قضت المحكمة المدنية في دبي بإلزام مركز طبي بدفع مليون و500 ألف درهم تعويضاً لمريضة، بعد ثبوت ارتكاب خطأ طبي جسيم تمثل في تشخيص خاطئ وعلاج غير مبرر بجرعات عالية من الكورتيزون، ما تسبب لها بهشاشة في العظام وكسور إجهادية في مفصل الورك، وذلك استناداً إلى تقرير لجنة المسؤولية الطبية بهيئة الصحة في دبي.
وتفصيلاً، أقامت مريضة دعوى قضائية ضد مركز طبي خاص مطالبة بإلزامه بسداد تعويض قدره ثلاثة ملايين درهم، والفائدة القانونية 5% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد، نتيجة الأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت بها إثر تشخيص طبي خاطئ.
وأوضحت المدعية أنها راجعت أحد الأطباء العاملين في المركز، لتقييم نتائج فحوصها الأولية التي أشارت إلى إصابتها بالتهاب في العصب البصري، غير أن الطبيب شخّص حالتها على نحو خاطئ بأنها مصابة بمرض «الوهن العضلي الوبيل»، وبدأ بعلاجها بجرعات مرتفعة من عقار (الكورتيزون) وصلت إلى 50 ملغ يومياً لمدة خمسة أيام، ثم استمر في صرف الدواء بجرعات عالية لفترة طويلة دون مبرر طبي.
وقالت المدعية إن هذا الإجراء أدى إلى تدهور حالتها الصحية وظهور آلام حادة وهشاشة عظام، لتكتشف لاحقاً - لدى طبيب عظام آخر - وجود كسر إجهادي في مفصل الورك ناتج عن الاستخدام المفرط لذلك العقار.
وعلى إثر ذلك، تقدمت بشكوى رسمية إلى هيئة الصحة في دبي ضد الطبيب والمركز.
وأثبت تقرير لجنة المسؤولية الطبية أن الطبيب ارتكب خطأ مهنياً، تمثل في الجهل بالأمور الفنية المفترض الإلمام بها لكل من يمارس المهنة في التخصص ذاته، مشيراً إلى أنه «تجاهل نتائج الفحوص التي نفت إصابتها بالوهن العضلي، واستمر في وصف جرعات عالية من الكورتيزون دون مبرر أو مراقبة للآثار الجانبية، ما تسبب لها بأضرار صحية جسيمة».
وأضاف التقرير أن الطبيب لم يأخذ بنصائح استشاريي الأعصاب الذين أوصوا بخفض الجرعات، ولم يجرِ مراجعة لتشخيصه على الرغم من تدهور حالة المريضة، مؤكداً أن الخطأ ثابت بنسبة 100%.
وخلال جلسات المحاكمة، طالبت الجهة المدعى عليها بإعادة إحالة الدعوى إلى لجنة المسؤولية الطبية لمراجعة التقرير، مستندة إلى أحكام اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم (4) لسنة 2016 بشأن المسؤولية الطبية، إلا أن المحكمة رفضت الطلب لعدم جدواه بعدما ثبت أن التقرير نهائي وغير قابل للطعن.
ولم تتقدم الجهة المدعى عليها بأي تظلم منه أمام اللجنة العليا المختصة.
وفي حيثيات حكمها، أوضحت المحكمة أن تقرير لجنة المسؤولية الطبية يُعد رأياً فنياً نهائياً يحسم مسألة وجود الخطأ الطبي من عدمه، وأن نفي الجهة المدعى عليها للخطأ لا يُجدي بعد ثبوت الإهمال والجهل بالأصول الفنية.
وأشارت إلى أن الطبيب ارتكب خطأ أثناء تأدية وظيفته وتحت إشراف المركز الطبي، ما يجعل مسؤولية المركز قائمة بصفته متبوعاً عن أفعال تابعه، وفق نص المادة 313 من قانون المعاملات المدنية.
وأكدت المحكمة أن علاقة التبعية قائمة بين الطبيب والمركز، وأن الخطأ وقع أثناء مزاولة العمل الطبي، ما يجعل المركز مسؤولاً بالتضامن عن التعويض، موضحة أن مسؤولية المتبوع تقوم ولو لم يكن حاضراً أو مشرفاً وقت وقوع الخطأ، طالما أن الفعل ارتُكب أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها.
وبناءً على ما ثبت في الأوراق والتقارير الطبية، رأت المحكمة أن ما لحق بالمدعية من ضرر جسدي ونفسي يستوجب التعويض.
وقدرت المبلغ المستحق بمليون و500 ألف درهم كتعويض شامل عن الأضرار المادية والأدبية، إلى جانب فائدة تأخيرية بنسبة 5% سنوياً اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى تمام السداد.
كما ألزمت المحكمة المركز الطبي برسوم الدعوى ومصاريفها ومبلغ ألفي درهم أتعاب محاماة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
• تقرير لجنة المسؤولية الطبية أثبت أن الطبيب ارتكب خطأ مهنياً، تمثل في الجهل بالأمور الفنية المفترض الإلمام بها لكل من يمارس المهنة في التخصص ذاته.