عقد مجلس إدارة البنك المركزي التونسي اجتماعًا يوم 30 ديسمبر 2025، خُصّص للنظر في التطورات الأخيرة للوضعين الاقتصادي والمالي، على الصعيدين الدولي والوطني، إضافة إلى متابعة تطور التضخم وآفاقه.
على المستوى الدولي، أظهر الاقتصاد العالمي خلال سنة 2025 قدرة ملحوظة على الصمود في مواجهة عديد الصدمات، ولا سيما تلك الناجمة عن تشديد السياسات الحمائية واستمرار التوترات الجيوسياسية. وقد ساهم في دعم هذه المرونة تراجع واضح في الضغوط المسلّطة على الأسعار العالمية للمواد الأولية، وخاصة الطاقة، إلى جانب تيسير ملحوظ للأوضاع المالية الدولية.
أما على الصعيد الوطني، فقد بلغ معدل النمو الاقتصادي 2,4% خلال الثلاثي الثالث من سنة 2025، مقابل 3,2% في الثلاثي السابق. وباستثناء القطاع الفلاحي، لم تتجاوز نسبة النمو 1,5% مقابل 2,6% في الثلاثي الماضي. ويعكس هذا التطور ضعف أداء بعض القطاعات الأساسية، ولا سيما قطاع الطاقة وصناعات النسيج والملابس والجلود.
و في ما يتعلق بالقطاع الخارجي، تفاقم العجز التجاري (FOB-CAF) ليبلغ 20.168 مليون دينار خلال الأحد عشر شهرًا الأولى من سنة 2025، مقابل 16.758 مليون دينار خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، وذلك نتيجة الارتفاع الملحوظ للواردات. في المقابل، ساهم الأداء الجيد لمداخيل الشغل والعائدات السياحية في الحدّ من تفاقم العجز الجاري، الذي استقر في حدود 4.188 مليون دينار، أي ما يعادل 2,4% من الناتج الداخلي الخام مع نهاية نوفمبر 2025، مقابل 1.841 مليون دينار و1,2% من الناتج الداخلي الخام قبل سنة.
و بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية 25,5 مليار دينار، بما يغطي 108 أيام توريد، وذلك بتاريخ 29 ديسمبر 2025، مقابل 25,8 مليار دينار و116 يوم توريد قبل سنة. كما واصل الدينار التونسي إظهار قدر من الصمود في سوق الصرف، مسجّلًا تحسنًا مقابل الدولار الأمريكي، مقابل تعديل معتدل أمام اليورو.
وفي ما يخص أسعار الاستهلاك، تواصل المسار التنازلي للتضخم خلال الأشهر الأخيرة، وإن بوتيرة بطيئة نسبيًا. وقد استقر معدل التضخم عند 4,9% في نوفمبر 2025. ويُعزى هذا التطور أساسًا إلى التراجع الملحوظ في تضخم المواد ذات الأسعار المؤطّرة، في ظل استمرار تجميد أغلب المنتجات والخدمات المعنية، إضافة إلى انخفاض نسبي في تضخم المواد الغذائية الطازجة، الذي تراجع إلى 11,1% في نوفمبر 2025 مقابل 12% خلال الشهر السابق.
في المقابل، واصل التضخم الأساسي، أي «باستثناء المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطّرة»، مساره التصاعدي التدريجي ليبلغ 4,7% في نوفمبر 2025، مقابل 4,5% قبل شهر.
وبالنظر إلى المعطيات المسجّلة، يُتوقع أن يبلغ معدل التضخم في المعدل السنوي لسنة 2025 نحو 5,4%، مقابل 7% خلال سنة 2024.
وعلى ضوء مجمل هذه التطورات، قرر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي خفض نسبة الفائدة المديرية بـ50 نقطة أساس، لتستقر عند مستوى 7%.
وأكد مجلس الإدارة أنه سيواصل متابعة تطورات آفاق التضخم والمخاطر المحيطة بالاستقرار الاقتصادي الكلي عن كثب، مع استعداده التام لتعديل توجه السياسة النقدية، عند الاقتضاء، بالشكل الملائم.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
المصدر:
الرقمية