آخر الأخبار

حضرموت على فوهة بركان .. السيناريو الأخطر لتصعيد النفوذ وصراع الوكلاء

شارك

هذا المشهد لا يُعدو كونه فصلاً مباشراً في صراع النفوذ الجيوسياسي بين القوتين الرئيسيتين في التحالف "المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة"، حيث تحولت حضرموت، بثرواتها النفطية وموقعها الاستراتيجي، إلى ساحة لتصفية حسابات الوكلاء، مما يهدد بنسف السلم الاجتماعي الهش وتعميق المعاناة الإنسانية والاقتصادية للسكان.

وشهدت الأيام الأخيرة تصعيداً ميدانياً ملموساً يؤكد انتقال الأزمة إلى مرحلة حافة الهاوية، حيث قام المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم بشكل أساسي من أبو ظبي، بدفع تعزيزات عسكرية ضخمة من محافظات أخرى باتجاه حضرموت، وقد جاء هذا التحشيد مصحوباً بتهديدات صريحة، حيث لوّح قيادات عسكرية للانتقالي، مثل أبو علي الحضرمي، بفرض القوة ورفض أي تمدد لحلف القبائل أو فرض نفوذ منافس، في إشارة إلى أن مشروع سيطرة الانتقالي على المحافظة غير قابل للتفاوض.

في المقابل، رد حلف قبائل حضرموت، الذي يتمتع بغطاء ودعم سياسي من الرياض، على هذه التحركات بعقد اجتماعات قبلية عاجلة وموسعة، مع دعوات صريحة للتعبئة والنفير لمواجهة أي محاولة لفرض الأمر الواقع بالقوة، حيث تتلخص مطالبه بحق تقرير المصير والإدارة الذاتية ورفض التبعية في إطار المشروع الإماراتي، في حين لا يمانع من الانضواء تحت المظلة السعودية، التي تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة الشرقية لليمن ومنع السيطرة الإماراتية المطلقة عبر المجلس الانتقالي في هذه المناطق.

ويؤكد المحللون أن هذا التحشيد الميداني المتبادل، من شأنه أن يُلغي أي فرصة لاحتواء هذا التوتر عبر الحلول السياسية، ويجعل احتمالية التصادم العسكري أمراً وشيكاً، مؤكدين أن الخلافات المحلية بين الانتقالي من جهة، وحلف قبائل حضرموت من جهة أخرى، هي مجرد مظاهر لصراع أعمق بين الأجندات الإقليمية، حيث تتلخص الأهداف السعودية- وفق المحللين- في فرض سيطرتها على محافظة حضرموت وغيرها من المحافظات الشرقية لليمن، وفقا لمخططات وأطماع خاصة بها، في حين تخشى من تمدد كيان (كالانتقالي) يهدد بتحول الجنوب اليمني إلى نفوذ أحادي، ومن هنا جاء دعمها لحلف قبائل حضرموت يهدف إلى إيجاد مكون سياسي محلي يرفض التبعية المطلقة ويعمل على إدارة شؤون المحافظة دون خضوع تام لأجندة الانفصال المدعومة إماراتياً.

أما الأجندة الإماراتية، فتبدو واضحة من خلال مساعي أبو ظبي لإنجاح مشروع الانفصال عبر استخدام المجلس الانتقالي الجنوبي، وضمان تبعية الجنوب اليمني في حال نجح مشروع الانفصالـ وبالتالي تعزيز أطماعها الإقليمية والسيطرة على الموانئ الاستراتيجية، حيث تعتبر حضرموت بساحلها وثرواتها مفتاحاً حاسماً لهذا المشروع.

ويشير المحللون إلى أن هذا التنافس والسباق المدفوع بالأطماع الاستراتيجية والاقتصادية، وصراع السيطرة والنفوذ بين كل من أبوظبي والرياض، كان هو السبب في إنشاء الفصيلين المحليين وتحويلهما إلى أدوات تنفيذية لهذه الأجندات الخارجية، والتي لا يمكن أن تتفق مع مصلحة المحافظة، التي لم تكن يوماً ضمن دائرة الصراع قبل تدخل التحالف.

وفي ضوء معطيات الواقع والأحداث، فإن الكلفة الحقيقية لأي مواجهة عسكرية وشيكة، لن تُدفع من قبل القوى الإقليمية، بل من قبل المجتمع الحضرمي نفسه، حيث أن أول ما ستخسره هذه المحافظة المسالمة على مدى تاريخها، هو ما عرفت به وعاشته من سلم اجتماعي، كان مبنياً على هيكل اجتماعي وقبلي متماسك، فيما الصراع المسلح يفرض الاصطفاف القسري على القبائل والمكونات الاجتماعية، مما يهدد بتفكيك هذا النسيج الاجتماعي، ما يعني أن أي اقتتال داخلي سيقسّم حضرموت، ويورث الأجيال القادمة عداءً داخلياً لن يخدم سوى مصالح القوى الخارجية الراغبة في الإضعاف والسيطرة.

وبما أن الثروات الطبيعية وخاصة النفطية والمعدنية في حضرموت هي المحفز الحقيقي لهذا الصراع، فإن أي اندلاع للقتال سيؤدي حتماً إلى حالة من عدم الاستقرار، وتقاسم السيطرة على مناطق الثروات التي ستتحول إلى نهب للقوى المسيطرة، وبالأحرى للقوى الخارجية الداعمة لها، حيث تغدو المعادلة هي أنه مادامت القوى الخارجية تستهدف هذه الثروات، فإن المواجهة العسكرية هي وسيلة لتقسيم الكعكة، فيما يظل المواطن خارج دائرة هذا التقاسم، ما يعني مزيدا من التردي للأوضاع الإنسانية والمعيشية والخدمية للمواطن.

ويؤكد المحللون أن أي صراع وشيك بين حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي الجنوبي يمثل تضحية بالمصلحة الوطنية والمحلية من أجل تلبية أجندات المشغلين الخارجيين، مضيفين أن على الأطراف المحلية أن تدرك أن استمرار حالة الاضطراب وعدم الاستقرار، مهما كان المنتصر، سيُبقي حضرموت مجرد ورقة مساومة في يد قوى إقليمية، بينما يغرق السكان في المزيد من الفقر والمعاناة.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا