حذّر أطباء من الـ«تريندات» الصحية التي تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي حول ما يُعرف بـ«الأغذية الخارقة»، وادّعاء قدرتها على علاج بعض الأمراض المزمنة، محذرين من خطورة انسياق المرضى وراء هذه المفاهيم والمصطلحات التجارية المضللة، وتوقفهم عن تناول أدويتهم الطبية الموصوفة، واعتبارها بديلاً عن العلاج الطبي.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن بعض الأطعمة يُصوَّر على أنه «الحل السحري» و«العلاج المعجزة»، على الرغم من أن الأبحاث الطبية تُجمع على أن الأطعمة لا تُغني عن العلاجات الدوائية.
وكشفوا عن رصد حالات لمرضى تدهورت صحتهم بعد الاستعاضة عن أدويتهم بما يُعرف بالأغذية الخارقة، حيث توقف بعضهم عن أدوية الكوليسترول وضغط الدم بعد الاعتماد على الثوم الأسود أو مكملات عشبية، ما أدى إلى ارتفاع غير مضبوط في المؤشرات الحيوية، وتسبب في نوبات قلبية لدى بعضهم، كما سجلت حالات لمرضى سكري اعتمدوا على الحنظل أو القرفة، ما أدى إلى اضطرابات خطرة في مستويات السكر، فضلاً عن مرضى ضغط دم توقفوا عن أدويتهم وتناولوا الثوم فقط، فتعرضوا لارتفاعات حادة في الضغط كادت تودي بحياتهم.
الوقاية من الأمراض
وتفصيلاً، أكد الطبيب العام، الدكتور وحيد أحمد فياض، أن مصطلح «الأغذية الخارقة» يُستخدم غالباً للدلالة على أطعمة غنية بالعناصر الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة والدهون الصحية، التي قد تسهم في دعم الصحة العامة، مشدداً على عدم وجود طعام قادر بمفرده على الوقاية من الأمراض، مؤكداً أن الصحة لا تتحقق إلا عبر نظام غذائي متوازن ونمط حياة صحي شامل.
وقال إن من أبرز الأطعمة التي يتم الترويج لها الأفوكادو وبذور الشيا، والثوم والكركم أو الزنجبيل، وأنها يمكن أن تسهم في الوقاية من بعض الأمراض إذا تم تناولها ضمن نظام غذائي متوازن، مثل النظام الغذائي المتوسطي الذي يركز على الخضراوات والحبوب الكاملة والمكسرات والأسماك وزيت الزيتون، مؤكداً أن النمط الغذائي المتكامل أهم من الاعتماد على أي «غذاء خارق» بمفرده.
وحذّر من مخاطر الإفراط في تناول هذه الأطعمة أو استخدامها بشكل غير مدروس، موضحاً أن الأفوكادو عالي السعرات، وقد يؤدي الإفراط فيه إلى زيادة الوزن، وأن تناول الثوم بكميات كبيرة قد يسبب اضطرابات في المعدة، وبذور الشيا قد تسبب انسداداً أو مشكلات هضمية إذا تم تناولها جافة من دون كمية كافية من الماء، كما أن المكملات مثل الكركم أو الزنجبيل قد تتداخل مع أدوية سيولة الدم إذا استُخدمت بجرعات عالية ودون استشارة طبية.
ولفت إلى أن الانجذاب لفكرة وجود «غذاء سحري» يعود إلى ميل الناس للحلول السهلة، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تُضخّم فكرة «العلاج المعجزة»، ما يدفع البعض إلى تصديق أن بعض الأطعمة يمكن أن تُغني عن الأدوية أو تغيّر المسار العلاجي. وشدّد على أن الغذاء لا يمكن أن يكون بديلاً عن الأدوية الموصوفة من الأطباء، داعياً إلى التركيز على تبني أنماط غذائية متوازنة وليس على أطعمة فردية يتم الترويج لها بشكل مبالغ فيه.
وكشف عن رصد حالات مرضية تضررت نتيجة الاعتماد المفرط على هذه الأغذية وترك الأدوية.
وقال: «واجهنا مرضى يعانون ارتفاع ضغط الدم توقفوا عن تناول أدويتهم بعد الاعتماد على الثوم فقط، ما أدى إلى ارتفاع ضغطهم لمستويات خطرة. وفي حالات أخرى، اعتمد بعض مرضى السكري على الحنظل أو القرفة بدلاً من الأدوية الموصوفة، ما تسبب في ارتفاع غير مضبوط للسكر وحدوث مضاعفات صحية خطرة».
التدخلات الغذائية
أكدت أخصائية الطب الباطني، الدكتورة فرح كتانة، أنه لا يمكن لأي نوع من الطعام، مهما بلغت فوائده الغذائية، أن يُعوّض العلاج الدوائي أو يُغني عنه، مشيرة إلى أن «التدخلات الغذائية مكملة للعلاجات الطبية، وليست بديلاً عنها».
وأوضحت أن «الأغذية الصحية تلعب دوراً مهماً في الوقاية من الأمراض، وتخفيف عوامل الخطورة، ودعم إدارة بعض الحالات المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والسمنة، إلا أن الأدلة العلمية تُجمع على أن الاعتماد الحصري على الغذاء دون تدخل طبي لا يضمن السيطرة على المرض، وقد يؤدي إلى مضاعفات خطرة»، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تدهور في الحالة الصحية، وفقدان السيطرة على المرض، وظهور مضاعفات حادة قد تهدد الحياة، مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
ولفتت إلى أنها صادفت حالات متعددة لمرضى تدهورت حالتهم الصحية بسبب توقفهم عن تناول أدويتهم، واعتمادهم على ما يُعرف بالأغذية الخارقة بديلاً عن العلاج الطبي.
وذكرت أن بعضهم توقف عن أدوية الكوليسترول وضغط الدم بعد اتباع نصائح غير علمية تتعلق بتناول الثوم أو مكملات طبيعية، ما أدى إلى ارتفاع غير مضبوط في ضغط الدم أو الكوليسترول، وتسبب في بعض الحالات بحدوث نوبات قلبية.
وبيّنت أن دور الطبيب لا يقتصر على تشجيع المريض على نمط غذائي صحي، بل يتوجب عليه أيضاً توضيح أن الدواء الموصوف جزء أساسي من خطة العلاج، وأن الاستغناء عنه ممارسة غير آمنة ولا تستند إلى دليل علمي موثوق.
وأشارت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في تضخيم هذه المفاهيم الخاطئة، وبعض المؤثرين غير المتخصصين ينشرون محتوى صحياً مضللاً يظهر بمظهر الحل السريع أو «العلاج السحري»، ما يُسهم في تشويه وعي الناس بشأن مفهوم العلاج الغذائي والطبي.
الأمراض المزمنة
وأكدت أخصائية التغذية في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، حنان راشد اليماحي، أن ما يُعرف بـ«الأغذية الخارقة»، يُعد «تريند» تجارياً لا أساس له من الصحة العلمية، ويُستخدم لأغراض تسويقية وترويجية بحتة.
وقالت إن بعض الأفراد يروّجون لمنتجات غذائية على أنها قادرة على علاج الأمراض، ما يؤدي إلى نتائج خطرة، أبرزها توقف البعض عن تناول أدويتهم الطبية المعتمدة، بحجة أنها «طبيعية» و«أفضل من الأدوية المصنعة»، وهو أمر غير دقيق، ومضرّ بالصحة.
وأضافت أن الأفوكادو يتم الترويج له بأنه يخفض ضغط الدم والكوليسترول ويحسن الهضم، ما دفع بعض الأشخاص إلى التوقف عن تناول أدوية الضغط والكوليسترول، وهو تصرف خطأ ويؤدي إلى مضاعفات صحية، مشيرة إلى أن الثوم، خصوصاً «الأسود»، يتم الترويج له كمضاد أكسدة ووسيلة للوقاية من السرطان، ما شجع بعض المرضى على التوقف عن أدويتهم والاكتفاء بتناوله، الأمر الذي أدى إلى تدهور حالتهم الصحية.
وأشارت إلى أن بذور الشيا، على الرغم من فوائدها في دعم خسارة الوزن، لا يمكن اعتبارها بديلاً عن نظام غذائي متوازن أو ممارسة الرياضة، كما لا يصح استخدامها بشكل يومي دون إشراف طبي أو اتباع أسلوب حياة صحي، محذرة من المبالغة في الاعتماد عليها أو الاستغناء عن الأدوية.
وأوضحت أن شاي الماتشا، الذي يُروَّج له بكثرة، يحتوي على نسبة عالية من الكافيين، وقد يؤدي الإفراط في تناوله – بمعدل أربع إلى خمس مرات يومياً - إلى مضاعفات خطرة، منها زيادة معدل ضربات القلب، شارحة أن شاي الماتشا لا يناسب أصحاب الأمراض المزمنة، خصوصاً المصابين بأمراض القلب، وقد يُشكل خطراً على الأطفال في طور النمو.
ولفتت إلى ضرورة تنويع الأطعمة في النظام الغذائي، محذرة من الاعتماد على نوع أو نوعين فقط من الأطعمة، لأن الجسم بحاجة إلى مجموعة متكاملة من البروتينات، والفيتامينات، والكربوهيدرات، والدهون الصحية ليعمل بشكل سليم.
وكشفت عن حالة مريض توقف عن تناول دواء الضغط بعد اتباع نصيحة بالتوجه إلى منتج عشبي بديل، ما تسبب له في هبوط حاد في ضغط الدم، مشيرة إلى أن مثل هذه الحالات ليست نادرة، وهي نتيجة مباشرة للانخداع بالترويج غير المدروس. وحذّرت بشدة من ترك الأدوية والاعتماد على الأعشاب أو المنتجات الشعبية التي قد لا تكون آمنة، موضحة أن «فائدتها قد لا تتجاوز 1% بينما قد تضرّ بنسبة تصل إلى 99%».
ودعت إلى أخذ المعلومات الطبية من مصادر معتمدة، ومن الأطباء المختصين فقط، وليس من المجالس أو وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن ما قد يفيد شخصاً قد يضرّ بآخر، بحسب الحالة الصحية لكل فرد.
الـ «سوبر فود».. وسيلة تسويقية
أفاد أطباء وخبراء تغذية بأن خرافة الغذاء الخارق أو الـ«سوبر فود» تتمحور حول فكرة وجود أطعمة معينة تمتلك قدرات علاجية أو وقائية استثنائية، يمكن الاعتماد عليها، أو الاكتفاء بها، لتلافي زيارة الطبيب.
وذكروا أنه في الحقيقة لا تعريف علمياً لهذا المصطلح، الذي تعتبره صناعة الأغذية «وسيلة تسويقية لزيادة المبيعات».
وقالوا: «أما الأطعمة التي تُصنف على أنها خارقة، فقد تكون صحية وغنية بالمغذيات، لكنها ليست بدائل لأطعمة أخرى، أو لتناول الأدوية في حال وجود مرض».
والحل الأمثل - وفقاً للأطباء وخبراء التغذية - هو اتباع نظام غذائي متنوّع ومتوازن يشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، إلى جانب ممارسة الرياضة، لتحقيق أفضل النتائج الصحية.
ولا ينفي ذلك أن بعض «الأطعمة» غنية بالفيتامينات والمعادن، لكن ادعاء قدرتها على منع الأمراض، أو علاجها، هي ادعاءات غير دقيقة، تتوارى خلفها أغراض تجارية. ويؤكد خبراء تغذية أن «هذه الأطعمة مفيدة كجزء من نظام غذائي متوازن وشامل، وليست حلولاً سحرية أو بدائل لنمط حياة صحي».
أمّا الخيار الأفضل، فاتباع نظام غذائي متوازن، بدلاً من التركيز على نوع معين من الأطعمة، ويُنصح باتباع نظام غذائي متنوّع يشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات الصحية.
وقد تكون الأطعمة مثل التوت والكينوا والسبيرولينا مفيدة، لكنها لا تقدم كل ما يحتاج إليه الجسم.
وحتى مع تناول الأطعمة التي تُصنف على أنها خارقة، فإن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ضرورية للحفاظ على صحة الجسم والوقاية من الأمراض.
• 6 مضاعفات صحية خطرة لـ«الأغذية الخارقة».. أبرزها زيادة الوزن واضطرابات المعدة والانسدادات الهضمية.