة، رغم تحسن الإمدادات الغذائية والصحية النسبي، وهو ما عبر عنه أحد مسؤولي الإغاثة "إن الوقت يداهمنا. لدينا تقدم، لكننا لا نزال بعيدين عن ضمان حياة كريمة للغزيين".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة