غزة- توقَّع رئيس نادي الأسير الفلسطيني ، عبد الله الزغاري، ارتفاعا في أعداد الشهداء الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة السياسات العدائية ضدهم من تجويع وتعذيب، وانتشار واسع للأمراض، خاصة الأمراض الجلدية الناجمة عن الإهمال الطبي والحرمان من العلاج والنظافة الشخصية.
وقال الزغاري إن أعداد الأسرى ارتفعت لأكثر من 10 آلاف و800 أسير، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ، وعلى إثرها استشهد 77 أسيرا، نتيجة الظروف المأساوية داخل السجون، التي تفاقمت على نحو خطير خلال العامين الماضيين.
وأشار إلى أن أسرى غزة يعانون ظروفا أشد قسوة، مستدلا بمدير مستشفى الشهيد كمال عدوان في شمال قطاع غزة الدكتور حسام أبو صفية ، الذي أصيب بأمراض جلدية، ويعاني من التجويع والإهمال الطبي، وخسر ثلثي وزنه.
وفي الحوار التالي يتحدث الزغاري للجزيرة نت بالتفصيل عن واقع الأسرى في سجون الاحتلال، والسياسة الانتقامية التي طالت حتى قادة الحركة الأسيرة، وآخرها اقتحام الوزير المتطرف إيتمار بن غفير لزنزانة الأسير القائد مروان البرغوثي ، وتهديده، مما ينذر بتصفيته جسديا.
وصل عددهم حتى بداية أغسطس/آب الماضي نحو 10 آلاف و800 أسير، علما أن هذا الرقم لا يشمل المعتقلين في المعسكرات التابعة ل جيش الاحتلال ، ويشكل هذا العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000.
ويبلغ عدد الأسيرات 49 أسيرة، بينهن اثنتان من غزة، أما الأطفال الأسرى (أقل من 18 عاما) يتجاوز عددهم 450 طفلا، في حين بلغ عدد المعتقلين الإداريين (دون تهمة أو محاكمة) حتى بداية يوليو/تموز الماضي، 3613 معتقلا.
ويبلغ عدد المعتقلين المصنفين كمقاتلين غير شرعيين 2378 معتقلا، ولا يشمل هذا العدد جميع معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، مع الإشارة إلى أن هذا التصنيف يشمل أيضا معتقلين عربا من لبنان وسوريا.
الأوضاع مأساوية وبلغت ذروتها خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد " 7 أكتوبر " 2023، ومسَّت كل جوانب الحياة في السجون.
ومع أن هذه الأوضاع المأسوية شملت كل الأسرى، فإن معتقلي غزة، الذين اعتقلوا منذ "7 أكتوبر" وخلال التوغل البري في القطاع، تعرضوا لظروف أسوأ وأقسى مما تعرض له بقية الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما في معسكرات الاعتقال التابعة لجيش الاحتلال.
ورغم أن هذه الأوضاع تفاقمت عقب الحرب، فإنها بدأت مع تولي بن غفير المسؤولية عن مصلحة إدارة السجون ضمن منصبه الحكومي وزيرا للأمن القومي أوائل 2023، حيث رفع شعار العداء للأسرى.
وشكلت السياسات التي فرضت على الأسرى في السجون عقب الحرب على غزة انقلابا شاملا على كل مناحي الحياة الاعتقالية، وما حصل عليه الأسرى من حقوق بنضالاتهم الطويلة ودفعوا ثمنها دما. ووفَّر بن غفير غطاء سياسيا للسجانين ليمعنوا في إجرامهم بحق الأسرى.
بعد الحرب على غزة، انتهجت إسرائيل سياسة انتقامية قاسية، وتصاعدت الانتهاكات بشكل غير مسبوق، حيث اعتبرت الإجراءات المتخذة بحق الأسرى جزءا من سياسة الانتقام الجماعي، يتلخص أبرزها:
"إحنا بنموت جوا".. أسير محرر يكشف من أمام حاجز الظاهرية بالخليل قسوة ما يعيشه الأسرى داخل سجون الاحتلال#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/90CQeXJZ4C
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) June 25, 2025
رغم أن السياسة الإسرائيلية العامة في التعامل مع الأسرى تنبع من المنظومة القمعية نفسها، فإن هناك خصوصية لواقع الأسيرات، تتمثل في عدة نقاط:
نعم، يمارس الاحتلال إجراءات قمع وتعذيب أشد قسوة ضد أسرى غزة مقارنة بغيرهم من أسرى الضفة الغربية أو القدس ، وتزداد أوضاعهم تدهورا حسب التطورات الميدانية، مثلما هو الواقع حاليا في ظل الحرب، ومن أبرز الإجراءات التمييزية التي يتعرض لها أسرى غزة:
نعم، ينتهج الاحتلال سياسة التجويع وتتفشى المجاعة داخل السجون، وأبرز مظاهرها:
إن هذه السياسة تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على ضرورة معاملة الأسرى والمعتقلين معاملة إنسانية، وتوفير الغذاء الكافي من حيث الكم والنوع، وحسب القانون الدولي فإن استخدام التجويع كسلاح يعد جريمة حرب .
يتخذ الاحتلال جملة إجراءات تنكيلية وعمليات وتعذيب ممنهجة أدت إلى إصابات بين صفوف الأسرى، بما فيهم رموز من غزة وقادة بالحركة الأسيرة.
وصعَّدت إدارة السجون من مستوى الجرائم الطبية التي تجاوزت مفهوم الإهمال المتعمد، الذي شكل على مدار السنوات القليلة الماضية السبب الأساسي في استشهاد العديد من الأسرى.
ونتيجة هذه الإجراءات تنتشر في أوساط الأسرى أمراضا جلدية خطيرة كالجرب (سكابيوس) والدمامل والتهابات شديدة في الجلد، بينهم الأسير الدكتور حسام أبو صفية الذي يحرمه الاحتلال من الاستحمام الكافي الذي لا يتجاوز الدقيقتين، ويمنعه التعرض لأشعة الشمس سوى 30 دقيقة شهريا، وفقد نحو ثلثي وزنه، وسط حرمان من الأدوية والمتابعة الطبية المتخصصة.
وفي السياق، جاء اعتداء بن غفير على الأسير القائد مروان البرغوثي داخل زنزانته، حيث يقبع بالعزل الانفرادي منذ "7 أكتوبر" 2023، وتهديده، وهذا إعلان صريح بنية الاحتلال تصفيته واغتياله.
وقد سبق ذلك اعتداءات جسدية عليه أعنفها في التاسع من سبتمبر/أيلول العام الماضي، حيث تعرض لاعتداء شرس في زنزانته، تسبب بإصاباته برضوض، ونزيف في أذنه، وجرح في ذراعه، مع آلام في ظهره، دون حصوله على علاج مناسب.
بكل تأكيد، خاصة في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى، والتدهور الخطير داخل السجون، جراء التعذيب والتجويع والإهمال الطبي المتعمد.
إن استشهاد 77 أسيرا ليس مجرد رقم، بل يعكس واقعا مقلقا من الانتهاكات الممنهجة، مما يزيد من احتمالية سقوط مزيد من الضحايا، ويفاقم من المخاوف على حياة كل الأسرى.