ذكر موقع "Tehran Times" الإيراني أنه "كان من المفترض أن يوقف وقف إطلاق النار الهش بين
لبنان وإسرائيل، الذي توسطت فيه
الولايات المتحدة وفرنسا أواخر تشرين الثاني 2024، الأعمال العدائية ويفتح الباب أمام تسوية تفاوضية، إلا أنه بعد مرور أكثر من عام، تبين أن الهدنة وهمية إلى حد كبير. فإسرائيل تواصل شن غارات شبه يومية على الأراضي
اللبنانية ، مدعيةً استهدافها لمقرات
حزب الله ومواقع إطلاق الصواريخ، من دون تقديم أي دليل موثق يدعم مزاعمها".
وبحسب الموقع، "الخلل واضحٌ جليّ. فبينما سعى لبنان إلى الوفاء بالتزاماته بموجب وقف إطلاق النار، لم تنسحب
إسرائيل من جنوب لبنان كما نصّ الاتفاق، بل على العكس، صعّدت عملياتها، ولا سيما باغتيالها مؤخراً للقائد البارز في حزب الله، هيثم علي طبطبائي، في الضاحية الجنوبية لبيروت".
مفاوضات عقيمة
بحسب الموقع، "في الثالث من كانون الأول، عقد ممثلون لبنانيون وإسرائيليون أول محادثات مباشرة بينهم منذ عقود في مقر اليونيفيل في الناقورة، وقد وُصف الاجتماع، الذي حضره مسؤولون رفيعو المستوى من كلا الجانبين وتوسطت فيه الولايات المتحدة، بأنه اختراق دبلوماسي، إلا أن المحادثات لم تنجح في وقف الهجمات
الإسرائيلية . من جانبه، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون التزام لبنان بالمفاوضات لوقف الضربات الإسرائيلية، بينما أصر رئيس الوزراء نواف سلام على ضرورة تطبيق وقف إطلاق النار بالتساوي على كلا الجانبين، كما وانتقد التركيز المفرط على التزامات حزب الله، مشيراً إلى أن انتهاكات إسرائيل لم تواجه أي اعتراض يُذكر. وفي الواقع، تُبرز الخسائر الإنسانية عبثية هذه الجهود. فبحسب إحصاءات
الأمم المتحدة ووزارة الصحة اللبنانية، استشهد أكثر من 330 مواطناً منذ بدء وقف إطلاق النار، وبلغ إجمالي عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية في لبنان نحو 4000 شخص خلال العامين الماضيين".
خطأ دبلوماسي
وبحسب الموقع، "في هذا السياق، لاقت تصريحات
وزير الخارجية يوسف رجي الأخيرة انتقادات حادة. ففي حديثه لقناة الجزيرة يوم الجمعة، حذر رجي من احتمال شنّ إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق ضد لبنان، وأكد أن الحكومة تبذل جهودًا دبلوماسية لمنع التصعيد. ومع ذلك، فبدلاً من التركيز في تصريحاته على انتهاكات إسرائيل المستمرة لوقف إطلاق النار، اختار رجي وصف دور إيران في المنطقة بأنه "سلبي للغاية"، متهمًا طهران بزعزعة استقرار لبنان والشرق الأوسط عمومًا، بل ذهب أبعد من ذلك، واصفًا حزب الله بأنه "منظمة غير شرعية". قد تهدف هذه التصريحات، وإن كانت ربما تهدف إلى طمأنة الشركاء الدوليين، إلى تشتيت الجهود الدبلوماسية اللبنانية في لحظة حرجة. فمن خلال إلقاء اللوم على حزب الله وإيران، والدعوة الصريحة إلى نزع سلاح الحزب، يصرف رجي الانتباه عن انتهاكات إسرائيل الواضحة والموثقة لوقف إطلاق النار. إن موقف رجي مثير للقلق بشكل خاص ويستحق تدقيقاً، نظراً لتناقضه مع مواقف القيادة اللبنانية نفسها".
وتابع الموقع، "أولاً، لا يزال لبنان يعاني من قصف إسرائيلي متواصل، حيث يتحمل المدنيون وطأة هذه الهجمات، وبتركيز الانتقادات على إيران وحزب الله مع تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، يُحجب الحجم الحقيقي للعدوان وطبيعته على الأرض. وقد أكد الرئيس عون مرارًا وتكرارًا أن المسار الذي اختاره لبنان هو المفاوضات الثابتة، بهدف وقف الهجمات الإسرائيلية وحماية سيادة البلاد وأمنها. ثانياً وفي ما يتعلق بالمفاوضات، كان الهدف من وقف إطلاق النار هو تحقيق المصالح المتبادلة، وقد أشار سلام، بحق، إلى أن النقاش السياسي ركز بشكل غير
عادل على التزامات حزب الله متجاهلاً انتهاكات إسرائيل. وتؤكد تصريحات رجي هذا الخلل، مما يقوض موقف لبنان التفاوضي. ثالثاً، على الرغم من الجدل السياسي الدائر حول ترسانة حزب الله، إلا أنها مرتبطة بموقف لبنان الدفاعي ضد الهجمات الإسرائيلية، وإن تجاهلها بشكل قاطع يُنذر بتنفير قطاعات واسعة من المجتمع اللبناني وإضعاف التماسك الوطني. وأخيراً، إن انتقاد إيران مع التزام الصمت حيال انتهاكات إسرائيل يخلق انطباعاً بالتحيز وقد يشجع على المزيد من العدوان".
أجندة إسرائيل التوسعية
وبحسب الموقع، "لا يمكن فهم العدوان
الإسرائيلي المستمر بمعزل عن سياقه، فهو يتماشى مع المشروع الأيديولوجي القديم لـ"إسرائيل الكبرى"، وهي رؤية متجذرة في المراجع التوراتية وتتبناها الحركات القومية المتطرفة، وقد استُخدم هذا المفهوم لتبرير التوسع الإقليمي خارج حدود إسرائيل المعترف بها دوليًا، ليشمل ليس فقط فلسطين، بل أيضًا أجزاءً من لبنان وسوريا والأردن ومصر. وأدت التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن صراحةً تأييده لرؤية إسرائيل الكبرى، إلى تعزيز المخاوف من أن العمليات العسكرية الإسرائيلية جزء من خطة توسعية أوسع. ومن جانبها، أدانت الدول العربية هذه التصريحات باعتبارها تهديداً مباشراً للسيادة والاستقرار الإقليميين".
ورأى الموقع أنه "من هذا المنطلق، يُعدّ لبنان المنزوع السلاح، أي المُجرّد من قدرته الرادعة الأساسية، ضرورة استراتيجية لتحقيق هذه الرؤية. فلبنان المنزوع السلاح هو الهدف الأسمى لإسرائيل التوسعية، إذ يُزيل العقبة الأكبر أمام طموحاتها. يجب على القيادة اللبنانية ضمان أن يعكس خطابها الدبلوماسي الواقع المعاش لشعبها: أمة تعاني تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل رغم مساعيها الحثيثة لتحقيق السلام. وفي هذه المرحلة الحرجة، يجب أن تبقى الأولوية واضحة: محاسبة إسرائيل على انتهاك وقف إطلاق النار ومقاومة مخططاتها التوسعية تحت راية "إسرائيل الكبرى". إن أي استراتيجية دبلوماسية لا تُراعي هذا الواقع ليست ظالمة فحسب، بل تشكل خطراً استراتيجياً على لبنان والمنطقة بأسرها".