تثير برامج التقوية الدراسية خلال إجازة الصيف جدلاً بين أولياء الأمور والطلبة، إذ يراها الآباء فرصة لتعزيز التحصيل، فيما يعتبرها أبناء عبئاً إضافياً يسرق وقت الراحة والترفيه منهم.
وأكد ذوو طلبة لـ«الإمارات اليوم» أن برامج التقوية الصيفية تُعد فرصة لتعزيز التحصيل الأكاديمي، خصوصاً للطلبة الذين قد يواجهون صعوبات تعليمية، معتبرين إياها تمهيداً لبداية دراسية أكثر ثباتاً وبلا تعثر.
في المقابل، رفض عدد من الأبناء تلك البرامج، معتبرين إياها انتقاصاً من وقت الراحة والاستجمام في العطلة الصيفية، ومشككين في جدواها الفعلية.
وحذّر متخصصون في الصحة النفسية من تحميل الطلبة برامج مكثفة خلال الإجازة، إذ يضر بتوازنهم النفسي ويزيد من الضغط، ما لم تُصمَّم بأسلوب مرن ومدروس.
اهتمام مضاعف
وتفصيلاً، أبدى أولياء الأمور ممن لديهم أطفال في رياض الأطفال وطلبة في الصف الـ12 اهتماماً مضاعفاً ببرامج التقوية الصيفية، فالفئة الأولى يرون فيها فرصة لتأسيس أبنائهم مبكراً على المهارات اللغوية والمعرفية، بما يُهيئهم لبيئة الصفوف الدراسية، أما الفئة الثانية فيعتبرونها جسراً أكاديمياً ضرورياً يربط أبناءهم بمحطة التعليم الجامعي، ووسيلة لمعالجة الفاقد التعليمي استعداداً لعام حاسم يحدّد ملامح المستقبل الأكاديمي.
وقال ولي الأمر إيهاب زيادة لـ«الإمارات اليوم»: «لديّ ابنان، أحدهما في الصف الـ12 والآخر في الصف التاسع، وحرصت على تسجيلهما في برامج تقوية خلال الإجازة الصيفية لضمان استعدادهما الجيد للعام الدراسي المقبل، خصوصاً أن مرحلة الثانوية تتطلب تركيزاً عالياً، أعلم أن الأمر قد يكون مرهقاً أحياناً، وأعتقد بأن استثمار جزء من الإجازة في المذاكرة يعزز الثقة بالنفس ويقلل من التوتر لاحقاً».
وقالت ولية الأمر منال فؤاد: «لدي طفلان سيلتحقان برياض الأطفال مع بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026، وقد أشركت طفليَّ في برنامج صيفي تعليمي يؤهلهما نفسياً وأكاديمياً للمرحلة الجديدة، وأنا لا أبحث عن تحصيل دراسي بقدر ما أسعى إلى تهيئتهما بيئياً واجتماعياً، وتعويدهما على الأجواء الصفية بطريقة مرنة ومحببة».
واتفقت معهما في الرأي منى مراد، ولية أمر طالبة في الصف السابع، التي سجلت ابنتها في برنامج تقوية بالرياضيات لمدة خمسة أسابيع لتحسين مستواها، مؤكدة أن النتائج مشجعة حتى الآن، ولفتت إلى أن الصيف يمثل فرصة لتعويض الفاقد التعليمي، وتمكين الأبناء معرفياً وعلمياً في العام الدراسي الجديد.
استراحة
وقال الطالب عمرو محمد، في الصف الـ١٠، إنه لا يفضّل الالتحاق ببرامج التقوية خلال الإجازة الصيفية، مؤكداً أن العطلة هي الوقت الوحيد للراحة بعد عام دراسي طويل ومملوء بالاختبارات، وأضاف: «نشعر بأننا لا نحصل على استراحة حقيقية، وكأننا ننتقل من مدرسة إلى أخرى دون توقف»، مشيراً إلى أن البرامج غالباً ما تفتقر إلى الأساليب الترفيهية أو التحفيزية.
أما الطالبة جنى سمير، في الصف الثامن، ترى أن برامج التقوية تُكرر المنهج نفسه الذي تدرسه طوال العام، دون إضافة محتوى جديد أو تقديمه بطريقة ممتعة. وقالت: «أشعر بالملل وعدم الدافعية، وأرى أن الإجازة يجب أن تُستثمر في أنشطة فنية أو مهارية تنمّي الجوانب الشخصية، لا أن تتحوّل إلى استكمال للدروس والواجبات».
وقال الطالب فهد آل علي، الذي يدرس في الصف الـ12، إنه شارك سابقاً في أحد برامج التقوية الصيفية لكنه لم يجد فيها فائدة حقيقية، موضحاً أن الأسلوب المتّبع فيها شبيه تماماً بالحصة الدراسية التقليدية، من دون تجديد أو تفاعل، وأضاف: «أشعر بأن الإجازة الصيفية يجب أن تكون فرصة لاكتشاف مواهبنا وتعلّم أشياء جديدة خارج المنهج، وليس تكراراً للروتين الدراسي نفسه».
مهارات داعمة
من جانبها، قالت مديرة أحد مراكز التقوية التعليمية، شيماء عبدالله: «شهدنا هذا الصيف إقبالاً جيداً من الطلبة، خصوصاً في المراحل التأسيسية والثانوية، حيث يركّز كثير من أولياء الأمور على دعم أبنائهم في مواد أساسية كالرياضيات، والفيزياء، واللغة الإنجليزية»، وأضافت أن البرامج لا تقتصر على الجانب الأكاديمي فقط، بل تشمل أيضاً مهارات داعمة مثل تنظيم الوقت، والتفكير المنطقي، وحل المشكلات، ما يمنح الطالب أدوات فعّالة تعزز من ثقته وقدرته على التعامل مع التحديات الدراسية في العام الجديد.
جدوى مراكز التقوية
بدورها، رأت المستشارة التربوية، علياء الشامسي، أن جدوى مراكز التقوية الصيفية تظل مشروطة بتصميم البرامج وجودة تنفيذها، موضحة أن الفعالية لا تُقاس بزمن التنفيذ فقط، بل بطريقة تقديم المحتوى ومدى ملاءمته لاحتياجات الطلبة وبيئتهم النفسية والتعليمية.
وشددت على أن نجاح برامج التقوية يعتمد على التفاعل والمراجعة الذكية، لا على الحشو والتلقين، وأضافت: «بعض المراكز تكرّر النمط التقليدي للتدريس المدرسي، ما يفقد البرنامج جدواه، أما البرنامج الفعّال، فيفترض أن يكون محفزاً، يتضمن ألعاباً ذهنية، وتقييماً مستمراً، وتغذية راجعة فردية تساعد الطالب على التطور الحقيقي».
صحة نفسية
من جانبها، حذّرت أخصائية الصحة النفسية هنا أحمد، من تحميل الطلبة برامج دراسية مكثفة خلال الإجازة الصيفية، مشيرة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى اختلال توازنهم النفسي والعاطفي، وأكدت أن «الصيف يجب أن يُقسّم بذكاء بين التعلم، والراحة، والترفيه، لضمان تجديد الطاقة النفسية والذهنية لدى الطلبة».
وأضافت: «بعض الأسر تجهل أهمية الانفصال المؤقت عن أجواء الدراسة، فتغمر أبناءها ببرامج أكاديمية متواصلة، ما يفاقم شعورهم بالضغط والإجهاد»، ودعت إلى تصميم برامج مرنة تُراعي احتياجات الطلبة النفسية، لا أن تتحوّل الإجازة إلى نسخة مطوّلة من العام الدراسي.
ذوو طلبة:
• برامج التقوية تعزّز التحصيل وتُمهد لبداية دراسية مستقرة.
طلبة:
• دروس الصيف الإضافية تنتقص من راحتنا.
شيماء عبدالله:
• تعزيز قدرات الطلاب على مواجهة تحديات الدراسة.
هنا أحمد:
• أسر تُغرق أبناءها ببرامج أكاديمية، وتُهمل حاجتهم إلى الراحة.