بمشاعر متناقضة بين الفرح والحزن، تجمعت عشرات العائلات الفلسطينية أمام قصر رام الله الثقافي في انتظار أبنائها الذين أفرجت عنهم السلطات الإسرائيلية ضمن صفقة تبادل الرهائن والسجناء والمعتقلين الأخيرة. استقبل مئات الفلسطينيين حافلات الصليب الأحمر التي تقل السجناء الفلسطينيين في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
المشهد كان متناقضاً. عناق بين المفرج عنهم وعائلاتهم بعد عودتهم إلى الضفة الغربية، ودموع ذرفتها عائلات أخرى، بعد أن علمت أن أبناءها أُبعدوا إلى قطاع غزة ومصر.
على أحد المقاعد في ساحة الانتظار جلست ابتسام عمران، شقيقة السجين محمد عمران، وقد أنهكها الانتظار. سقطت على الأرض من شدة التعب والانفعال، فحملها الحاضرون وساعدوها بالجلوس على كرسي. لم تتمالك دموعها وهي تقول بصوت متقطع: "انتظرت حتى آخر أسير نزل من الحافلة، لكنني لم أره... بحثت عنه بين الناس، وقال لي أحد المفرج عنهم إنه رآه، لكنه لا يعرف أين نُقل. كنت أظنه سيصل إلى الضفة، هكذا وعدني في مكالمته الأخيرة من داخل السجن، لكنه اختفى... لا أعلم إلى أين أخذوه".
تحت وطأة هذا المشهد، بدا واضحاً أن الفرح ناقص، فمن بين 250 سجيناً شملتهم الصفقة، أُبعد 154 إلى غزة ومصر، بينما أُفرج عن 88 فقط ليعودوا إلى الضفة الغربية، وعاد 9 آخرون إلى غزة.
الحرية جاءت مثقلة بالخوف والقلق، إذ يتجنب كثير من السجناء الحديث علناً. يقول سامي الفتيلة، الذي أمضى أكثر من 20 عاماً في السجن بحكم المؤبد: "الأوضاع داخل السجون كانت قاسية جداً، لكن لا أستطيع أن أتكلم عنها... الشاباك هددنا بإعادة اعتقالنا إن تحدثنا".
أما فيصل خليفة، الذي قضى 10 أعوام من حكمه البالغ 25 عاماً، فيصف آخر أيامه في الأسر بأنها كانت "أصعب ثلاثة أيام في حياته".
"قيدونا وضربونا بجنون، تركونا تحت الشمس 12 ساعة، كل فترة يأتي السجانون ليهينونا ويشتموا أمهاتنا، منعونا من الأكل والشرب وحتى دخول الحمام... أرادوا أن يسلبونا فرحة الحرية قبل أن تبدأ".
وبدأت ظهر الإثنين حافلات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر بنقل السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم من سجن عوفر غربي مدينة رام الله، في طريقها إلى المدينة نفسها. وأفاد شهود عيان بأن قوات إسرائيلية دخلت محيط السجن أثناء عملية النقل، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق عشرات الفلسطينيين الذين تجمعوا في المنطقة بانتظار خروج ذويهم.
أعلن نادي الأسير الفلسطيني أن السلطات الإسرائيلية قررت الإفراج عن عدد من السجناء الفلسطينيين ضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مؤخرًا لإنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن من بين المفرج عنهم 250 سجيناً محكوماً بالسجن المؤبد، وعدداً آخر من السجناء المحكومين بأحكامٍ عالية أو المتوقع الحكم عليهم بالمؤبد، إضافةً إلى 1,718 معتقلاً من قطاع غزة اعتُقلوا بعد اندلاع الحرب.
وأوضح نادي السجين في بيانٍ صدر اليوم أن هذه الصفقة تُعد الثالثة منذ بداية الحرب، حيث أُفرج في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عن 240 سجيناً على عدة دفعات، وفي شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من العام الحالي جرى الإفراج عن 1,777 سجيناً على مراحل متتالية، ليصل بذلك إجمالي من أُطلق سراحهم في الصفقات الثلاث إلى 3,985 سجيناً من مختلف الفئات.
ضمن صفقة تبادل رهائن والسجناء بين إسرائيل وحماس، تمّ الإفراج عن سجناء ومعتقلين فلسطينيين ومن بينهم 154 من الذين سيتم إبعادهم إلى دول ثالثة بدلاً من العودة إلى الضفة الغربية أو غزة.