فضيحة مدوية وسياسة أجور تمييزية، والأدهى أنها صادرة عن صانع سيارات عالمي عريق هو «فيات» الإيطالية. تبدأ القصة بخبر إيجابي: طراز حديث، هو فيات غراندي باندا، يحظى بإقبال واسع إلى حدّ أن الشركة الأم ستيلانتيس اضطرت إلى توظيف عمال أجانب من عدة دول لتلبية الطلب المرتفع. وكان الجزائريون والمغاربة من بين العمال الذين جرى استقطابهم…
حتى هذه المرحلة، يبدو كل شيء على ما يرام. لكن الأمور تأخذ منحى مقلقًا عندما يتعلق الأمر بالأجور. إذ تُوجَّه إلى الشركة الإيطالية اتهامات بالتمييز في رواتب العمال الأجانب داخل مصنعها في كراغوييفاتس بصربيا، حيث يتقاضى العمال الإيطاليون أجورًا أعلى بكثير من غيرهم، تصل في بعض الحالات إلى ثلاثة أضعاف.
خلف النجاح الذي حققته «غراندي باندا» منذ طرحها في الأسواق، في أوروبا وخارجها، تكمن هذه الحقيقة القاتمة. فعندما لجأ العملاق الصناعي الفرنسي–الإيطالي–الأمريكي إلى تشغيل عمال أجانب من خارج الاتحاد الأوروبي لتعزيز فرق العمل في ورشات التجميع، لم يُخبِرهم بما ينتظرهم. اعتقد هؤلاء أنهم يشاركون في مغامرة صناعية كبرى في خدمة مجموعة عالمية، لكن الواقع جاء مخيبًا للآمال.
و تشير أصابع الاتهام أساسًا إلى وحدة كراغوييفاتس الصربية، كما كشف ذلك موقع Auto News المتخصص في عدد 15 ديسمبر 2025. فعلى خطوط تجميع «فيات غراندي باندا»، لا يوجد أي اختلاف في طبيعة المهام: الإيطاليون، الصرب، المغاربة، الجزائريون والنيباليون يؤدون العمل نفسه. غير أن الأجور تختلف تبعًا للجنسية…
و قال جوفاني، وهو عامل إيطالي موفد مؤقتًا إلى صربيا، في تصريح نقلته صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية: «كل شخص يتقاضى أجره بحسب بلد منشئه، من 600 إلى أكثر من 2000 يورو». وعمليًا، يحتفظ العمال الإيطاليون بعقودهم الوطنية، مع رواتب قد تتجاوز 2000 يورو بفضل علاوات العمل الليلي والساعات الإضافية.
أما عمال الدول الأخرى، فلا يمكنهم قول الشيء نفسه؛ فهؤلاء، ومعظمهم من الشباب قليلي الخبرة، يتقاضون بين 600 و800 يورو شهريًا. صحيح أن سيرهم الذاتية ليست زاخرة بالتجربة، لكن ذلك ليس معيارًا في هذا الموقع، إذ إن العمل الذي يؤدونه مطابق تمامًا لما يقوم به العمال الإيطاليون…
و يعرب العامل الإيطالي نفسه عن أسفه لهذه «الوضعية المحزنة» التي يعيشها زملاؤه الأجانب، مؤكدًا أنهم يؤدون العمل ذاته. وأضاف: «هذا بالتأكيد غير عادل».
و في وقت يشهد فيه السوق ازدهارًا لافتًا مدفوعًا بوتيرة عمل محمومة، يؤكد Auto News أن «خلف كل سيارة فيات غراندي باندا يتم إنتاجها، تختبئ حقيقة تفاوتات صارخة في الأجور»، مشددًا على أن سياسة ستيلانتيس «تكشف عن إشكال هيكلي عميق».
فماذا عن المبدأ العالمي: «أجر متساوٍ مقابل عمل متساوٍ»؟
و يبقى السؤال مطروحًا بانتظار ردّ الشركة الأم لـ«فيات» على موجة الغضب التي ستثيرها حتمًا هذه اللا مساواة في معاملة الموظفين.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
المصدر:
الرقمية