قد تشهد المرحلة المقبلة سباقاً بين التصعيد العسكري
الإسرائيلي بما يشبه الحرب ضد "
حزب الله "، وبين ما تسعى إليه
واشنطن عبر الضغوط على
لبنان لإنجاز خطة حصر السلاح والتفاوض.
وكتب
ابراهيم حيدر في"النهار":استمرار
الغارات
الإسرائيلية بالتزامن مع اتفاق غزة، ينذر بتحويل لبنان إلى مسرح عمليات لفرض شروط ترتبط بالأمن الإسرائيلي، نظراً إلى اختلال موازين القوى، وأيضاً استمرار إضعاف الدولة. إذ أن
إسرائيل تريد التفاوض المباشر، وهو مطلب أميركي جرى إبلاغه إلى لبنان عبر الموفدة الأميركية
مورغان أورتاغوس وأعاد إخراجه توم برّاك، وهو ما سيجدد الدعوة إليه السفير الأميركي الجديد في لبنان ميشال عيسى. ووفق مصادر ديبلوماسية أن لبنان تبلغ أيضاً رسائل عبر قنوات أميركية ودولية بضرورة إنهاء ملف حصر السلاح بيد الدولة، ثم التفاوض مع إسرائيل على الانسحاب والترتيبات الأمنية، فيما يمنع الاحتلال إعادة الإعمار برضى أميركي، إذ لا أموال مخصصة للإعمار الذي سيكون بإشراف دولي، إلا بعد انجاز الملفات المتعلقة باتفاق وقف النار خصوصاً البند المتعلق بسحب السلاح.
تتسلط الانظار على لبنان في المرحلة المقبلة، فإذا سارت الأمور في القطاع وفق خطة
ترامب ، ستكون المنطقة كلها تحت المتابعة الأميركية التي تضغط للتفاوض من أجل التوصل الى اتفاقات تحت عنوان "السلام"، الذي تريده إسرائيل وفق مشيئتها. أما لبنان، فهو ضمن الأجندة الأميركية، لكن ملفه يندرج في سياق إنهاء الصراع مع إسرائيل، وهو بالنسبة للأميركيين لا يتم إلا من خلال التفاوض المباشر. وانطلاقاً من ذلك، تحجم واشنطن عن تقديم ضمانات للبنان بوقف الخروقات من دون أن يعني ذلك أنها تشجع الحرب الإسرائيلية، لكنها تطلب من لبنان المبادرة إلى التفاوض بتمثيل سياسي رفيع، وليس عبر لجان عسكرية فحسب، والتوصل الى تفاهمات مع إسرائيل.
وبينما تتذرّع إسرائيل بأن "حزب الله" يعيد بناء قدراته العسكرية، توسّع احتلالها في المنطقة الحدودية، فتزيد الضغط على الدولة، وترفض قبل أي تفاوض، الانسحاب من نقاط تعتبرها ضمن المنطقة العازلة، بما في ذلك النقاط التي سيطرت عليها ببن لبنان وسوريا خصوصاً مرصد جبل الشيخ الذي يشرف على
البقاع اللبناني وأيضاً على دمشق. وتسعى إسرائيل وفق المصادر الديبلوماسية إلى فرض أمر واقع، فكلما طال وقت الاحتلال، أصبح في الإمكان التوصل إلى ترتيبات أمنية في المنطقة المحتلة.
وفي الوقت الذي تضغط فيه إسرائيل على لبنان، يواصل "حزب الله" تحميل المسؤولية للدولة، من دون أن يتقدم خطوة لمساعدتها في بسط سيطرتها، حيث حصر السلاح بيد الدولة جزء من عملية تعزيز قوتها وخياراتها في مواجهة إسرائيل. أما الاستمرار في سوق الاتهامات ضد الدولة، فهو تهرّب من الالتزامات، إذ أن الحكومة ليست المسؤولة عن منع إعادة الإعمار، ولا تحقيق الانسحاب من دون أن تكون قادرة ومسيطرة وقرارها بيدها. والمسؤولية الوطنية في مواجهة الاحتلال، لا تكون بالاستمرار في في نحر الدولة وزيادة عجزها، وتقديم الذرائع، وسط أخطار بقاء لبنان مسرحاً للحرب الإسرائيلية؟