عناد القنصل البريطاني يبيد مملكة مزدهرة عن بكرة أبيها

سال لعاب بريطانيا في عام 1897 على ثروات بنين، المملكة المزدهرة التي كانت قائمة بالقسم الجنوبي الغربي من نيجيريا. بريطانيا قررت كما هي العادة، القضاء عليها والاستحواذ على ما تملك.

Sputnik

مملكة بنين القديمة، التي تأسست في عام 1180، ازدهت بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر، وكانت تعرف باسم "إيغودوميغودو"، وعاصمتها "إيدو"، وهي حاليا تسمي مدينة بنين، فيما يطلق على السكان الأصليين الاسم "إيدو".

من مظاهر تطور هذه الحضارة الإفريقية أن مملكة بنين كانت محاطة بسور يوصف بأنه من أكبر ما صنع الإنسان على الإطلاق، وأنه قبل أن يدمره البريطانيون، كان يفوق حتى سور الصين العظيم. هذا السور كان ارتفاعه يزيد عن 18 مترا، وكان يحيط بمساحة شاسعة تزيد عن 1191 كيلو مترا مربعا.

البرتغاليون كانوا وصلوا إلى ساحل هذه المملكة في عام 1472، وتفاجئوا بدولة قوية مسلحة بشكل جيد وكانت مزدهرة لفترة طويلة بتجارة البرونز والذهب والأسلحة والدروع مع العالم الخارجي عبر الصحراء.

أقام البرتغاليون بعد مفاوضات مع الملك علاقات بهذه الدولة وافتتحوا سفارة بها، كما أقامت مملكة بنين سفارة لها في لشبونة. استمر الحال إلى عام 1897، حين دخلت بريطانيا على الخط وقررت اللعب بمفردها.

كانت حدود مملكة بنين مغلقة بإحكام تحت سلطة قوية، فيما كانت سلطات المملكة غير متحمسة لإقامة علاقات مع الأوروبيين، لعدم الثقة بهم ولأنها كانت تعتبر دولتها مكتفية ذاتيا وليست بحاجة إلى مساعدة الأوروبيين وخاصة البريطانيين.

بعد مفاوضات طويلة ومحاولة استمالة هذه المملكة بالهدايا العديدة، أبرم البريطانيون اتفاقية مع حاكم مملكة بنين في عام 1892، إلا أن محاولاتهم اختراق حدود بنين والوصول على أعماقها باءت بالفشل.

العطلة المقدسة وغطرسة القنصل البريطاني:

حين حشد الإنجليز قوة بحرية كافية قرب مصب نهر النيجر، وتمركزت قوات لهم في غرب الدلتا، تغيرت لهجة قنصلهم جيمس روبرت فيليبس. بريطانيا العظمى قررت فرض سيطرتها الكاملة والوحيدة على تجارة وموارد بنين، ولتحقيق هذا الهدف مهدت لغزو المملكة وتدميرها.

القنصل البريطانية أبلغ في عام 1897 حكام المملكة أنه سيزور عاصمتهم في يوم محدد بعد عطلة مقدسة لديهم.  

حاكم بنين وكان يدعى "أوبا" والمجلس الكبير الذي يدور المملكة أبلغا البريطانيين بتعذر استقبال قنصلهم في اليوم المحدد، لانشغالهم في مناسبة محلية مقدسة تكريما للأسلاف، محذرين من أن أجنبي سيدخل إلى أراضي بنين في هذا اليوم، سيكون مصيره الموت.

تجاهل القنصل فيليبس تحذيرات الحاكم "أوبا"، وانطلق صحبة ثمانية بريطانيين ومئتي وأربعين حمالا إلى ميناء جواتو في المملكة في 2 يناير عام 1897.

استقبل مقاتلو مملكة بنين القنصل البريطاني ومن معه بنصب كمين أعد مسبقا، وتم القضاء على أفراد المفرزة البريطانية بما في ذلك القنصل، ولم ينج إلا اثنان من البريطانيين وأربعة من الحمالين الأفارقة.

القائد البحرية البريطانية في المنطقة الأدميرال روسون علم بمقتل، في كيب تاون بجنوب إفريقيا، وقرروا معاقبة مملكة بنين وفي نفس الوقت سنحت لهم الفرصة للاستحواذ على ثرواتها والتجارة التي كانت تسيطر عليها. حشد البريطانيون قوة بحرية من عدة سفن وقوة برية جمعت من المستعمرات المجاورة وبدأ عزو مملكة بنين.

تغلبت قوة البريطانيين الكاسحة على أسلحة المدافعين عن مملكة بنين البدائية، وتم قمع مقاومة سكان بنين بوحشية.

بريطانيا العظمى احتفلت بهذا "النصر"، وهنأت الملكة فيكتوريا بحريتها على عملية الغزو الناجحة التي دمرت بشكل نهائي مملكة بنين.

البريطانيون نالوا مبتغاهم، وعلاوة على ذلك، نهبوا عشرات الآلاف من التحف والأعمال الفنية النادرة. قسم منها ذهب إلى المتاحف البريطانية وقسم آخر بيع للمتاحف الأوروبية.

منحوتات بنين الفنية النادرة توصف بأنها برونزية، على الرغم من أنها صنعت من النحاس الأصفر، وبعضها مصنوع من النحاس النقي.

جندي بريطاني من قوات النخبة يدعى هربرت ووكر كتب في مذكراته يوم 21 فبراير عام 1897 قائلا: "كنا مشغولين بهدم المنازل وتدميرها طوال الصباح"، وبعد يومين كتب بتاريخ 23 فبراير قائلا:" لقد دمرنا طوال اليوم المساكن المحلية. إنها مهمة صعبة".

وبعد أن دمر البريطانيون عاصمة بنين وقلبوها رأسا على عقب، وصف هذا الجندي البريطاني بلهجة متفاخرة نهبهم لكنوز وتحف القصر الملكي قائلا إن "معسكرنا بأكمله كان غارقا في الغنائم"!

 المصدر: RT

 


إقرأ أيضا