لم تدم فترة التأثر برهبة البدايات طويلًا، إذ سرعان ما تجاوزها لاعبو المنتخب المغربي تحت قيادة المدرب وليد الركراكي. و تبقى رهبة البداية أمرًا شائعًا في البطولات الكبرى، خصوصًا بالنسبة للمنتخبات المضيفة، التي غالبًا ما تتحول بداياتها المترنحة إلى دافع قوي لتحقيق الأفضل.
وكان المنتخب المغربي الأكثر ترقبًا قبل صافرة البداية، حيث سلطت عليه الأضواء من قبل الصحافة العالمية، والجماهير، وحتى المنافسين. هذا الضغط انعكس نسبيًا على الأداء في أول مباراتين، قبل أن يظهر المنتخب بوجهه الحقيقي في الجولة الثالثة.
عقب التعادل أمام منتخب مالي في الجولة الثانية، عقد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، اجتماعًا مع الناخب الوطني وليد الركراكي ، جدد خلاله دعمه غير المشروط للطاقم التقني ولعناصر المنتخب، مؤكدًا ثقته الكاملة في قدرتهم على مواصلة المشوار بثبات وتحقيق الأهداف المنشودة.
ويبدو أن الاجتماع الذي عرف حضور قائد المنتخب أشرف حكيمي ، والحارس ياسين بونو ، سادته أجواء إيجابية اتسمت بروح المسؤولية والتلاحم، ما انعكس بشكل واضح على أداء الفريق في المباراة الموالية.
أيوب الكعبي، المتخصص الجديد في تسديل الأهدف بضربات مقصية.صورة من: Fareed Kotb/Anadolu/picture alliance
و من جهته تحدث الركراكي عقب المباراة أمام زامبيا حول الأخطاء التي ارتكبها الأسود أمام مالي، مشيرا إلى أن التأهل لم يأتِ نتيجة التفوق الفني الحاسم، بل بفضل فرص استغلت وتوقيت المباريات، وهو ما يضع المنتخب أمام اختبار أكبر في الأدوار الإقصائية.
كما شدد الركراكي على ضرورة استمرار تصحيح الأخطاء ومواصلة التطور، في حين أن الأداء أمام زامبيا، رغم الفوز بثلاثية، لم يكن خاليًا من بعض النقاط السلبية على مستوى الانتقال الدفاعي والضغط على المنافس، وهي جوانب قد تكلف الفريق غالياً عند مواجهة فرق قوية في الدور المقبل.
النجم إبراهيم دياز، موهبة ريال مدريد، شكل قوة ضاربة، وأحدث الفارق خلال دور المجموعات.صورة من: Themba Hadebe/AP Photo/picture alliance
بحصيلته المتمثلة في فوزين وتعادل، ضمن المنتخب المغربي تأهله إلى الدور ثمن النهائي ، وفي الوقت ذاته بعث رسالة قوية لبقية المنافسين مفادها أن مواجهة "أسود الأطلس” لن تكون مهمة سهلة.
دفاعيًا، قدم المنتخب مستويات كبيرة، بفضل تألق الحارس ياسين بونو، وثنائي قلب الدفاع نايف أكرد وجواد الياميق، الذين شكلوا سدًا منيعًا أمام هجمات الخصوم. وتؤكد الأرقام ذلك، إذ لم تستقبل الشباك المغربية سوى هدف وحيد، جاء من ركلة جزاء في مباراة مالي.
هجوميًا، سجل المنتخب المغربي 6 أهداف، بمعدل هدفين في كل مباراة، ليُصنف كأحد أقوى الخطوط الهجومية في البطولة، إن لم يكن الأفضل. ويعود ذلك إلى تألق النجم إبراهيم دياز، موهبة ريال مدريد، الذي شكل إضافة نوعية وأحدث الفارق خلال دور المجموعات.
كما لا يمكن إغفال دور أيوب الكعبي، المتخصص الجديد في التسجيل من ضربات مقصية، والذي فرض جاهزيته وأبقى المنافسة مفتوحة مع كل من سفيان رحيمي ويوسف النصيري.
المباراة الثالثة أمام منتخب زامبيا شهدت أيضًا عودة نجم باريس سان جيرمان، وقائد المنتخب، وصاحب الكرة الذهبية الأفريقية أشرف حكيمي . عودة القائد منحت زملاءه دفعة معنوية كبيرة، وزادت من حماس الجماهير في المدرجات.
كما أن مشاركة حكيمي تبعث الأمل في تحسين أداء الفريق خلال الأدوار المقبلة، لما يمثله من قوة هجومية ودفاعية، وهو ما من شأنه تعزيز حظوظ المنتخب المغربي في الذهاب بعيدًا في هذه النسخة من كأس أمم أفريقيا.
المصدر:
DW