يشير التقرير إلى أن الحادث الأخير يكشف عن خطورة متزايدة تواجهها حاملات الطائرات الأمريكية، خصوصاً في المياه الضيقة والمكتظة بالسفن الصغيرة، وهو ما يطرح تساؤلات حول الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر والخليج العربي.
ـ العيب القاتل في استراتيجيات البحرية الأمريكية:
التقرير يشير إلى أن الحادث الذي وقع في قناة السويس يظهر العيب الحقيقي في نشر حاملات الطائرات بالقرب من مناطق بحرية مكتظة.
ففي الحادث الذي وقع مع السفينة البنمية، كانت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" في المياه بالقرب من ممر ضيق حيث تكدست السفن التجارية، ما جعلها عرضة للاصطدام.
وعلى الرغم من أن الحاملة كانت في وضعية تأهب، إلا أن السفينة التجارية لم تشكل تهديدًا فوريًا في أعين طاقم حاملة الطائرات، ما أدى إلى الاصطدام بالجزء العلوي من الحاملة.
وتعكس هذه الحادثة حقيقة أن القوات البحرية الأمريكية قد تواجه صعوبة في تأمين حماية كاملة لأسطولها في مثل هذه المناطق البحرية المزدحمة. إذ أن الحاملات الضخمة قد تتعرض لخطر التصادم مع السفن الصغيرة أو السفن التجارية التي لا تملك الوعي العسكري أو الإجراءات الوقائية نفسها.
التهديدات المحيطة بالحاملات الأمريكية في المياه الضيقة:
ينقل التقرير عن تحليلات أخرى أن الجماعات المسلحة في المنطقة يدركون تمامًا أهمية تطوير صواريخ مضادة للسفن. هذه الجماعات قد تستهدف هذه الحاملات الضخمة في أي مواجهة مع الولايات المتحدة، حيث تعتبر حاملات الطائرات بمثابة رمز للقوة العسكرية الأمريكية. وتعتبر هذه الأسلحة أحد التهديدات الرئيسية التي يمكن أن تواجهها الحاملات الأمريكية، خصوصًا في المضائق البحرية مثل مضيق هرمز.
وفي الوقت نفسه، تقوم البحرية الإيرانية بتدريبات مكثفة على تنفيذ هجمات جماعية ضد السفن الحربية الأمريكية، حيث تدربت البحرية الإيرانية على تقنيات الهجوم المركب ضد سفن كبيرة مثل حاملات الطائرات الأمريكية في المناطق الضيقة التي تحتوي على حركة بحرية كثيفة.
ومن الواضح أن هذا الوعي الاستراتيجي قد يعزز من قدرات هذه الجهات على تنفيذ هجمات صاروخية موجهة ضد السفن الحربية.
ـ هل حاملة الطائرات هي الخيار الأنسب في عصر الحرب غير التقليدية؟:
يشير تقرير ناشيونال إنترست إلى أن حادثة "هاري إس ترومان" يجب أن تكون بمثابة تحذير حيوي للقوات البحرية الأمريكية بخصوص الاعتماد المفرط على حاملات الطائرات كأداة أساسية في استعراض القوة في المناطق البحرية المتنازع عليها.
ففي عصر الحرب غير التقليدية، حيث تتزايد تهديدات الأسلحة الموجهة والاختراقات العسكرية الدقيقة، قد لا تكون حاملات الطائرات هي الحل الأمثل لإظهار القوة البحرية في المياه الضيقة.
وبدلاً من ذلك، يقترح التقرير أن الغواصات، وخاصة تلك الموجهة بالصواريخ، قد تكون الخيار الأفضل لإبراز القوة في مثل هذه الظروف. فالغواصات يمكن أن تقدم إخفاءً تامًا وحماية أكبر ضد الهجمات المعادية، فضلاً عن قدرتها على القيام بهجمات استراتيجية بعيدة المدى.
ـ التحديات المستقبلية في الحفاظ على الهيبة العسكرية الأمريكية:
إحدى الرسائل الأساسية التي ينقلها التقرير هي ضرورة التكيف مع التحديات الحديثة في مجال القوة البحرية. فالعصر الحالي يتطلب أكثر من مجرد نشر الأسطول التقليدي من حاملات الطائرات في المياه الاستراتيجية.
مع تزايد التهديدات من قبل قوات صنعاء والصواريخ الموجهة، يجب على الولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجياتها العسكرية واختيار البدائل الأكثر فعالية في العصر الحديث.
ـ خاتمة:
تشير حادثة الاصطدام بين حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" وسفينة تجارية بنمية إلى ثغرة خطيرة في استراتيجيات البحرية الأمريكية، خاصة في المياه الضيقة والمزدحمة.
ومع تزايد التهديدات من قبل أطراف مثل إيران وحزب الله والحوثيين، يجب على الولايات المتحدة النظر في تعزيز استراتيجياتها العسكرية والتوجه نحو حلول أكثر فعالية، مثل استخدام الغواصات الموجهة بالصواريخ، كبديل لحاملات الطائرات في مناطق النزاع البحري.
- عبدالرزاق علي / عرب جورنال -