الجزائرالٱن_ في خبر أثار الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، تم تداول تقارير تفيد بنيّة مالي وقف صادراتها نحو الجزائر. بالطبع، لا يتحدث الخبر عن منتجات استراتيجية تؤثر بشكل حقيقي في الاقتصاد الجزائري، بل عن تلك السلع التي بالكاد يمكن اعتبارها جزءًا من “تجارة المقايضة” بين البلدين. لكن هذه القصة جعلت العديد من الجزائريين يتوقفون للحظة ويسألون: هل حقًا توقفت شحنات الجلود؟ هل أصلاً كانت هناك حاجة حقيقية لتلك السلع؟
يبدو أن هذه الفقاعات الإعلامية قد استقطبت الانتباه أكثر من أي شيء آخر، إذ تُظهر المعطيات أن حجم صادرات مالي إلى الجزائر لا يتجاوز 100 مليون دينار جزائري في السنة، وهو ما يعادل بالكاد شحنة واحدة من البطاطا أو تمور الجنوب الجزائري، أو ربما أقل من ذلك. المنتجات التي يتم تداولها في إطار المقايضة بين الجارتين تشمل بضائع بسيطة مثل التمور، الخضراوات البدائية، الحرف اليدوية، وجلود المواشي – وهي مواد لا تشكل عنصرًا حاسمًا في سير الاقتصاد الجزائري.
وبينما تداول الخبر على نطاق واسع، ظل كثير من الجزائريين يتساءلون: ماذا يمكن أن نخسر إذا توقفت تلك الصادرات؟ فالجزائر لا تعتمد على هذه “السلع المهددة” لإبقاء عجلة اقتصادها دائمة الدوران. بل حتى هذه التجارة الصغيرة بين البلدين كانت تُديرها المقايضة، وليس المال المباشر. وبالتالي، وقفها لن يكون له التأثير الكبير الذي قد يتوقعه البعض.
وقد تكفل الكثير من الجزائريين عبر منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات ساخرة على هذا الموضوع. أحدهم قال: “هل قاموا بتجميد تصدير الجلود؟ هل توقف تدفق الطماطم؟ يبدو أنهم ينسون أننا لا ننتظر تلك الشحنات!” آخر أضاف: “إذا كانت مالي جادة في هذه التهديدات، فليستمروا. نحن نبحث عن مشاريع أخرى أكثر نفعًا من جلودهم”.
أمّا في الاتجاه الآخر، فقد اعتبر البعض أن هذا “التهديد المالي” ليس سوى محاولة لجذب الانتباه في خضم أزمة اقتصادية داخلية، فقد تكون مالي تسعى لتحريك الرأي العام بوسيلة مبتكرة، لكنها اختارت الطريق الخطأ. المقايضة بين الجزائر ومالي هي أكثر من مجرد تبادل السلع، فهي ترتكز على المساعدات الإنسانية البسيطة والتعاون في مجال الحرف اليدوية. فهل هذه هي الأوراق التي يمكن لمالي اللعب بها ضد الجزائر؟
الحقيقة أن الجزائر، التي تبني علاقاتها التجارية على أسس أقوى وأوسع مع الشركاء العالميين والإقليميين، لن تتأثر كثيرًا بهذا النوع من التصريحات. فالجزائر، التي تخطو بخطى ثابتة نحو تقوية اقتصادها الوطني عبر مشاريع ضخمة في مجالات الطاقة والبنية التحتية، ليس لديها الكثير لتخسره من هذا “الوقف المزعوم”.
في النهاية، إذا كان الخبر المتداول يمكن أن يتجسد على أرض الواقع، فإنّ الجزائر ستظل مبتسمة، مستمرة في تنمية اقتصادها وتوسيع شراكاتها مع الدول التي تراهن على القوة الاقتصادية الحقيقية، وليس المقايضة في “جلود” أو “تمور”. والأهم من ذلك، الجزائر ستظل متفائلة، حتى لو توقفت شحنات المقايضة التي لا تتعدى كونها جزءًا من تجارة رمزية بين البلدين.