جاءت تصريحات كازو أويدا بعد ما يقرب من ستة أسابيع من التقلبات الشديدة في السوق حيث ضعف الين إلى أدنى مستوى تاريخي عند 161 ين للدولار قبل أن يعكس مساره بشكل حاد ويرتفع بأكثر من 10 بالمئة. وارتفعت سوق الأسهم اليابانية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق قبل أن تتحمل أكبر انهيار لها في يوم واحد على الإطلاق.

أنهى البنك المركزي الياباني في مارس سياسة أسعار الفائدة السلبية بعد عقود من الانكماش غير المستقر. وأعلن أويدا أمام البرلمان أن التقلبات الأخيرة كانت مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف المتعلقة بركود الاقتصاد الأميركي، وليس بزيادة أسعار الفائدة التي قام بها بنك اليابان في أواخر يوليو. ومع ذلك، أشار إلى أن "الأسواق المحلية والدولية لا تزال غير مستقرة، لذلك سنراقب تطورات السوق بقدر كبير من الحذر"، بحسب تقرير على صحيفة فاينانشال تايمز.

وعلى الرغم من عدم الاستقرار الأخير، قال أويدا في جلسة استماع برلمانية عقدت خصيصًا الجمعة إنه "لا يوجد تغيير" في الموقف الأساسي للبنك المركزي بأنه سيعدل السياسة النقدية إذا كان "مقتنعًا بأن التطورات الاقتصادية والأسعار (التضخم) تتحرك كما هو متوقع".

جاءت تعليقات أويدا، التي دفعت الين للارتفاع بنحو 0.5 بالمئة مقابل الدولار خلال التعاملات الصباحية، في الوقت الذي خضع فيه للاستجواب بشأن قرار أسعار الفائدة في يوليو، والذي قال منتقدون إنه كان مصحوبا برسائل مربكة من البنك المركزي.

أدت الزيادة بمقدار 0.15 نقطة مئوية إلى رفع سعر السياسة قصيرة الأجل في اليابان إلى 0.25 بالمئة، وهو ما يزال منخفضًا للغاية وفقًا لمعايير البنوك المركزية العالمية الأخرى، ولكنه يعد خطوة مهمة نحو "التطبيع" الذي يأمل أويدا أن يحققه بعد سنوات من السياسة المتساهلة للغاية.

"لا تزال أسعار الفائدة قصيرة الأجل في اليابان منخفضة للغاية"، بحسب أويدا، الذي أقر أيضًا بوجود حالة من عدم اليقين الكبير بشأن المستوى النهائي لأسعار الفائدة اليابانية: "إذا كان الاقتصاد في حالة صحية، فسوف نحرك الفائدة إلى مستويات نعتبرها محايدة".

ودافع أويدا عن زيادة أسعار الفائدة في يوليو، بحجة أن الغرض منها كان "التأكيد على أن الاقتصاد يسير بشكل عام وفقًا لتوقعاتنا الاقتصادية والسعرية، ولا سيما التوقعات للتضخم، والذي من المتوقع أن يظل عند مستوى يتسق مع هدف الاستقرار السعري المستدام بنسبة 2 بالمئة في النصف الأخير من فترة التوقعات".

ومع ذلك، خلال جلسة الجمعة نفسها، قال وزير المالية شونيتشي سوزوكي إن الحكومة لم تعلن رسميًا بعد عن نهاية الانكماش. وقال سوزوكي: "نعتقد أننا وصلنا إلى نقطة حيث لم تعد فيها الظروف انكماشية، لكن لا يمكننا أن ننكر إمكانية عودة البلاد إلى الانكماش".

وعلى الرغم من أن خبراء الاقتصاد توقعوا ارتفاعات متواضعة في أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان في غضون عام 2024، إلا أن الخطوة في يوليو فاجأت العديد من المشاركين في السوق.

وفي الأيام التي تلت ذلك، ارتفع الين بشكل حاد مقابل الدولار، مما أدى إلى تفكيك هائل لمراكز المضاربة القصيرة الأجل في الين المعروفة باسم "الكاري تريد" (Carry Trade).

وازدادت حالة عدم الاستقرار وسط مخاوف من تعرض الاقتصاد الأميركي لخطر الركود. وفي صباح يوم الجمعة، واجه أويدا وآخرون ساعتين ونصف الساعة من الاستجواب من قبل لجنة من أعضاء مجلس النواب. ومن المقرر أن تعقد جلسة مماثلة بعد ظهر الجمعة في مجلس الشيوخ.

ما هو الكاري تريد؟ (Carry Trade)

يعرف أيضا بـ "صفقات الحمل" أو "تداولات الترجيح"، ومن بين الأسماء الأكثر رواجًا هو "التداول بالفائدة"، نظرًا لأنها معاملة تقوم بالأساس على دراسة فروق أسعار الفائدة بين العملات المختلفة لتحقيق أكبر مكسب.

من ركائز معاملات "الكاري تريد" أيضًا؛ اقتراض وبيع العملة، ثم استخدام هذا النقد في شراء عملة أخرى، على أمل تحقيق أرباح أكثر (عبر الأصول المشتراة) من تكلفة اقتراض الأصل الأول.

على سبيل المثال، يقترض المستثمر عملة بلد ما ذات أسعار فائدة منخفضة مثل الين (كانت تفرض اليابان فائدة سالبة حتى وقت قريب ورفعتها مؤخرًا إلى 0.25 بالمئة)، ويستخدمها للاستثمار في عملة ذات أسعار فائد أعلى مثل البيزو المكسيكي (11 بالمئة).

في شكل آخر شاع مؤخرًا، اقترض المستثمرون السندات الحكومية اليابانية وباعوها، في ظل انخفاض عوائدها (التكلفة)، ومن ثم استخدموا الأموال التي جمعوها (بالين) في شراء الدولار واليورو، وأخيرًا الاستثمار في سندات أو أسهم هاتين العملتين.

تعتمد هذه الاستراتيجية على بقاء العملة المقترضة رخيصة، مع انخفاض التقلبات في السوق، وهذا ما يعطي لمحة عما حدث في الأسواق مؤخرًا، حيث تحول هذان العاملان ضد المستثمرين في الأسابيع الأخيرة مع ارتفاع الين، ما دفعهم إلى إغلاق مراكزهم (القائمة على الاستدانة).