آخر الأخبار

الحياة على المريخ تبدأ من الجزائر!

شارك
بواسطة كريم معمري
صحفي جزائري مختص في الشأن الوطني .
مصدر الصورة
الكاتب: كريم معمري

● الحياة على المريخ تبدأ من الجزائر!

الجزائرالٱن _ في مكانٍ لا يلفت الانتباه على خريطة السياحة ولا يتصدر نشرات الأخبار، يختبئ احتمال علمي قد يغيّر فهم البشرية لأحد أقدم أسئلتها: هل وُجدت الحياة خارج كوكب الأرض؟

الجواب المحتمل، أو على الأقل أحد مفاتيحه، قد يكون من محجر سيدي بوطبال بولاية سيدي بلعباس في الجزائر.

هنا، حيث كانت مياه البحر الأبيض المتوسط تغمر المنطقة قبل أكثر من خمسة ملايين سنة، تشكّل الجبس بفعل تبخر المياه، ليصبح اليوم محور دراسة علمية دولية تقودها عقول جزائرية، وعلى رأسها العالم يوسف سلام. دراسة لا تبحث في تاريخ الأرض فقط، بل تنظر مباشرة إلى… المريخ.

● الجبس… شاهد صامت على الحياة القديمة

الرهان العلمي في هذه الدراسة لا يقوم على فرضيات خيالية، بل على معدن بسيط في شكله، بالغ الأهمية في وظيفته: الجبس.

مصدر الصورة

هذا المعدن الكبريتاتي موجود بكثرة على سطح المريخ، كما هو الحال في بعض مناطق الأرض، واللافت فيه أنه يتكوّن بسرعة، ما يجعله قادراً على “حبس” الكائنات الدقيقة داخل بنيته قبل أن تتحلل.

وفق نتائج البحث المنشور في مجلة Frontiers in Astronomy and Space Sciences، يحتوي الجبس المستخرج من سيدي بوطبال على خيوط أحفورية دقيقة مترافقة مع معادن مثل الدولوميت والبيريت والطين، وهي تركيبات يعرفها الجيولوجيون على أنها مؤشرات قوية على نشاط ميكروبي قديم.

بعبارة أخرى: هذا الجبس يحتفظ بسجلّ بيولوجي مصغّر، يشبه إلى حد كبير ما يبحث عنه العلماء حالياً على سطح الكوكب الأحمر.

● من محجر جزائري إلى مختبرات الفضاء

لم تقتصر الدراسة على الملاحظة المجهرية، بل استعانت بتكنولوجيا متقدمة مصممة أصلاً للبعثات الفضائية.

الفريق البحثي استخدم مطيافاً كتلياً يعمل بأيونات الليزر، وهو جهاز مدمج قادر على تحليل التركيب الجزيئي للعينات بدقة عالية، عبر تبخير جزء بالغ الصغر منها وتحويله إلى بلازما.

الأهمية هنا لا تكمن فقط في النتائج، بل في قابلية نقل هذه التقنية إلى المريخ نفسه.

يوسف سلام يؤكد أن هذا النوع من الأجهزة يمكن دمجه مستقبلاً في عربات الاستكشاف (الروفرات)، ما يسمح بالكشف المباشر عن بصمات الحياة على سطح المريخ، دون الاكتفاء بجمع العينات وإعادتها إلى الأرض.

إنه انتقال من منطق “الانتظار” إلى منطق “الاكتشاف في الميدان”.

● الحذر قبل إعلان الاكتشاف

ورغم الحماس الذي تثيره النتائج، يتعامل الباحثون مع الملف بمنتهى الحذر. فالتحدي الأكبر في علم الأستروبيولوجيا لا يكمن في العثور على تراكيب غريبة، بل في التمييز بين ما هو حي فعلاً، وما هو مجرد تفاعل معدني غير بيولوجي.

ظروف المريخ القاسية، من إشعاع مرتفع إلى تآكل كيميائي مستمر، قد تشوّه الإشارات الحيوية أو تخلق أشكالاً تشبه الحياة دون أن تكون كذلك. لذلك يشدد الفريق على ضرورة اعتماد مقاربة متعددة الأدوات، تجمع بين التحليل الطيفي، والتصوير الدقيق، والدراسات المعدنية، قبل إطلاق أي استنتاج نهائي، فالعلم لا يبحث عن الإثارة، بل عن اليقين.

● الجزائر تدخل خريطة الأستروبيولوجيا

بعيداً عن الجانب التقني، تحمل هذه الدراسة دلالة رمزية وعلمية بالغة الأهمية:

إنها أول مشروع أستروبيولوجي دولي يشمل الجزائر، ويضعها ضمن الدول المساهمة في أبحاث الفضاء المتقدمة، لا كمجرد متلقٍ للنتائج، بل كمنتِج للمعرفة.

كما تكسر الدراسة صورة نمطية راسخة في البحث العلمي، مفادها أن البيئات المشابهة للمريخ لا توجد إلا في الصحارى البركانية أو المناطق الجليدية القاسية.

سيدي بوطبال، بمنظره المتواضع، يثبت أن مواقع “مفتاح الحياة” قد تكون أقرب مما نتخيل… فقط لم ننظر إليها من قبل بالعين العلمية المناسبة.

● من الجزائر إلى روفر برسيفيرانس

تتقاطع نتائج هذه الدراسة مع مهمة روفر برسيفيرانس التابع لوكالة ناسا، الذي يجمع حالياً عينات من سطح المريخ لإعادتها إلى الأرض.

المقارنة المستقبلية بين الجبس والدولوميت الأرضي، ونظيراتهما المريخية، قد تكون الحسم العلمي المنتظر، إما تأكيد وجود حياة قديمة على المريخ… أو إعادة رسم حدود ما نعرفه عن نشأة الحياة نفسها.

● سؤال واحد… وبداية محتملة من الجزائر

هل ازدهرت الحياة يوماً على الكوكب الأحمر؟

السؤال ما يزال مفتوحاً، لكن المؤكد أن الإجابة لم تعد حكراً على مختبرات الدول الكبرى وحدها.

من محجر جزائري صامت، خرجت إشارات علمية تقول إن البحث عن الحياة في الفضاء قد يبدأ من الأرض… ومن الجزائر تحديداً.

● الحياة على المريخ؟

ربما لا تزال قصة غير مكتملة، لكن أحد فصولها كُتب بالفعل… هنا.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا