آخر الأخبار

اليمن : لا سودان ثانٍ… محمد بن سلمان يوقف اندفاع محمد بن زايد و يقصف أسلحة وُجّهت إلى الانفصاليين

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

حين كان على الحكومة اليمنية، ذات الغالبية السنية، أن تواجه تمردًا واحدًا فقط تمثل في جماعة الحوثيين الشيعية، كانت المملكة العربية السعودية و«شقيقها الأصغر» الإمارات العربية المتحدة تقفان صفًا واحدًا لدعم السلطة القائمة.

غير أن الصراعات في العالم العربي، للأسف، غالبًا ما تُدار على أساس طائفي. فقد مضت الرياض وأبو ظبي بعيدًا في القصف المكثف لكل ما استطاعتا استهدافه، ما حوّل الحرب الطويلة في اليمن إلى أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.

لكن تعقيدات المشهد اليمني ازدادت. فإلى جانب المواجهة مع الحوثيين، باتت الحكومة تواجه خصمًا داخليًا يتمثل في «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وهو طرف يُعدّ رسميًا جزءًا من السلطة التنفيذية. وهنا تحديدًا افترقت طرق السعوديين والإماراتيين.

اختار الحليفان الجاران معسكرين مختلفين: الرياض حافظت على ولائها للحكومة اليمنية، في حين غيّرت أبو ظبي بوصلتها واتجهت نحو دعم الانفصاليين. فهل انقلب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على حلفه القديم، وراهن على المستقبل بوضع «بيضه في سلة أخرى»؟ وعلى أي أساس يقدم على مقامرة من هذا النوع، وهو يعلم أنه قد يُقصى من البلاد إذا أخطأ في حساباته؟ يبقى ذلك لغزًا.

المؤكد أن أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية لم تكن بحاجة إلى كارثة جديدة، مع اندلاع جبهة إضافية منذ مطلع شهر ديسمبر الجاري. والمؤكد أيضًا أن الإمارات العربية المتحدة تحولت من دولة تدور في فلك السعودية، تطيعها إلى حدّ بعيد، إلى لاعب إقليمي يمتلك قدرة حقيقية على إرباك محيطه. وقد ظهر ذلك جليًا في السودان، من خلال تزويد «قوات الدعم السريع» بالأسلحة، كما بدا واضحًا في مواجهتها غير المباشرة مع الجزائر.

و إلى جانب قطر، بات على الرياض أن تراقب «يدها اليمنى» أبو ظبي، وهو سيناريو لم يكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتوقعه. فقد وجّهت المملكة، يوم الثلاثاء 30 ديسمبر، اتهامًا مباشرًا إلى الإمارات العربية المتحدة، معتبرة أنها تنتهج سلوكًا «بالغ الخطورة» في اليمن. وأعلنت أن الجيش السعودي دمّر شحنة أسلحة قادمة من أبو ظبي، كانت في طريقها إلى الانفصاليين، الذين تمكنوا من السيطرة على مناطق شاسعة من البلاد دون قتال.

و يحلم الانفصاليون بإعادة إقامة دولة في جنوب اليمن، حيث وُجدت «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» بشكل مستقل بين عامي 1967 و1990. غير أن أحدًا لا يعتقد أن دوافع هؤلاء ديمقراطية بالفعل، فمثل هذه القيم نادرة في العالم العربي. بل تحرّكهم، في الواقع، مصالح من نوع آخر. وكانت السعودية قد أمرت المجلس الانتقالي الجنوبي بالانسحاب من المناطق التي يسيطر عليها، لكنه لم يمتثل.

و على إثر ذلك، وفي الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، شنّ التحالف العسكري الذي تقوده الرياض غارات على ميناء المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.

و استهدفت الضربات طواقم سفينتين «عطّلتا أنظمة التتبع الخاصة بهما، وقامتا بتفريغ كميات كبيرة من الأسلحة والمركبات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

و بحسب المصدر ذاته، كانت السفينتان قد أبحرتا من ميناء الفجيرة، على الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة. ولم تسفر هذه «العملية العسكرية المحدودة» عن سقوط ضحايا. وأفاد مسؤول في الميناء، فضّل عدم الكشف عن هويته، بأنه تلقى اتصالًا يطالبه بإخلاء المكان قرابة الساعة الرابعة فجرًا (01:00 بتوقيت غرينتش)، «قبل الضربة بربع ساعة». كما قامت السلطات بإغلاق الطرق المؤدية إلى الميناء.

و عقب الغارات، صعّدت وزارة الخارجية السعودية من لهجتها، متهمة الإمارات بأنها «دفعت» الانفصاليين إلى تنفيذ عمليات عسكرية على الحدود الجنوبية للمملكة.

و اعتبرت الرياض أن هذه الإجراءات، الصادرة عن «دولة شقيقة»، «بالغة الخطورة» و«تشكل تهديدًا لأمن» السعودية والمنطقة، مؤكدة أنها «لن تتردد في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل… تحييد» هذا الخطر المحدق.

كما شددت المملكة على ضرورة أن تسحب أبو ظبي قواتها من اليمن «في غضون 24 ساعة»، وأن توقف «كل أشكال الدعم العسكري أو المالي لأي طرف». وفي المقابل، أعلن المجلس الرئاسي اليمني حالة الطوارئ، وقرّر رسميًا إلغاء اتفاق دفاعي كان مبرمًا مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

هل تكفي هذه المواقف الحازمة لتهدئة اندفاع محمد بن زايد وإعادته إلى جادة العقل؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة. لكن المؤكد أن الوجه الجديد للإمارات، بطموحاته غير المقيدة بأي اعتبارات أخلاقية أو قيمية، بات مصدر قلق حقيقي للجوار وللعالم بأسره.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا