وفي طل الانهيار الاقتصادي المستمر والمتسارع، والذي يعد أبرز مظاهره استمرار تهاوي قيمة العملة إلى أدنى المستويات وبنسبة وصلت حتى الآن إلى 1000%، مقارنة بما كانت عليه قيمتها في أوائل العام 2015، عند بدء السعودية شن الحرب في اليمن، فإن المعاناة تتفاقم بشكل مستمر، ويصبح تأمين رغيف الخبر مهمة صعبة لدى ملايين من السكان، ناهيك عن بقية الاحتياجات والمتطلبات الضرورية للحياة.
وفيما لا يزال هذا الانهيار مستمرا، ويقابله بالضرورة تضاؤل مستوى دخل الفرد، وبالتالي عجز المواطن عن تأمين الضروري من المتطلبات الحياتية له ولأسرته، فبمقارنة بسيطة بين تلك المتطلبات وبين رواتب الموظفين في القطاعين الحكومي والخاص، فإنها في المتوسط لم تعد تتجاوز ما يعادل الـ 40 دولارا، وهو ما يعني انعدام أي وجه للمقارنة، وانكشاف حجم الفجوة بين طرفي المقارنة، بما يجسد عمق المعاناة التي بات يواجهها السكان في هذه المحافظات.
ولا تتوقف مشكلة المواطن في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية عند الانهيار المتواصل لقيمة العملة، بل تتعدى ذلك لتطال جميع الجوانب الاقتصادية والخدمية وعلى رأسها الكهرباء التي باتت تمثل كابوسا مزمنا للمواطن، وخاصة مع دخول فصل الصيف، ويتعاظم هذا الكابوس وهذه المعاناة مع حلول شهر رمضان المبارك، والذي يصادف منذ أعوام دخول فصل الصيف وخاصة وأن تلك المحافظات، بحكم موقعها الجغرافي، ترتفع فيها درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، الأمر الذي يزيد من معاناة المواطنين ويشكل خطرا كبيرا على حياة المرضى وكبار السن والأطفال.
ومع استمرار الانهيار الاقتصادي والخدمي وانعكاساته الخطيرة على حياة ملايين السكان، يتواصل تجاهل الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، ومن ورائهم التحالف السعودي الإماراتي، لهذا الوضع الكارثي الذي وصلت إليه الحياة في مناطق سيطرتهم، رغم أنه ليس وضعا طارئا، بل امتدار لسنوات من التردي والانحدار الاقتصادي والخدمي، لم يقابل بأي حلول من قبل التحالف والأطراف الموالية له، والتي تمثل قوام السلطة في هذه المحافظات.
وفي واقع صارت تلك هي الملامح الأبرز لصورته الأكثر بشاعة في تأريخ اليمن الحديث، فإن حالة الفساد ونهب الموارد، هي العنوان الأبرز لعمل السلطات المسيطرة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الأطراف الموالية للتحالف، فيما تقبع القضايا المتعلقة بحياة المواطن في خانة المهمل، وخارج أي اهتمام لهذه السلطات، وهو ما ينذر بانفجار الوضع قريبا، خاصة وأن السخط الشعبي قد بلغ مداه ضد الحكومة بجميع أطرافها ومكوناتها ومن ورائها دول التحالف الداعمة لها، وهو ما أظهرته التحركات الاحتجاجية التي شهدتها عدن وغيرها من المحافظات خلال الأشهر الماضة، والتي كان آخرها الأسبوع الماضي.