آخر الأخبار

قمة شرم الشيخ... الحرب انتهت؟

شارك
بدت قمة شرم الشيخ الأخيرة وكأنها لحظة فاصلة في مسار الشرق الأوسط ، يمكن القول إنها رسمت خطًّا واضحًا بين ما قبلها وما بعدها. فقبل القمة، كانت المنطقة غارقة في دوّامة الحروب والاشتباكات المتنقلة من جبهة إلى أخرى، ومعارك لا تهدأ في غزة وسوريا ولبنان واليمن. أما بعد القمة، فيبدو أن ملامح مرحلة جديدة بدأت تتكوّن، عنوانها الأساسي تخفيض منسوب التصعيد، وفتح الباب أمام تسويات جزئية او كبرى تهيّئ لتهدئة أوسع في المدى المتوسط.

في المضمون، أظهرت القمة رغبة أميركية واضحة في إعادة ترتيب الأولويات. فالإدارة الأميركية باتت تدرك أن الاستنزاف المستمر في الشرق الأوسط لم يعد يخدم مصالحها، خصوصاً في ظلّ احتدام المواجهة الاقتصادية والعسكرية غير المباشرة مع روسيا والصين. ولذلك، فإنّ واشنطن تميل اليوم إلى مقاربة أكثر هدوءاً، تتيح لها التحكّم بإيقاع المنطقة من دون الانغماس في مواجهات مفتوحة.

لكنّ هذه المقاربة لا تعني إطلاقاً أن الدعم الأميركي لإسرائيل سيتراجع. فواشنطن ما زالت تعتبر تل أبيب شريكها الأول في تثبيت التوازنات الإقليمية، ولن تتخلى عنها بسهولة. إلا أن شكل هذا الدعم قد يتبدّل، من دعم ميداني مباشر إلى دعم سياسي ودبلوماسي أكثر هدوءاً، يهدف إلى تحصين الموقع الإسرائيلي ضمن إطار تفاهمات أوسع مع القوى العربية.

ما بين السطور، تحمل القمة أيضاً مؤشراً على تفاهمات أمنية جديدة، حيث يُراد أن تبقى ساحات التوتر محدودة ومضبوطة. لبنان وسوريا وغزة ستكون على الأرجح مسارح لاشتباكات محدودة، تُستخدم كأوراق ضغط، من دون أن تنزلق إلى حرب شاملة كما في الاشهر السابقة. هذه المعادلة تريح واشنطن من جهة، وتُبقي الباب مفتوحاً أمام ترتيبات طويلة الأمد تضمن هدوءاً نسبياً في المنطقة من جهة اخرى.

أما الحديث عن حرب كبرى على لبنان أو ضربة شاملة ضد إيران ، فيبدو اليوم بعيداً عن المنطق السياسي والميداني. فالإدارة الأميركية، التي تسعى لتصفية ملفات الشرق الأوسط، ليست في وارد إشعال جبهة جديدة قد تطيح بما تحقق في شرم الشيخ. إلا إذا كانت هناك مفاجأة أو “خديعة استراتيجية” يجري التحضير لها في الكواليس، وهو احتمال لا تدعمه أي مؤشرات عملية حتى الآن.

يمكن القول إن قمة شرم الشيخ لم تكن لقاءً بروتوكولياً عادياً، بل نقطة تحوّل في التفكير الدولي حيال المنطقة. فمرحلة الحروب الواسعة قد تكون انتهت، لتحلّ مكانها مرحلة “إدارة التوترات”، حيث تُبقي القوى الكبرى على النار تحت الرماد، من دون أن تسمح لها بالاشتعال الكامل.
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا