آخر الأخبار

فلسطين: كيف أصبح البطيخ رمزًا للاحتجاج

شارك
مجرد حقيبة يد؟ أم رمز للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين؟صورة من: Christoph Soeder/dpa/picture alliance

ينتشر البطيخ انتشارًا واسعًا في الشرق الأوسط ويعتبر جزءًا أساسيًا من المطبخ الفلسطيني. ولكن أهمية البطيخ السياسية تعود إلى ألوانه: فقشرته خضراء وبيضاء وداخله أحمر وبذوره سوداء - وهي نفس ألوان العلم الفلسطيني.

"لماذا لا ترسمون زهورًا؟"

في تصريحات أدلى بها لموقع الجزيرة بلس (AJ+) في عام 2021، قال الفنان سليمان منصور إنه "لم يكن يسمح لنا الرسم بالألوان الأحمر والأخضر والأسود والأبيض. العلم الفلسطيني كان ممنوعًا وألوان العلم الفلسطيني كانت ممنوعة".

كان ذلك في ثمانينيات القرن العشرين. تابع الرسّام الفلسطيني كلامه متحدثا عن ضابط إسرائيلي زار في ذلك الوقت معرضه في رام الله ، حيث كان متواجدا أيضا عدد من الفنانين. "حاول إقناعنا بعدم صناعة فن سياسي. وسألنا: 'لماذا لا ترسمون زهورًا، زهورًا جميلة، أو تماثيل عارية؟ وأتعلمون: حتى أنا سأشتري شيئًا من أعمالكم‘". فسأله أحد الفنانين: "ماذا ستفعل عندما أرسم زهرة ولكن بهذه الألوان؟". وكان جواب الضابط الإسرائيلي أن "حتى مثل هذه اللوحة ستتم مصادرتها"، وأضاف "حتى وإن رسمت بطيخة، فسيكون هذا معقدًا".

وبالتالي، يقول سليمان منصور، إنَّ فكرة البطيخ كانت في الواقع من جندي إسرائيلي. وقد أصدر الأخير فيما بعد تعليماته بعدم إقامة أي معرض في الضفة الغربية أو قطاع غزة من دون طلب إذن مسبق من سلطة الرقابة.

الفنان الفلسطيني سليمان منصور في مرسمه برام اللهصورة من: DW/S. Hofmann

ثمرة تتحوّل إلى رمز سياسي

وهكذا أصبح للبطيخ فجأة حضورًا خاصًا في الضفة الغربية وقطاع غزة : حيث يمكن رؤيته على الجدران والقمصان، وعلى الملصقات وفي المعارض الفنية.

وفي هذا الصدد كتب سليمان منصور في تشرين الأول/أكتوبر 2023 على حسابه في إنستغرام: "هذه الرسمة مأخوذة من كتاب حكايات شعبية فلسطينية للأطفال، وتروي قصة طفل صغير أسطوري يخرج من بطيخة وهو يتكلم ويتصرف مثل البالغين. ويبدو أنَّ هذه ليست أسطورة؛ فأطفال غزة يجبرون على أن يكونوا بالغين يسيرون عبر الجحيم".


تاريخ العلم الفلسطيني

لقد صمم العلم بحسب الجمعية الأكاديمية الفلسطينية لدراسة الشؤون الدولية (PASSIA) شريف مكة، الشريف حسين بن علي في عام 1916. وفي ذلك الوقت، كانت المنطقة المعروفة اليوم باسم فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية. وأصبح العلم رمزًا للثورة العربية الكبرى ضد الأتراك. وكان الشريف حسين يحلم بمملكة عربية مستقلة تمتد على ما يعرف الآن باسم الأراضي الفلسطينية وسوريا وإسرائيل والأردن ولبنان .

الشريف حسين بن علي كان يقتل من أجل حرية العربصورة من: Heritage Images/picture alliance

وعلى الرغم من هزيمة الأتراك بمساعدة البريطانيين، ولكن هذه المملكة العربية المشتركة ظلت مجرد حلم. فقد كانت فلسطين حتى عام 1948 تحت الانتداب البريطاني. وبعد الانسحاب البريطاني، أُعيد استخدام رمز الثورة العربية الكبرى من جديد - وهذه المرة كعلمٍ وطني لدولة فلسطينية.

ولكن لقد تم منعه مرة أخرى بعد أقل من 20 عامًا، وذلك بعد أن احتلت إسرائيل في عام 1967 الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في حرب الأيام الستة، ومنعت العلم الفلسطيني ومنعت ظهوره حتى في الملصقات والصور القديمة. ومن كان يرفعه، كان يعرّض نفسه لخطر الاعتقال. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة نيويورك تايمز في عام 1993 أنَّ رجالًا في قطاع غزة قد اعتُقلوا لأنَّهم كانوا يحملهون بطيخًا مقطعًا - لكن لم يتم تأكيد هذه التقارير.

وتم إلغاء منع العلم الفلسطيني فقط في عام 1993 - وذلك ضمن إطار عملية أوسلو للسلام واتفاق إسرائيل والفلسطينيين على التعايش السلمي والاعتراف المتبادل. وتم قبول العلم كرمز للسلطة الوطنية الفلسطينية ، التي كان من المفترض أن تدير قطاع غزة والضفة الغربية.


وفي كانون الثاني/يناير 2023 - أي قبل تسعة أشهر من هجوم السابع من أكتوبر، أمر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الشرطة الإسرائيلية بإنزال الأعلام الفلسطينية من الأماكن العامة، قائلا: "لقد أمرت بإزالة الأعلام الداعمة للإرهاب من الأماكن العامة ومنع التحريض على دولة إسرائيل". وكان هذا بمثابة حظر شبه تام.

البطيخ على وسائل التواصل الاجتماعي

حاليًا بات يستخدم المتظاهرون في جميع أنحاء العالم البطيخ كرمز سياسي في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. ومنذ العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة على أبعد تقدير عقب هجوم حماس على إسرائيل ، انتشر هذا الرمز في وسائل التواصل الاجتماعي، بعدما تحول إلى ملاذ بالنسبة للمستخدمين بدلا من العلم الفلسطيني لتجنب حذف المنشورات السياسية من قبل المواقع.

رُفع العلم الفلسطيني لأول مرة في عام 2015 أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وذلك بعد أن كافح الفلسطينيون فترة طويلة من أجل هذا الاحتفالصورة من: Chris Melzer/dpa/picture alliance

الفنان خالد حوراني بدوره يرسم البطيخ كثيرًا منذ عدة سنين. وقد نشر على موقع إنستغرام قطعة بطيخ على خلفية ذهبية، في عمل فني تم بيعه في مزاد لصالح مؤسسة بريطانية تدعم فلسطين في القطاع الصحي.

البطيخ كأداة استخدمها العنصريون

بعيدا عن السياق الفلسطيني، كان للبطيخ أيضا رمزية عنصرية. فقد استخدمه البيض في الولايات المتحدة الأمريكية للسخرية من السود، كما يثبت ذلك متحف جيم كرو للصور العنصرية في العديد من المعروضات.

وبعد إلغاء العبودية عام 1865، كان الكثير من السود يكسبون قوتهم من زراعة البطيخ وبيعه. والبطيخ لا يتطلب الكثير وينمو بسرعة، وحصاده لا يتطلب الكثير من الجهد. ومن هنا نسجت أحكام عنصرية بأنَّ السود كسولون. وانتشرت، خاصة في الولايات الجنوبية سابقا، صور لسود بشفاه حمراء كبيرة يلتهمون بشراهة شريحة بطيخ وقد تلطخوا بعصيرها - والرسالة من ذلك مفادها أن "العبيد السابقين طفوليون وغير نظيفين"، في صور نمطية عنصرية تهدف إلى إهانة االسود.

وعندما دعت مؤخرًا منظمة "الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون" زعيم الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي إلى العمل من أجل وقف إطلاق النار في غزة ونشرت صورة بطيخة، انهالت موجة من الانتقادات، لكون أنَّ زعيم الكتلة الديمقراطية أمريكي من أصول أفريقية، في موقف تداخلت فيه الحكولة الرمزية للبطيخ.

أعده للعربية: رائد الباش

تحرير: وفاق بنكيران

متضامن مع فلسطين: متجر في تورنتو يبيع هذه القمصانصورة من: Creative Touch Imaging Ltd./NurPhoto/picture alliance



DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار