حطم الذهب مستوى 4000 دولار للأوقية (الأونصة) اليوم الأربعاء مسجلا أعلى مستوى على الإطلاق مدفوعا بسعي المستثمرين إلى الملاذ الآمن في ظل الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية المتصاعدة، إلى جانب توقع إقدام الاحتياطي الاتحادي الأميركي ( البنك المركزي الأميركي) على مزيد من تخفيضات الفائدة.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 1.28% إلى 4038.71 دولارا، بعد أن بلغ مستوى 4039 دولارا خلال تعاملات اليوم وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.37% إلى 4059.30 دولارا بعدما سجّلت 4060.20 دولارا قبل قليل.
ويعتبر الذهب عادة مخزنا للقيمة في أوقات عدم الاستقرار، وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 52% منذ بداية العام بعد صعوده 27% في عام 2024.
وأدت مجموعة من العوامل مثل
زيادة مشتريات البنوك المركزية وتجدد الاهتمام بصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب وتراجع الدولار وقوة الطلب من الأفراد إلى تعزيز صعود المعدن الأصفر.
ودخل الإغلاق الحكومي الأميركي يومه الـ7 أمس الثلاثاء، وأدى إلى تأجيل إصدار مؤشرات اقتصادية رئيسية، مما أجبر المستثمرين على الاعتماد على البيانات الثانوية غير الحكومية لتوقع توقيت ومدى خفض أسعار الفائدة.
ويتوقع المستثمرون الآن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي هذا الشهر، وخفضا إضافيا بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبالإضافة إلى ذلك، عززت الاضطرابات السياسية في فرنسا واليابان الطلب على المعدن الأصفر الذي يعد ملاذا آمنا.
يقول مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية، وليد فقهاء للجزيرة نت إن الذهب ارتفع بنحو 50% منذ بداية العام.
وأرجع وليد فقهاء ذلك إلى:
من جانبه، يقول الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات بشركة فورتريس للاستثمار، مصطفى فهمي للجزيرة نت إن ثمة أسباب عديدة دفعت الذهب إلى مستوياته القياسية.
وعزا هذا الارتفاع الكبير إلى
حيث انتشر مؤخرا داخل الاقتصادات المتقدمة وتحديدا السوقين الأميركي والأوروبي ما يعرف بـ "بيع العملات الورقية" سواء الدولار أو اليورو بعد أن أصبحتا مصدر عدم ثقة لما تحمله من ديون وتحديات اقتصادية داخل اقتصاداتها، وكان البديل هو اللجوء إلى الذهب. وثمة بيانات اقتصادية تظهر أن الاقتصاد الأميركي دخل بالفعل في ركود تضخمي.
كما أن المبالغة في تقييمات الأسهم -يضيف فهمي- جعلت المستثمرين في حالة شكوك وحيطة من الانخفاضات المقبلة في البورصات، خاصة السوق الأميركية مستقبلا.
فضلا عن أن ارتفاع أسعار السندات -لا سيما السندات اليابانية- قد يسحب السيولة من الأسواق الأخرى ويهدد استقرار الاقتصاد العالمي وسوق الدين بشكل عام.
وفي بريطانيا ثمة توقعات الشهر المقبل بحدوث أزمات اقتصادية ستكون طاردة للاستثمار إثر سياسات الحكومة المالية، التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تغيرات سياسية وصعود اليمين.
– أسباب جيوسياسية: ويتعلق الأمر بالتوترات القائمة بين روسيا و حلف الناتو مع احتمال تصعيدها، والتلميح بتصعيد عسكري بين إسرائيل وإيران الفترة المقبلة، بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة .
يقول المحلل مصطفى فهمي: إن سعر الذهب ارتفع أمام مجموعة واسعة من العملات داخل اقتصادات كل عملة على حدة وذلك خلال الشهر الماضي:
يتوقع مدير الاستثمار في شركة الأهلي للوساطة المالية وليد فقهاء، أن تحدث عمليات جني أرباح مما يجعل الذهب يختبر مستويات 3750 دولارا مجددا، لكنه أشار إلى أن معظم البنوك المركزية والبنوك التجارية الكبرى تتوقع وصول الذهب إلى مستوى 4400 دولار في العام الحالي.
ويشير إلى أن المستويات الحالية مخيفة للمستثمرين الأفراد لا سيما في حال حدوث عمليات جني أرباح على عكس البنوك المركزية التي يمكن أن تشتري عند هذا المستوى.
أما مصطفى فهمي فتوقع استمرار الزخم والطلب على الذهب من قبل الأفراد والبنوك المركزيه، مع احتمالات بلوغ الذهب لمستويات تتجاوز 5 آلاف دولار في الفترة المقبلة بشرط بقاء العوامل الأساسية التي ذُكرت آنفا.
ورفع بنك غولدمان ساكس يوم الاثنين الماضي توقعاته لسعر الذهب في ديسمبر/كانون الأول 2026 إلى 4900 دولار للأوقية، بدلا من 4300 دولار.
وكان بنك غولدمان ساكس قد توقع أن يرتفع سعر الذهب إلى حوالي 5 آلاف دولار للأونصة إذا تضرر استقلال الاحتياطي الاتحادي الأميركي (المركزي الأميركي)، وحوّل المستثمرون جزءا صغيرا فقط من حيازاتهم من سندات الخزانة إلى سبائك الذهب.
وعلى المدى البعيد تتوقع مؤسسة لايت فاينانس أن يتراوح سعر الذهب بين 4812 دولارا و6546 دولارا للأونصة بين عامي 2027 و2030.
كما توقع تقرير ل رونالد بيتر ستوفرل ومارك جيه فاليك، مديرَي الصناديق في شركة إدارة الأصول إنكرمنتو أن يصل سعر الذهب إلى 8900 دولار بحلول عام 2030، بناء على توقعات التضخم والسياسات النقدية.