انقطاع الطمث: ما أسباب ترك نساء وظائفهن بعد هذه المرحلة؟

يمكن أن تكون الأعراض المرتبطة بانقطاع الطمث مُنهكة، كما تقول نساء عاملات إنهن يفتقرن إلى برامج الدعم من قبل أصحاب الأعمال، وليس لديهن خيار سوى ترك وظائفهن.

في مارس/ آذار من عام 2016، قررت "مادو كابور" الاستقالة من منصبها في إدارة حكومية بريطانية حيث عملت لمدة 23 عاما. وتقول المرأة البالغة من العمر 58 عاما من شمال لندن: "لقد أحببت عملي، وكنت مخلصة وملتزمة لكنني لم أعد قادرة على التأقلم، واعتقدت أن أفضل شيء أفعله هو الرحيل".

كانت الأم لطفلين في منتصف الأربعينيات من عمرها، عندما بدأت تعاني من أعراض فترة ما قبل انقطاع الطمث. وكانت تعاني من التعرق الليلي وخفقان القلب والصداع النصفي، ما جعلها تشعر بالضعف والخمول. لقد كافحت للتركيز في العمل، وكانت تخشى حضور الاجتماعات المنتظمة التي كانت جزءا من وظيفتها كأخصائية توظيف. وتقول: "لقد فقدت ثقتي بنفسي، اعتقدت أنني لم أكن جيدة في أي شيء".

  • ما هو انقطاع الطمث وما أعراضه؟
  • انقطاع الطمث: كيف تتعامل شابات مع هذه الحالة؟

ولكن عندما شاركت ما كانت تشعر به مع فريق قيادتها، قالت إنها لم تحصل على الطمأنينة أو الدعم العاطفي الذي كانت تبحث عنه. وبعد حوالي ستة أشهر من تلك المحادثة، قررت تقديم استقالتها. وعلى الرغم من صدمة عائلتها، إلا أنها شعرت أنه ليس لديها خيار آخر. "لم أكن أعرف إلى من أتوجه."

أصبح موضوع انقطاع الطمث أقل حرجا وأكثر قابلية للحديث عنه في بعض البلدان، حيث تساعد الحملات الشعبية مثل "وثيقة انقطاع الطمث" و"لنتحدث عن انقطاع الطمث" - Menopause Mandate وLet's Talk Menopause - في كسر الوصمة وبناء الوعي. ومع ذلك، يقول الخبراء إن تأثيرها المهني على النساء لا يزال دون معالجة إلى حد كبير.

في دراسة استقصائية أجريت في أواخر عام 2023، استطلعت شركة "سيمبلي هيلث" للرعاية الصحية في أماكن العمل في بريطانيا أكثر من 2000 امرأة عاملة، تتراوح أعمارهن بين 40 و60 عاما. خلصت الدراسة إلى أن 23 في المئة من النساء فكرن في الاستقالة بسبب تأثير انقطاع الطمث، وأظهرت الدراسة أن 14 في المئة منهن يخططن لتقديم طلب الاستقالة.

وعلى الرغم من أن حجم عينة الاستطلاع صغير، مقارنة بسبعة ملايين امرأة في القوى العاملة في بريطانيا في تلك الفئة العمرية، إلا أنه يدعم الأدلة من النساء اللاتي يتحدثن علنا عن تجاربهن كعاملات بعد انقطاع الطمث. وإذا ظلت المشكلة دون معالجة، فقد تؤثر على ملايين العاملات اللائي ربما يتخذن نفس القرار بالمغادرة.

بالإضافة إلى ذلك، حتى بالنسبة للعاملات اللائي لا يغادرن، فإن الخسائر المالية للإجازات المرضية والإجازات غير مدفوعة الأجر، والفرص الضائعة بسبب انقطاع الطمث تزيد من التكلفة الباهظة. ويقدر باحثون من شركة "مايو كلينيك" خسائر النساء بمبلغ 1.8 مليار دولار سنويا، في الولايات المتحدة وحدها.

وقد رأى بعض أصحاب العمل الحاجة الماسة إلى دعم هؤلاء العاملات في منتصف حياتهن المهنية ــ والعديد منهن يشغلن مناصب قيادية ــ وقدموا برامج دعم خاصة بانقطاع الطمث. ومع ذلك، يقول الخبراء إن التغيير يجب أن يحدث بشكل أسرع، وإلا فقد يشعر الملايين من العاملات مثل كابور أنه ليس لديهن بديل سوى الاستقالة.

"لم أستطع الاستمرار بهذه الوتيرة"

يمر ما يقرب من ثمانية من بين كل 10 نساء بمرحلة انقطاع الطمث أثناء وجودهن في العمل، وفقا لكلية الطب المهني في لندن. يبدأ ظهوره لدى معظم النساء بين سن 40 و58 عاما، وتستمر المرحلة الانتقالية التي تبدأ فيها الهرمونات بالتقلب - والتي تسمى "فترة ما حول انقطاع الطمث" - لمدة تصل إلى ثماني سنوات.

تعاني ثلاثة أرباع النساء من بعض التأثيرات على الأقل خلال هذه الفترة، بما في ذلك التعرق الليلي والتعب والصداع وآلام المفاصل والقلق من بين 34 عرضا معترفا به طبيا. وبالنسبة لـ 25 في المئة منهن، ستكون هذه الأعراض منهكة، وسيكون لها تأثير كبير على حياتهن اليومية.

وعلى الرغم من مدى انتشار المشكلة، فإن العاملات اللاتي يمررن بفترة انقطاع الطمث نادرا ما يشعرن بالدعم. أظهرت البيانات الحديثة الصادرة عن شركة "كورن فيري" الاستشارية أن 26 في المئة فقط، من 8000 امرأة شملهن الاستطلاع، تلقين المساعدة عبر برامج أو سياسات رسمية في مكان العمل.

وفي دراسة استقصائية أجريت عام 2023 على 11 ألف عضوة في النقابة، أجرتها النقابة العمالية في بريطانيا "يونايت"، أفادت أربع من خمس نساء أن صاحب العمل لا يقدم أي دعم في العمل، لأولئك اللائي يعانين من أعراض انقطاع الطمث.

"لم أستطع الاستمرار بهذه الوتيرة"

العديد من العاملات لا يفتقرن إلى المساعدة من البرامج الرسمية فحسب، بل يشعرن أيضا أنه ليس لديهن طريق مفتوح حتى لطرح موضوع انقطاع الطمث.

كانت سامانثا تبلغ من العمر 40 عاما وتعمل كمديرة علاقات عامة في إحدى شركات التصنيع، عندما بدأت تعاني لأول مرة من التعب والهبات الساخنة والصداع في العمل.

في البداية، لم يخطر ببالها أن الأعراض يمكن أن تكون علامة على انقطاع الطمث. ظهر الموضوع فقط عندما زارت الطبيب حول الدورة الشهرية المتكررة والغزيرة، التي استنزفت طاقتها. طوال العامين التاليين، وجدت الأم لطفلين صعوبة متزايدة في إدارة متطلبات وظيفتها إلى جانب الأعراض الشديدة.

الرحلات الأسبوعية من لندن إلى نيويورك، والبدء المنتظم ليومها في الساعة 05:00، والتوفيق بين المسؤوليات المتعددة كان له أثره عليها. وتقول: "لم أستطع الاستمرار بهذه الوتيرة".

فكرت سامانثا لفترة وجيزة في فكرة طرح الموضوع على الشخص المعين للتعامل مع شؤون الموارد البشرية في الشركة، لكن عمره وجنسه جعلا الأمر يبدو محرجا، كما تقول.

وعندما طرحت أخيرا فكرة المشاركة في الوظيفة أو تعيين شخص إضافي لإدارة عبء عملها، رفض مديرها التنفيذي هذا الطلب. ولما شعرت بعدم وجود خيار آخر، سلمت طلب استقالتها بعد ستة أشهر، واختارت البدء في العمل كمستشارة علاقات عامة وتسويق مستقلة بدلاً من ذلك.

"لا أحد يريد التحدث عن المشكلة"

تعتقد تامسن فادال، وهي صحفية ومؤلفة ومدافعة عن دعم النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، مقيمة في الولايات المتحدة، أن عدد النساء اللاتي يشعرن بأنهن مجبرات على ترك العمل بسبب انقطاع الطمث غير موثق، ولا يتم تقديره بشكل كافٍ. وتقول: "علينا أن نسأل أنفسنا عندما تترك النساء مكان العمل في هذا العمر أو خلال هذه الفترة الانتقالية، كم منهن لا يتحدثن عن السبب، هذه مشكلة حقيقية".

بالنسبة لكثير من الناس، يظل موضوع انقطاع الطمث من الموضوعات المحظور التحدث عنها. وتعتقد فادال أن النساء يجدن صعوبة خاصة في مشاركة معاناتهن، والتعبير عن المساعدة التي يحتاجونها من أصحاب العمل.

وتقول: "لم يرغب أحد من أمهاتنا في التحدث عن الأمر مع الأطباء، فكيف يمكن التحدث لأصحاب العمل؟" وتضيف أن التهديد المتمثل في التمييز على أساس السن يجعل من الصعب على العديد من النساء التحدث علناً. "إن التعبير عن احتياجاتنا أمر مخيف. فالخوف من الشيخوخة خارج مكان العمل لم يغادر عقولنا بعد".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

إقرأ أيضا